في تدوينة مطوّلة، شرح الكاتب والناشط السياسي الليبي محمد بعيو ، مشكلة الضعف الإعلامي للجيش الليبي وقيادته العامة رغم "مهامه الإستثنائية وتنظيمه الوجيستي والمكاني " في إدارة أزمة درنة والدعم الدولي المتدفق.
وشدّد بعيّو على أن "الضعف الواضح في الأداء الإعلامي والتواصلي للقيادة العامة في الداخل والخارج، والذي ينعكس سلباً على مخرجاتها الإعلامية والتواصلية، رغم الإنفاق المالي الكبير الذي لا أدري أين يطير، مادام ضعيف الوجود قليل التأثير، ولا يُنبئك في مقام الإعلام مِثلُ خبير."
وفي ذات السياق تحدّث محمّد بعيو عن الحضور الأمريكي بمبعوثه "قائد ما يسمى قوات الأفريكوم" مايكل لانجلي، موضحا تفاصيل الزيارة وخباياها. معرّجا على زيارة المشير خليفة حفتر إلى روسيا وما تم إثارته من ضجة حولها حيث قال بعيو أنه فور وصول خليفة حفتر إلى روسيا "تعالت الإحتجاجات والتحذيرات الأمريكية الرسمية والإعلامية وتحركت جوقة الإعلام الأوروبي الليبرالي المزعوم، والعربي العملائي المعلوم، محذرةً ومنددة ومنذرة، وارتفعت أصوات ليبية متحشرجة {لا قيمة لها في الواقع، ولا مكانة لها لا في العير ولا في النفير}، تهاجم وتشوه وتكذب".
وفي مايلي نص التدوينة كاملا:
بينما لا نزال نعيش ونعاني نكبة درنة وجوارها، ودول كثيرة ترسل مشكورةً قوافل طائراته تحمل إلينا الدعم المادي بجميع أنواعه، ويقوم الجيش الوطني الليبي بقيادة (المشير خليفة حفتر)، وعلى أكمل وجه ممكن، بمهامه الإستثنائية في التنظيم اللوجستي والمكاني للدعم الدولي المتدفق، ولفرق الإنقاذ العربية والأجنبية، والمساندة الواجبة بجميع مجالاتها لأهلنا المنكوبين في درنة والجبل الأخضر، نتفاجأ بأميركا بايدن ترسل إلينا الجنرال (مايكل لانجلي) قائد ما يسمى قوات الأفريكوم {القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا} والإسم يغنينا عن الشرح، صحبة السفير الأمريكي غير المقيم في لــيـبـيــا سفير التكوليس والتدحنيس وتجنيد وتشغيل كل عميل ليبي رخيص السيد (ريتشارد نورلاند).
حضر الأمريكيان الجنرال العسكري والسفير المدني إلى بنغازي، على متن طائرة عسكرية حملت بضعة أطنان معونات الإنسانية، قيمتها لا تبلغ مليون دولار من أميركا أغنى دول العالم، لا تعادل واحد إلى ألف من دعم دول شقيقة وصديقة، بعضها تعاني من الفقر الإقتصادي، لكنها تمتلك الثراء الإنساني، وكانت مهمة المبعوثين الزائرين الأساسية هي اللقاء بالقائد العام للجيش الليبي (المشير خليفة حفتر)، لكن دوائر البنتاغون والخارجية المراوغة قررت أن تغطية الزيارة بالمرور عبر طرابلس، واللقاء الشكلي بـعبدالحميد الدبيبة، كي لا يقال إن أميركا تدخل لــيـبـيــا من بوابة بنغازي والرجمة، وهذا بالتأكيد لا يقلل من قيمة بنغازي ولا من أهمية الرجمة بل يزيدهما عزاً ومقاما.
