رأى الأمين العام لتحالف الإعلاميين والحقوقيين الأفارقة بكي بن عامر، ضرورة رفع السلطات في الدول المغاربية لوصايتها عن وسائل الإعلام المختلفة، وذلك كخطوة أولى نحو عمليات تطوير أو إصلاح قطاع الإعلام في الدول المغاربية.

وأكد بن عامر في حوار مع "بوابة إفريقيا الإخبارية"، أنه يجب العمل على اعتبار الصحافة ركنا أساسيا في تنمية وتطوير البلاد واعتبارها شريكا أساسيا في عمليات التنمية الشاملة، كما دعا القائمين على وسائل الإعلام إلى الالتزام والتحلي بأخلاقيات وميثاق الصحافة وحرية الرأي والتحلي بالموضوعية والمهنية للارتقاء بقطاعات الإعلام في الدول المغاربية... وإلى نص الحوار:


-دول المغرب العربي لم تستطع إلى الآن تأسيس فضاءات حرية التعبير.

-لا نلمس نموا حقيقا للصحافة ولكل وسائل التعبير الحرة الأخرى في الدول المغاربية.

-البلدان المغاربية لا تتقارب ولا تتفاهم ولا تتشارك في موقف واضح تجاه الأزمات.

-الإعلام والصحافة لا يقومان بدورهما الحقيقي في تمكين الشعوب العربية وحكومتها من التقارب.

-الإعلام المغاربي لم يستفد من التجارب الحقيقة والناجحة التي عرفتها الصحافة في الدول المختلفة.

-لا يمكننا التحدث عن صحافة مغاربية قادرة على أن تكون في مستوى التحديات الأمنية والإقليمية والدولية التي يعرفها العالم.

-ليس هناك آفاق للتعاون ما بين المؤسسات الإعلامية والصحفية في الدول المغاربية.

-هناك انتكاسة حقيقة في العلاقات المغاربية منذ 2011.


كيف تقيم واقع قطاع الإعلام في دول المغرب العربي؟

دول المغرب العربي لم تستطع إلى الآن تأسيس فضاءات حرية التعبير، ولذلك لا نلمس نموا حقيقا للصحافة ولكل وسائل التعبير الحرة الأخرى، ولم تُطبع هذه المخرجات الصحفية والإعلامية بعد بوصفها صحافة حرة ومستقلة، إذ لا يزال طغيان تحكم السلطة داخل دول المغرب العربي في الإعلام ومختلف المخرجات الصحفية الأخرى، ولا يمكن أن نميز أي بلد مغاربي على بلد آخر لأن التجارب الصحفية والإعلامية سواء في (الجزائر، وتونس، والمغرب، وموريتانيا، وليبيا) لا يزال تهمين عليها السلطة وتفرض وصايتها على ما يسمى بـ "السلطة الرابعة" وهي إشكالية عدم فهم معاني الديمقراطية التشاركية في التنمية الشاملة.

ومهما تعددت التجارب داخل كل دولة من الدول المغاربية فأن صناعة الصحافة لا تتفاوت في نسب نموها وتطورها لأن مكونات هيمنة السلطات على الصحافة تكاد أن تكون هي نفسها أو شبيهة لبعضها البعض في دول المغرب العربي ككل.


ماذا بشأن الإعلام والحريات الأساسية؟

المحاولات التي خاضها رجال الصحافة والإعلام ومختلف التعابير الحرة منحت فرصة لارتقاء النقاش حول المسائل الوطنية والقطرية بين النخب، وكان لها بعض التأثير في صناعة الرأي العام، لكن تظل المشكلات الأساسية عائقا فهناك مستوى من التشنج والتعصب والخروج عن المواثيق والنصوص وأخلاقيات المهنة الصحافية، كما تنساق كل فئة إلى رأي سلطاتها تجاه الملفات المختلفة، واعتقد أن النزاع حول الصحراء الغربية يمثل بدقة ووضوح مثال على تورط النخب الإعلامية والصحفية في خلق المزيد من التوترات بين المغرب والجزائر، إضافة إلى ذلك لابد الاهتمام بمدى تأثير هذه المكونات الإعلامية في خطاب الكراهية والعنف، وهنا تكمن مسؤولية النخب الإعلامية والصحفية في إشعال الفتنة بين الشعوب وهو واقع الحال.


ما آليات تطوير أو إصلاح قطاع الإعلام في الدول المغاربية؟

أولا رفع السلطات وصايتها على مختلف وسائل التعبير سواء صحافة مكتوبة، أو مرئية، أو مسموعة، أو مختلف المنصات والمواقع الإخبارية الإلكترونية منها، وثانيا اعتبار الصحافة ركن أساسي في تنمية وتطوير البلاد واعتبارها شريكا أساسيا في التنمية الشاملة، كما لابد من إدراك أنه لا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية حقيقة بدون صحافة حرة، وعليه فأن مسؤولية دعم هذه الخيارات الإستراتيجية في الحفاظ على حرية التعبير يتطلب مرافقة معنوية ومادية من السلطات.

