سلط الكاتب الصحفي محمد بعيو، الضوء على مؤتمر برلين حول ليبيا ونتائجه، والذي انعقد أمس الأحد في ألمانيا بمشاركة 11 دولة إضافة إلى منظمات دولية عدة.
وقال بعيو، في ورقة تحليلية بعنوان (بـعـد بـرلـيـن..لـــيـبـيـــا إلــى أيــن)، "ليس بعيداً عمّا توقعتُه قبل يومين في مقالي (بـرلـيـن رايـح جـاي)، جاءت نتائج اجتماع قمة وشبه قمة برلين، بشأن لـــيـبـيـــا الذي عُقد اليوم. فبعد لقاءات ثنائية استغرقت فترة الصباح، انعقدت الجلسة العامة فترة المساء، ولعدة ساعات، تمخضت عنها صورة جماعية للمشاركين من رؤساء ووزراء، لم يظهر فيها المدعوان الليبيان السيد الرئيس فائز السراج، والمشير خليفة حفتر، أعقبها مؤتمر صحفي، افتتحته المستشارة الألمانية (أنغيلا ميركل) بتقديم إحاطة عن الاجتماع ونتائجه، وكان أبرز من تحدثوا فيه الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنتونيو غوتيرش، والسيد غسان سلامة، رئيس بعثة الدعم الأممية في لـــيـبـيـــا، وممثل الأمين العام".
وتابع بعيو، "أهم نتائج اجتماع بـرلـيـن، التأكيد على توقيع اتفاق موسكو لوقف إطلاق النار، وإيجاد آلية 5-5 لتثبيت الهدنة الهشة، حيث يختار كل من الطرفين الليبيين المتحاربين 5 ضباط يمثلونه في هذه المهمة الصعبة، وهو مقترح سابق من السيد غسان سلامة سبق ووافقت عليه حكومة الوفاق، وامتنع عنه السيد حفتر، الذي يبدو أنه وافق في بـرلـيـن على هذه الآلية، مثلما وافق على توقيع الاتفاق المعلق منذ نحو أسبوع في موسكو. ورغم تأكيد اجتماع بـرلـيـن على أهمية التطبيق الحازم لحظر تزويد أطراف الصراع في لـــيـبـيـــا بالسلاح، إلا أن هذا الأمر في تقديري لن يجد طريقه للتنفيذ الفعلي، فلا أحد باستثناء أردوغان يعترف علناً بخرقه لهذا الحظر، الذي تخرقه روسيا وفرنسا والإمارات ومصر وقطر، وربما دول أخرى، عدا تجار وسماسرة السلاح حول العالم، الذين تراهم وتعرفهم مخابرات العالم يبيعون لمن يدفع ثمن الموت الليبي"، بحسب تعبيره.
وأضاف، "وإذا كان تثبيت الوقف الحالي لإيقاف إطلاق النار، ومحاولة تحويله إلى هدنة طويلة، يتم خلالها الدخول في المسار السياسي المعقد، هدفاً لاجتماع أو مؤتمر برلين، فإن التحدي الحقيقي في تقديري هو ذلك المرتبط بما تمت تسميته المسار الاقتصادي، والذي كان في مرحلة الإعداد لبرلين يسمى [التوزيع العادل أو المتوازن لموارد الثروة الوطنية]، والتي هي النفط وليس سواه، فإن إيقاف إنتاج وتصدير النفط الذي بدأ أول أمس من مناطق برقة، واكتمل اليوم بإقفال حقول فزان، فرض نفسه الورقة الأساسية في المرحلة القادمة، والمعقدة من الصراع الليبي بوجهيه العسكري والسياسي، وإذا كانت أسواق النفط لن تتأثر كثيراً بالمليون وربع المليون برميل نفط تصدرها لـــيـبـيـــا، وبضعة مليار متر مكعب من الغاز، فإن الليبيين سيتأثرون كثيراً من هذا التطور الصعب، ربما بصورة تفوق تأثرهم بالآثار السلبية المدمرة لحرب الأشهر التسعة والأيام التسعة، وإذا كان من الممكن تصور وقوع حرب النفط، التي ستكون هي ذاتها حرب التقسيم (لا سمح الله)، فإن التحدي الحقيقي للوطنية الليبية أو ما بقي منها، هي منع هذه الحرب، ليس بالدعوات ولا بالأمنيات، بل بالتنادي لصياغة وتحقيق النموذج الجديد لـلدولـة الليبية، التي لا مركز فيها يحتكر الثروة، ولا أطراف فيها تحتكم إلى السلاح، ليتحقق التوازن الحقيقي، وينتهي هذا التظالم الحقيقي، وهذا يتطلب قبل كل شيء الحكمة التي هي ضالة المؤمن، والإتزان الذي عنوان الحكمة، والميزان الذي هو العدل بين الناس، والعدالة في النصوص، والاعتدال في الشخوص"، بحسب وصفه.
واختتم بعيو ورقته قائلا "أما بقية مخرجات برلين من آليات ومقترحات فمتروكة للزمن وللمتصارعين وبنسبة قليلةٍ جداً لليبيين. ويبقى الشيء الوحيد والخطير، بل وربما الأخطر على الإطلاق الذي لم يتطرق إليه مؤتمر بـرلـيـن، هو تحريم ومنع وتجريم خطاب الكراهية، بين الليبيين، الذي بلغ من الانحطاط حضيضاً لا يمكن تصوره عند ذي عقل قويم وخُلق كريم، ولا يمكن قبوله إلا لـلذين على قـلوبهم أقفالها من المُفتنين، ولأتباعهم الرعاع الجاهلين، الذين هُم كالأنعام بل أضلُّ سبيلا"، على حد قوله.