في خطاب ألقاه اليوم 1 مايو 2014 بمناسبة عيد العمّال العالمي من شرفة مقر الإتّحاد العام التّونسي للشغل في بطحاء محمد علي بقلب العاصمة تونس ،قال حسين العبّاسي الأمين العام للإتّحاد العام التونسي للشغل المنظمة النّقابية الأعرق في البلاد إن حكومة مهدي جمعة لم تف بتعهداتها في خصوص خارطة الطريق .

و قال العبّاسي في خطابه :" كنا نأمل من حكومتنا لو استوفت ما تعهّدت به بشأن تطبيق خارطة الطريق، خصوصا في ما يتعلّق بالتعيينات، وبحلّ ما يسمى بروابط حماية الثورة وبتحييد المساجد حتى يطمئن الناخبون بشأن سير العملية الانتخابية."

و تعتبر هذه النّقاط من أهم البنود التي تضمّنتها خارطة الطّريق التي إنبثقت عن الحوار الذي رعاه رباعي من منظمات المجتمع المدني و على رأسها الإتحاد العام التونسي للشغل و الذي إستقالت على إثره حكومة الترويكا بقيادة حركة النّهضة و أخنير بموجبه المهدي جمعة وزير الصناعة في الحكومة المستقيلة كرئيس للحكومة التكنوقراط الجديدة التي ستشرف على الإنتخابات القادمة في تونس و توفير كامل الظّروف لنجاح هذه العملية الإنتخابية بما في ذلك تحييد المساجد و مراجعة التعييانت ذات الطّبيعة الحزبيّة في مفاصل الإدارة و المناصب الحكومية .

و جاء الحوار الوطني في تونس نتيجة لحالة أزمة السياسية التي دخلتها البلاد عقب إغتيال المعارض و النائب بالمجلس الوطني التأسيسي محمّد البراهمي في ذكرى عيد الجمهورية يوم 25 يوليو 2013 ،أزمة سياسية عميقة انعكست على الشّارع الذي دخل في حالة من الإنقسام الحاد الذي كاد يدخل بالبلاد في أتون المجهول ،و قال العباسي في كلمته اليوم :" لقد راهنّا على الحوار الوطني وعلى التمشي التوافقي سبيلا لمعالجة خلافاتنا بأنفسنا وأثبتنا للعالم بأسره أننا جديرين بما أنجزناه على درب الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.. جديرين بما رسمناه من أهداف واستحقاقات على درب التأـسيس لمجتمع الديمقراطية. ويكفينا فخرا أننا سعينا من موقعنا، وبكلّ صدق، في إطار مبادرة الحوار الوطني لِلَمّ شمل الفرقاء، في وقت بلغت فيه التجاذبات حَدّ العِداء، فكان أن سرّعنا في صياغة الدستور والمصادقة عليه، وفي انتخاب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وفي التوافق بشان تشكيل حكومة كفاءات مستقلة. يكفينا فخرا الاعتراف المشهود والتاريخي والتقدير منقطع النظير الذي يلقاه اتحادنا كلّ يوم في الداخل والخارج من نخب وطنية ونقابات وشعوب ودول العالم لعلّ أبرزه التعاطف التلقائي مع مبادرة ترشيح منظمتنا لنيل جائزة نوبل للسّلام." على حدّ تعبيره .

و ن الوضع الإقتصادي و الأمني في البلاد قال العبّاسي :" إنّ ما تعيشه بلادنا من تعطّل اقتصادي واحتقان اجتماعي وانخرام أمني، أصبح يمثّل تحدّيا حقيقيا، يحتّم علينا الانتباه إلى أن صياغة الدستور، وسنّ القانون الانتخابي، وإحداث المؤسّسات الدستورية بأنواعها، لا يكفي لوحده، على أهميته، طالما لم تتضافر كلّ الجهود، وبسرعة وبالتوازي، للبحث عن سبل إيجاد الحلول الكفيلة لعودة نسق النُموّ الاقتصادي والتخفيف من حدّة التوتر الاجتماعي، وتطويق الإنخرام الأمني،  وإعادة الاعتبار لسلطان القانون ولهيبة الدّولة" وفق تعبيره .

و أضاف الأمين العام للإتحاد العا التّونسي للشغل في معرض تشريحه للوضع الإقتصادي في البلاد :" شركاتنا تشكو الشلل جراء ركود السوق وتعاني المنافسة غير الشريفة، وانتشار مسالك التوزيع الموازية وغياب الأمن وحماية القانون. عمالنا يعانون من تدهور المقدرة الشرائية بسبب جمود الأجور والارتفاع الفوضوي والجنوني للأسعار والأعباء المرهقة لمستلزمات الحياة.  80% من إحداثات الشغل خلال الثلاث سنوات الأخيرة سُجِلَت في القطاع غير المنظم المكرس للهشاسة والمغيب للحماية. والدولة، الدولة من ناحيتها تشكو من عجز غير مسبوق في ميزانيتها بسبب تراجع الموارد وارتفاع المصاريف.  في المقابل أيتها الأخوات والإخوة، فئات طفيلية مارقة عن القانون تستفيد وتنعم بشكل لا أخلاقي من هذه الأوضاع المتردّية مستغلّة الانفلات الأمني وتراجع هيبة الدولة وقلّة المراقبة والرّدع.

قطاع موازي متمرّد على القانون تقف وراءه رؤوس كبرى فاسدة. قطاع يعمل خارج المنظومة الجبائية ومنظومة التغطية الاجتماعية، ويسوده قانون الغاب لا حول ولا قوّة للضعيف فيه.شركات عديدة من القطاع المنظم لا تزال متفصّية من الواجب الجبائي، كليّا  أو جزئيا، بالرغم من الامتيازات الموجهة إليها بعنوان التشجيع والتحفيز. ومهن حرّة تدرّ ثروات طائلة على أصحابها ولا تتورّع عن التحيّل على المنظومة الجبائية مستفيدة من آلية النظام التقديري للإفلات من كلّ أشكال الرقابة." على حدّ تعبيره

و طالب العبّاسي جميع الأطراف في البلاد بـــ"التحلي بالشفافية وروح المسؤولية ومصارحة الشعب بحقيقة الأوضاع، ليس بغاية المحاسبة أو القصاص والتشفي، وإنما من أجل إدراك أفضل للتحديات والرهانات ووعي أعمق بدقّة الظرف الذي تمرّ به بلادنا.  على كلّ طرف أن يدرك قبل فوات الأوان مسؤوليته الكاملة في مواجهة تلك التحديات وواجبه في تقديم ما يلزم من تضحيات لكسب تلك الرهانات" وفق تعبيره .

و قد حضر هذا المناسبة حشد كبير من النقابيين و المواطنين الذي جاؤوا من كل مناطق البلاد للإحتفال بعيد العمّال في ساحة بطحاء محمّد علي رافعين العديد من الشّعارات النّقابية و الشعارات ذات الطّبيعة العمالية و رافعين للأعلام الوطنية و لصور الإتحاد العام التونسي و الزّعيم الوطني و النقابي فرحات حشّاد .