اما بالنسبة للصحافة نفسها أو الذين يشتغلون في هذا الحقل الهام، فأن المطلوب منهم هو التحلي بأخلاقيات وميثاق الصحافة وحرية الرأي التي دفع الكثير من الصحفيين والمشتغلين في هذا الحقل أرواحهم لأجل مكانة الصحافة في التنمية الشاملة، وأن تتحلى الصحافة بالموضوعية والمهنية، واعتقد بأن كل المواثيق التي صادقت عليها الهيئات الأممية والمنظمات هي من صميم صون حريات التعبير وصون كرامة الإنسان.

إذا تطوير آليات الصحافة في المغرب العربي مسؤولية تقع على طرفين (الحكومات والمشتغلين في هذا الحقل الهام والبارز والذي تقع عليه مختلف انشغالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الثقافية في البلدان المغاربية).


ما دور الإعلام في تحقيق التقارب بين الدول المغاربية؟

بالنسبة للتقارب الإعلامي بين الدول المغاربية، اعتقد أن هذا هو ما يمثل الأزمة الحاصلة حاليا بين الدول المغاربية، وخاصة بين المغرب والجزائر كمثال بارز، وذلك لأن الإعلام فقد الكثير من مهنيته واحترافيته في تناول التوتر الحاصل بين البلدين، أو حتى بين كل البلدان المغاربية، فاليوم كل البلدان المغاربية لا تتقارب ولا تتفاهم ولا تتشارك في موقف واضح تجاه الأزمات التي تعيشها، فمثلا الملف الليبي يعد مثال واضح فلا نلاحظ أي اتفاق حوله بين الدول المغاربية (بين حكوماتها وبين نخبها سواء البحثية والأكاديمية والمعارفية والإعلامية والصحفية منها)، فبتالي اليوم الإعلام والصحافة لا يقومان بدورهما الحقيقي في تمكين الشعوب العربية وحكومتها من التقارب وتعزيز دور الإعلام في صهر الإخوة والتركيز على ما يجمع البلدان المغاربية من عادات وتقاليد ولسان ودين وغيرها من الملحمات التي سجلت في تاريخ النضال والمستعمرات ولا في ما عرفته من خلال التضامن الخلاق المبدع الذي عرفناه في مساندة كل قيادات وشعوب المنطقة المغاربية أثناء كفاحها ضد المستعمر، وبالتالي اليوم نفقد الكثير من أواصر الأخوة وفقدنا الكثير من التفاهمات التي كانت موجودة من قبل وذلك بسبب الصراعات التي تبدو (وهمية) والتي تفتقد إلى روح الحوار وإلى العقل والحكمة في حلحلتها.


كيف يلعب الإعلام دورا في حماية الأمن القومي العربي؟

اعتقد بأن الإعلام المغاربي لم يستفد من التجارب الحقيقة والناجحة التي عرفتها الصحافة على سبيل المثال في اليابان، والصحافة في أوروبا، وتحديدا في ألمانيا، وإنجلترا، وفرنسا، وغيرها من البلدان، وكذلك الصحافة الأمريكية وهي صحافة استقصائية قوية جدا ساهمت في تعزيز أمن الولايات المتحدة والدفاع عنها، واعتقد أنه في ظل غياب نظرة مشتركة بين الشركاء الحقيقيين في مجال الصحافة والإعلام لا يمكننا اليوم أن نتحدث عن صحافة مغاربية قادرة على أن تكون في مستوى التحديات الأمنية والإقليمية والتحديات الدولية التي يعرفها العالم، نحن ما زلنا كمغاربة بعيدين جدا عن هذا الفهم وبعيدين جدا جدا عن أن نكون في مستوى الحصن المنيع للحفاظ على الأمن والاستقرار بدول المنطقة، فالصحافة المغاربية بعيدة كل البعد في أن تلعب دورا أمنيا في حماية الدول المغاربية.


ما آفاق التعاون في قطاع الإعلام بين دول المغرب العربي؟

مما سبق نقول إنه ليس هناك آفاق للتعاون ما بين المؤسسات الإعلامية والصحفية بين الدول المغاربية لأن عندما لا يكون هناك تعاون سياسي وتعاون اقتصادي بين الدول فأنه لا يمكن أن يكون هناك تعاون إعلامي، وهذا تحصيل حاصل، فالإعلام يأتي بعد تحقيق هذه المكتسبات في تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية ما بين الدول المغاربية وهذا لا نلاحظه ولم نلحظه منذ سنوات أو منذ 2011 تقريبا حيث ظهرت انتكاسة حقيقة في العلاقات المغاربية وبالتالي لا يمكنا في ظل الظروف الراهنة أن نراهن على تعاون إعلامي، لكن مازال هناك أصوات قليلة مبحوحة لا تزال ترفع نداءاتها من حين لآخر كمحاولة للملمة هذا الشتات والحد من فرص هذا التشويش الذي يقع بين الشعوب، وهذه الأصوات التي عادة ما تكون بائسة لكنها تبقى بمثابة البصيص الذي نرى منه العالم من زاوية صغيرة جدا مثقوبة، فبتالي اعتقد أن هناك عمل كبير جدا ينتظر النخب المغاربية وينتظر الحكومات المغاربية والقوى السياسية الفاعلة في كل البلاد المغاربية، وينتظر رجالات الأعمال والمال المغاربة للبحث في فرص الارتقاء بنقاش هادف وبحوار بناء يحتكم إلى العقل وإلى روح الجغرافية والتاريخ المشترك بين الشعوب المغاربية.