سلط رئيس المؤسسة الليبية للإعلام بالحكومة الليبية محمد بعيو الضوء على تبعات قتل فرنسا للزعيم الراحل معمر القذافي.
وقال بعيو في تدوينة له بموقع "فيسبوك" بعنوان "فـرنـسـا التي خسرت حين قتلت مـعـمّـر.. أو حين يمكر التاريخ بالماكرين والأغبياء" "هل كانت فرنسا الإستعمارية تدرك أو تحسب أو تظن، حين قتلت معمر القذافي قبل 12 سنة أنها أطلقت النار على نفسها، وأن قتيلها المعلوم سينتقم منها من قبره المجهول، ليس لأنه قادر على ذلك وقد صار في خبر كان، كما كان يفعل في سنوات الحياة والعنفوان، بل لأنه زرع في أفريقيا قبل أن يرحل بذرة التمرد على الإرث الكولونيالي الفرنسي، الذي لم يرحل مع التاريخ، بل تمادى في الواقع استغلالاً ونهباً وإفساداً وحروباً، وانقلابات بعضها عسكري خشن نفذه عملاؤها، وبعضها سياسي ناعم نفذه عملاؤها أيضاً، ولكن عبر صناديق الإقتراع بديلاً عن صناديق الذخيرة، وحيث لا تقل الأولى خطراً وفتكاً عن الثانية".
وأضاف بعيو "فرنسا خسرت في بداية العشرية الثانية من القرن الـ 21 معمر العجوز، الذي أنهكته معارك الربع الأخير من القرن العشرين، وحين أراد أن يرتاح في آخر العمر من أعباء وإرهاق مراهقة سنوات العناد الثوري، ويتحول عبر زعامته للإتحاد الأفريقي الذي أنشأه، إلى رجل سياسية وتفاوض، كان يمكن للأليزيه أن يجلس معه على بساط المصالح والتصالح، لا ليحوله {وهو لا يمكن أن يتحول} إلى عميل لفرنسا (...) ولكن ليكون معمر رحمه الله وتلك غايته وطموحه حكيم أفريقيا الذي يوازن في براغماتية وحنكة بين غايات ومطالب التحرر والإستقلالية والتنمية لدول القارة السوداء المظلومة، وبين مقتضيات التوازن والتكافؤ في العلاقات بين أفريقيا ومستعمريها الأوربيين السابقين والحاليين وفي مقدمتهم فرنسا، وتهدئة وضبط الفوران الثوري الأفريقي المتنامي تارةً بالوسائل الناعمة المال والدبلوماسية، وتارة بالعين الحمراء والتهديد من العقيد العتيد، الذي تغيّر خلال سنوات حكمه الأربعين معظم قادة وزعماء أفريقيا، بل إن معظمهم خرجوا من تحت خيمة باب العزيزية، وتلك حقيقة تاريخية مجردة لا علاقة لها بالإطراء ولا بالمديح، فالرجل حيث هو وقد أفضى إلى ربه، لا يفيده مدح ولا يضره قدح، لكن سَوق حقائق الماضي في سياق قراءة الحاضر هو ليس فقط من لوازم التحليل الموضوعي، بل من موجبات الفهم والتعلم والإدراك والقدرة على القيادة السليمة، وجميعها لا يستقيم العقل السياسي لأي سياسي إلا بوجودها، وبانعدامها يسود الجهل والعبث والتخبط والضياع، ويكون الحال تماماً كما هو حال من حكموا لــيـبـيــا خلال عشرية العبث التي ستصبح عشريتين أو ثلاث".
وأردف بعيو "إن جيلاً جديداً من القادة الأفارقة الشباب يطلع ويبزغ، ليعيد خوض معركة التحرير الأول والاستقلال الثاني، بعدما انتهت مرحلة الإستقلال الأول إلى كارثة كاملة شاملة، حيث ترك المستعمرون للأفارقة سلطة الظاهر السطحية، وأمسكوا من الباطن بكل مقاليد السلطة الحقيقية، واستبدلوا استعمارهم المباشر المكلف إنسانياً واقتصادياً باستعمار حقيقي أقوى وأعتى، بأقل التكاليف والمصاريف، وبأعلى العوائد والفوائد، وإلا ما معنى أن النيجر التي تبلغ مساحتها أكثر من ضعف مساحة فرنسا، تحتوي ثروات طبيعية ومعدنية كبيرة وغالية، لا تتوفر فيها أبسط مقدرات الحياة حيث تفتقر إلى الماء، رغم أن فيها وعبرها يمر نهر النيجر ثالث أكبر أنهار أفريقيا، وتنعدم فيها الكهرباء، رغم أن اليورانيوم النيجري يوفر أكثر من 70% من الكهرباء الفرنسية التي تصدر فائضها إلى دول الجوار الأوروبي، تاركةً لشعب النيجر الفقير البائس ملايين الأطنان من بقايا المواد المشعة تدمر البيئة وتقتل البشر والزرع والضرع، وما كان لهذا الحال أن يستمر بعدما فشل استيراد الديمقراطية الليبيرالية، أن يكون بديلاً عن استخراج سبل الحياة الكريمة من ذات الأرض الغنية، التي لو تأسست فيها دول حقيقية لما كانت على هذا الحال من الفقر والتخلف والإضطراب، تولد أجيالها المتعاقبة بلا قيمة وتموت بلا معنى".
وأردف بعيو "أيها العقيد الراحل قبل عشر واثنتين، ها هو التاريخ ينتقم لك من قاتليك، لكنه للأسف يكتب على بلادك {التي كان يمكن أن تكون في حال أفضل لو أنك أدرت الخواتيم بشكل أعقل}، أن تتمزق أو تكاد، وبدل أن يرثها من شعبها أهل الصلاح والرشاد، ها هي تصبح تركةً رخيصة للسفلة والأوغاد، ولولا رفيقٌ لك قديم لا تزال في مشكاته بقيةٌ من زيت الوطنية الذي كان، لا يزال يحرس بالجيش الذي يقوده ثغور الوطن المستكين، لأصبح هذا الكيان في خبر كان".
وختمم بعيو بالقول "أسأل نفسي كلما أفرغت ما في جعبة التفكير على أديم السطور، أليس عليك يا مــحـمـد وقبل أن يداهمك الخريف الذي يطرق بابك، أن تتحول من سديم القول إلى أديم الفعل، تغرس فيه مع الكثيرين من القادرين على قول [لا لا]، لكل هذا الهوان، بذرة تحرير لــيـبـيــا واستقلالها وتقدمها، وتدفع ويدفعون الدم رخيصاً لأجلها، فإن تُقدموا على الله شهداء، أعظم مآلاً من أن تبقوا على هذا الحال أذلاّء، وما دام الموت قدرٌ محتوم، أليس من الأفضل أن نُسقى بدل قيح الهوان المذموم، رحيق الجِنان المختوم".