أكد رئيس المؤسسة الليبية للإعلام محمد بعيو على ضرورة اعتماد الميزانية وتغيير المناصب السيادية.

وقال بعيو في تدوينة له بموقع "فيسبوك" بعنوان "أيها الليبيون لا تستمعوا ولا تلتفتوا إلى هؤلاء المتطفلين على المعرفة" إنه "لابد من اعتماد الميزانية وتغيير المناصب السيادية".

وأضاف بعيو "ما يمكن تسميته {الـتـطـفـل الـمـعـرفـي}، أي إدّعاء المعرفة في مسائل لا يعرف عنها المتطفل أي شيئ، أو يعرف القليل منها وعنها، مما يجعله يلامس أحياناً سطحها ومظهرها، لكنه يعجز دائماً عن الغوص في عمقها وجوهرها، هي واحدة من أكبر الآفات وربما المصائب التي أُصيبت بها لـــيـبـيـــا في السنوات الأخيرة، ومع الإنتشار المنفلت لوسائل الإعلام السمعي والبصري، ووسائط الإتصال والتواصل الإجتماعي أصبح هؤلاء الجهلة والسطحيون وأشباه المثقفين، والمتمسحون بما لا يعلمون، والهارفون بما لا يعرفون، مؤثرين جداً في تزييف وتشويه الوعي الجمعي، وفي خداع وتوجيه الرأي العام الليبي، صانعين لا وعي قطيعي يخضع للنقل ويرفض العقل، صار يتغلب وهنا مكمن الكارثة على الوعي الجمعي الإنساني الطبيعي، الذي تشكّله المعرفة، وتوجهه الحقيقة، ولا تخدعه بوارق التصاوير وبهارج التعابير".

وأردف بعيو "مِن  أكبر الميادين التي تعرضت لعدوان المتطفلين معرفياً [السياسة والإقتصاد]، وما يمكن وصفه مصطلحياً بـ عِـلـم الـدولـة، أو عِلم إدارة الدولة، فما من راغبٍ في الشهرة المزيفة، قابلٍ للإستخدام الفج من القوى المشبوهة أحزاباً وجماعات وأجندات، إلا وأصبح مُفتياً في هاته المسائل الخطيرة، لا يكتفي بتقديم رأيه الخاص الذي هو من حقه حتى لو كان خاطئاً، مع إمكانية تقييمه وتصحيحه وتقويمه، بل يقول ويكتب ويصوغ مواقف جازمة، يتوهم أنها حقائق مطلقة، يفرضها على المتلقي، ويؤثر فيه بالصدفة والصدمة أحياناً، وأحياناً بالإستناد إلى ما يعرف بالهندسة الإجتماعية والنفسية، خاصةً إذا كان من يُنجّمه [يجعله نجماً]، ويستخدمه هم مجموعة من المحترفين المدربين، الذي سبروا أغوار النفس البشرية، وخبِروا فنون التأثير في البشر أفراداً وجموع".

وتابع بعيو "مِن المسائل التي يكتب ويتحدث عنها هذه الأيام، المتطفلون على المعرفة، المهيجون للجموع، الكاذبون عليها بزعم الحرص على المصلحة الوطنية، التي ربما تكون لدى الكثيرين منهم مجرد غطاء فضفاض لمشاريع وتوجهات هي أبعد ما تكون عن تلك المصالح العليا السامية  مسألة المـيزانية" مضيفا "تجدهم يكتبون ويتكلمون ويزعقون وينعقون، مخاطبين الرأي العام ضاغطين بأساليب المزايدة الرخيصة على مجلس النواب، لا تعتمدوا الميزانية العامة، فحكومة الدبيبة [مع حفظ المقامات والألقاب] سوف تسرقها وتبددها، والوقت لم يعد كافياً أمامها لإنفاق هذه الميزانية الضخمة جداً {بزعمهم}، فعمر الحكومة المتبقي ستة أشهر، وعليكم أيها النواب اعتماد بند المرتبات فقط، ويزيد بعض المتطفلين الزاعمين جرعة الكرم علينا وعلى الحكومة، فيضيف مخصصات الطواريء، ويعتبر آخر إن مخصصات التحول أو التنمية لا لزوم لها، ويبالغ آخر في إدعاء الحرص فيرفض الميزانية من الأساس".