لا معلومات دقيقة عندي عن مواضيع أو تفاصيل ما دار في اللقاء بين المشير والجنرال والسفير، لكن قراءتي للإعلان الأمريكي المختصر والمُقتضب جداً والغامض عن اللقاء، وتأسيساً على ما أملكه من معطيات موضوعية سابقة وحالية، وقراءة أزعم أنها دقيقة للتعامل الأميركي مع بلادي المتجاهل والمتعالي والمتعجرف في ظل إدارة بايدن الديمقراطية، المغيبة تماماً عن حقائق ما يجري في لـيـبـيــا وما أذاعته وكتبته ونشرته وسائل إعلام مختلفة، تابعة للسياسة الأمريكية أو محسوبة عليها، وبعضها يمتلكه شكلياً ويديره عرب وليبيون عملاء سابقون وحاليون لأميركا، وكذلك وسائل إعلام أوروبية، أكاد أُجزم ولا أزعم أن سبب الزيارة الأساسي وإن كانت بغطاء إنساني، هو تحذير القائد العام أو إبلاغه على الأقل مخاوف الولايات المتحدة {وهي صيغة مبطّنة لتهديدات شبه معلنة} من تواجد الفاغنر، ومن التواصل العسكري الروسي مع القيادة العامة، التي كان أعلاها مستوى الزيارتان المعلنتان إلى بنغازي من نائب وزير الدفاع الروسي الجنرال (يونس بيك يفكيروف)، خلال شهرٍ واحد، وربما لتحذير المشير من القيام بزيارة إلى موسكو كان يجري الترتيب لها، بموجب دعوة رسمية للرجل الأكثر تأثيراً وأهمية في الحالة الليبية.
ما أن وصل المشير حفتر إلى موسكو الأسبوع الماضي، في زيارة عمل وحوار اختتمها بلقاء الرئيس (فلاديمير بوتين)، حتى تعالت الإحتجاجات والتحذيرات الأمريكية الرسمية والإعلامية وتحركت جوقة الإعلام الأوروبي الليبرالي المزعوم، والعربي العملائي المعلوم، محذرةً ومنددة ومنذرة، وارتفعت أصوات ليبية متحشرجة {لا قيمة لها في الواقع، ولا مكانة لها لا في العير ولا في النفير}، تهاجم وتشوه وتكذب، ويقدم بعضهم نفسه زوراً للرأي العام الليبي وكأنهم مستشارين كبار لأميركا، التي لا تقيم لهم وزناً ولا تسمع لهم رِكزا.
ليس من السياسة ولا من الحكمة الطلب إلى القائد العام للجيش الليبي أن يتحدى أميركا ويواجهها، وهو بالتأكيد لن يفعل ذلك، فذلك انتحار ليس شخصي بالضرورة، لكن للمشروع الوطني السيادي المنشود، الساعي لبناء الدولة وتحرير الوطن، والذي تمثل فيه القيادة العامة للقوات المسلحة ركناً أساسياً، لكن ليس من الوطنية ولا من الكرامة ولا من الليبية الحقيقية، إعلان الخضوع التام للغرب الذي دمر الدولة الليبية، والذي منع ويمنع الشعب الليبي من بناء دولته، واستعادة حقه أن يكون حيث يستحق بين شعوب ودول العالم وأن يكون صاحب السلطة والمصدر الأول والوحيد للشرعية منحاً ومنعاً.
ليس بالضرورة أن كل ما يُقلق الخارج يقلقنا أو يقض مضاجعنا، فنحن الليبيون تجاوزنا منذ سنوات حالة القلق والأرق وقض المضاجع، إلى حالة تجعلنا نعاني ونعيش الموت ونحن أحياء، وفقدنا الأمن والأمان وقيمة وكرامة الإنسان، ولن نستعيدها جميعها إلاّ بوحدة الصف الوطني، واللقاء على محجة الوطن البيضاء، ونبذ الذيول والعملاء.
بقي لي في هذا المقال والمقام ملاحظةٌ أساسية لابد أن تصل إلى القائد العام تتعلق بالضعف الواضح في الأداء الإعلامي والتواصلي للقيادة العامة في الداخل والخارج، والذي ينعكس سلباً على مخرجاتها الإعلامية والتواصلية، رغم الإنفاق المالي الكبير الذي لا أدري أين يطير، مادام ضعيف الوجود قليل التأثير، ولا يُنبئك في مقام الإعلام مِثلُ خبير.