سلط الكاتب الصحفي محمد بعيو الضوء على نتائج أعمال ولقاءات قمة السبع في باريس وتحديدا ما يتعلق فيها بالملف الليبي.
وتساءل بعيو في تدوينة له بموقع "فيسبوك" بعنوان "بــاريــس ومــا بــعــدهــا" "هل تُؤدي فوضى الصراع إلى فرض الحلول".
وقال بعيو "في إطلالة سريعة على نتائج أعمال ولقاءات قمة السبع في باريس في ما يتعلق بما يسمى الملف الليبي وتداعيات الحالة الليبية وتطوراتها المتوقعة خلال الأسابيع القليلة القادمة" يمكنني قول أنه "بـدا واضحاً التوافق {النسبي بالطبع}، بين الموقفين الأميركي والمصري، بشأن النظرة العامة إلى الحالة الليبية، من حيث كونها في ظل فشل الدولة وغياب السلطة وفوضى السلاح، حالة معقدة تتسبب في تهديدات حقيقية للأمن الدولي، وإتاحة حواضن للإرهاب المتراجع في حواضن أخرى مثل العراق وسوريا وسيناء، وهو ما يجب منعه والحيلولة دونه بأي ثمن، وربما أتجرأ على القول إن مصر حصلت على شبه تفويض بالعمل السياسي الواسع، للتقريب بين أطراف الصراع الليبي".
وأضاف بعيو "زادت فاعلية الدور الفرنسي إزاء الحالة الليبية، بالتقارب الواضح بين باريس وروما ولندن، ليس فقط في النظر إلى الأزمة وتعقيداتها، بل في وسائل التعامل معها، والوصول إلى حلول لها، تضمن المصالح الجيوستراتيجية والاقتصادية للدول المنخرطة في الصراع، وإن يكن على حساب مصالح وحقوق الشعب الليبي، الذي لا يزيد دوره الآن على تقديم الدماء، ودفع فواتير الدمار، ولن يزيد مستقبلاً عن تقديم الأموال في عقود الإعمار، وإن كان البناء والإعمار بالتأكيد، ومهما كانت تكلفته أفضل مرة من الموت والدمار، وفي هذا الصدد برز حديث الرئيس إيمانويل ماكرون عن الترتيب لعقد مؤتمر دولي حول ليـبيا في الأسابيع القادمة، ربما يصوغ وينفذ خطة بعيدة المدى لإدارة هذا البلد الكبير، من خلال التوازن بين تحقيق المصالح، وضبط الأمن، وتنظيم الصراع، وتحويله إلى ميدان تنافس سياسي اقتصادي مخابراتي دولي كبير، بالمفهوم الوظيفي الحديث للدول الهشة، هو أقرب منه إلى مفهوم ووجود الدولة المركزية القوية المتماسكة بالمفهوم القديم".
وأردف بعيو "لا تزال الحاجة قائمة {على الأقل حتى ظهور مخرجات ونتائج المؤتمر الدولي حول ليـبيا}، إلى وجود ودور الدكتور غسان سلامة، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة الدعم الأممية، بعد عودته إلى حجمه الطبيعي، وانتهاء حالة تضخم الذات التي أصابته خلال السنتين الماضيتين، إلى درجة أصبح يتوهم معها هو ومساعدته وفريقه أنهم حكومة الظل، بل الحكومة الحقيقية في طرابلس، وسيكون غسان سلامة الجديد مجرد مشرف على التنفيذ وليس المقاول الوحيد".
وتابع بعيو "غالباً سيظل الواقع الميداني بين أطراف الحرب حول طرابلس، في حالة أقرب إلى الثبات أو ما يعرف بـ الستاتيكو، فلن تحدث تطورات كبيرة ودراماتيكية لا فيما يسمى {تحرير طرابلس} من طرف جيش المشير حفتر، ولا ما يسمى هزيمة المعتدي من طرف قوات حكومة الوفاق، وهذا ما سيجعل الأسابيع القادمة مهلة تعطيها الأطراف الدولية الفاعلة في الصراع لأطراف الصراع الليبية، لتثبيت المواقع الذي سيفرض تغيير المواقف الحدية والقبول بالحلول السياسية".
وزاد بعيو "انتهت بالنسبة للدول الفاعلة قصة احتكار حكومة الوفاق للاعتراف الدولي، الذي حاولت به تعويض فقدانها الشرعية المحلية، مثلما انتهت الفرصة الممنوحة لسيطرة الرجل القوي على العاصمة ومن ثم على السلطة، وصار لزاماً الذهاب إلى صيغ أكثر عقلانية وواقعية للتعامل مع الحالة الليبية، وإلزام الجميع بها".
وأضاف بعيو "يظل الشعب الليبي بعمومه وخصوصه، الغائب الوحيد والكبير في هذا الصراع المحتدم، وفي تعامل الأطراف الدولية والإقليمية معه تأجيجاً أو حلاً، فقد أثبتنا أننا شعب يمكن أن يذهب بعضه إلى الموت اختياراً بفعل الدعاية والتعبئة والكذب على الله وباسم الوطنية وبتأثير المال والاحتيال والزيف والزور، ويبقى أكثره في قبضة الموت اضطراراً بفعل الاستسلام والسلبية واللامبالاة وانعدام الخيارات".