وأضاف بعيو "جميعهم للأسف، المرددون عن جهل، والصارخون عن قصد، لا علاقة لهم بعلم الدولة وإدارة الدولة، ولا بالميزانية مصطلحاً ومقاصد وضرورات، (فالميزانية المالية العامة)، ونظيرتها الغائبة في لـيـبـيا منذ سنين (الموازنة الإقتصادية العامة)، هما من لوازم وجود الدولة، وإدامتها وإدارتها وضمان معيشة شعبها، وتحقيق استقرارها وأمانها ولو نسبياً، وبدون الأموال المخصصة للأغراض المتعددة والمختلفة، لا يمكن تحقيق المصالح المشروعة المنشودة والمقصودة للشعب والدولة، وبدون وضع الأموال والمخصصات في صورة ميزانية عامة أبواباً وبنوداً وإيرادات ومصروفات، يصبح كل إنفاق هو غير مشروع وغير قانوني، وقابل للضياع والفساد، والمتذرعون بخوفهم على الميزانية إذا تم اعتمادها أن يبتلعها الفساد، والفساد النسبي وليس الكلي موجود لا يمكن منعه أو الحد منه بمنع مصدره الذي هو المال، بل بوسائل أخرى معروفة في كل العالم، لا يعلمون أنهم بمنع الميزانية عن الحكومة يخلقون فسادأ أكبر، يتمثل في إضطرارها من أجل أداء مهامها وتحمل مسؤولياتها، وهذا حقها وواجبها، إلى تدبير التمويل من مصادر أخرى، من بينها اعتماد إجراءات غير قانونية وغير لازمة مثل ما يسمى الترتيبات المالية المؤقتة، أو الإستدانة بضمان دخل النفط من المصرف المركزي والنظام المصرفي كله، وهذا ما يجعل السلطة التنفيذية خاضعة تماماً لسيطرة المصرف المركزي، بل وعلى وجه الدقة سيطرة شخص واحد يملك بحكم سلطة الأمر الواقع غير الشرعية وغير القانونية، مفاتيح خزائن احتياطيات الدولة، الأموال الجامدة الدولارية، وأموالها السائلة الدينارية، وتجربة لـيـبـيا مع هذا الشخص تجربة مريرة بل وكارثية، في ظل انعدام وجود مجلس إدارة المصرف المكزي، بل وموته سريرياً كما يقول الطب".

وزاد بعيو "القائلون جهلاً أو تجهيلاً للناس، إن عمر الحكومة ستة أشهر، ولا يجب منحها الميزانية كي لا تبددها في وقتٍ ضيق، لا يعلمون أن أكثر من ثلث أو نصف الميزانية المقترحة والمطلوبة واللازمة، هي التزامات قائمة عن إنفاق الشهور الستة المنقضية، بما فيها تلك المصروفات العمومية والتسييرية متضمنة المرتبات المغطاة صورياً وشكلياً بما يعرف بـ 12/1، ولابد من وجود الميزانية لتغطية هذا التجاوز الإضطراري، حتى لا يتضخم الدين العام الدفتري، وحتى يستمر دفع المرتبات التي يشهد الجميع أنها انتظمت في الشهور الأخيرة، وحتى يمكن توفير متطلبات الخدمات كالكهرباء والصحة والتعليم والدعم والأمن، وغيرها من الحاجات المعيشية الضرورية للمواطنين ومن متطلبات الإدارة والإدامة، ومن محركات وحوافز الإقتصاد الكلي حيث الإنفاق العام في لـــيـبـيـــا ذات الإقتصاد الريعي، هو الوقود الأساسي بل والوحيد لكل الحركة الإقتصادية".

وأردف بعيو "من الضرورة بمكان لتحقيق أهداف الدولة وغايات المجتمع، ومطالب الشعب في الاستقرار والأمان والانتخابات العادلة النزيهة، ولطمأنة المتخوفين عن حرص، وليس المزايدين عن قصد، أن يتواكب اعتماد الميزانية العامة ويتزامن، مع تغيير المناصب السيادية، خاصة منصبي محافظ مصرف ليبيا المركزي...ورئيس ديوان المحاسبة" مضيفا "فبوجودهما معاً أو وجود أحدهما لا يمكن ضمان شفافية صرف الميزانية، ولا يمكن ضمان حرية حكومة الوحدة الوطنية سواء تم اعتماد الميزانية أم لم يتم، من ابتزازهما البغيض، وتعاليهما المقيت، وتعطيلهما لكل ما لا يتناسب معهما ومع من يتحكمون فيهما علناً أو من وراء الستار، (وأنا أحد الذين يعرفون الكثير من الحقائق عن هذا التحكم السيء المدمر). وعرقلتهما لكل ما لا يصب في مصالح نفوذهما ومصالح أحزابهم وجماعات المصالح الإجرامية والظلامية، التي لا تتحكم فيهما فقط بل تحكم الإقتصاد الليبي، وتعيث وقد عاثت فيه تخريباً وتدميراً، لعل أبرز وجوهه وتجلياته ظهور طبقة صغيرة العدد، ديناصورية الحجم، من الأثرياء ثراءً فاحشاً، يسمون زوراً رجال أعمال، والأعمال منهم براء، وسقوط وانتهاء الطبقة الوسطى إلى ما تحت خط الفقر وانتشار أمراض الفقر جميعها من أوبئة وأمراض مزمنة وجرائم وكوارث بشرية ومجتمعية".

وختم بعيو بالقول "لابد من الميزانية، لاستمرار الخدمات وإجراء الإنتخابات، وكفى من الأكاذيب والمزايدات".