رغم ظروف القتال التي تشهدها مدينة بنغازي شرق ليبيا بين قوات الجيش الوطني بقيادة اللواء خليفة حفتر، وقوات مجلس شورى ثوار بنغازي، إلا أهالي المدينة يحاولون ممارسة حياتهم اليومية، وسط حالة من الانفلات الأمني وغياب مؤسسات الدولة.

وتشهد ضواحي بنغازي التي تعتبر ثاني كبريات المدن الليبية، وعاصمة الثورة ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي، أشرس المعارك بين الطرفين، خاصة في ضاحية بنينا الحيوية التي يوجد بها المطار المدني والقاعدة الجوية والتي يحاول مقاتلو مجلس شورى الثوار السيطرة عليها، فيما خلت الكثير من تلك المناطق من سكانها، وتضررت العديد من المنازل والمنشآت الحيوية، كمحطة رئيسية لتوزيع الكهرباء ومخازن الأدوية والإمداد الطبي وبعض المصانع والمخازن.

وأدت هذه الظروف لارتفاع أسعار السلع والمواد الضرورية، وانقطاع للتيار الكهربائي لفترات مع جهود من العاملين بالشركة العامة للكهرباء على إصلاح الأعطال الناجمة عن سقوط القذائف وخاصة على أبراج الضغط العالي، وفي أطراف المدينة تتعرض بعض الأحياء السكنية للقصف من فترة لأخرى، مما أضطر بعض السكان للنزوح لمناطق أكثر أمناً، واتخذ بعضهم مدراس المدينة كملجأ، وسط ظروف إنسانية صعبة.

أما بقية مناطق المدينة فتعيش على وقع هذه الاشتباكات وسط حالة من الإحباط، خاصة بعد أن طالت مدة الصراع.

وأكثر إشكال المخاطر التي يتعرض لها المدنيون هي عصابات الجريمة، التي باتت تمارس أعمالها نتيجة لغياب أفراد المؤسسات الأمنية من سرقة وخطف وقطع للطريق، لكن مع ذلك لم يكن مستوى الجرائم كبيراً مقارنة مع حالة الفراغ الأمني، وربما يرجع ذلك لامتلاك غالبية السكان للسلاح.
في سياق متصل، يمارس بعض الناشطين وبعض أهالي المدينة نشاطات محدودة رغبة منهم بالاستمرار في الحياة، إذ يمكن مشاهدة العائلات شمال المدينة وهي تتنزه بحديقة المدينة العامة والرئيسية، وكذلك على كورنيش المدينة، حيث تتوفر بعض الوسائل الترفيهية للأطفال، كما أن فصل الصيف يشكل فرصة لارتياد الشواطئ.

وبينما يجتهد المجلس البلدي لمدينة بنغازي في تحسين مستوى بعض الخدمات الصحية والمدنية، فإن أكثر الأمور المقلقة تكدس جبال من القمامة بكل شوارع المدينة، بعد إضراب عمال جهاز الخدمات العامة لعدم صرف مستحقاتهم المالية من قبل الحكومة، حسب موقع 24.

ومنذ أشهر، تملأ المدينة أكوام من القمامة والفضلات، بينما يضطر بعض السكان إلى حرقها، مما يزيد خطر الأضرار البيئية والصحية.

كما تعاني المستشفيات العامة من الانفلات الأمني ونقص في بعض المستلزمات الطبية وعناصر التمريض، بعد إجلاء العديد من الدول لرعاياها العاملين في هذا المجال.

وحاولت عدة جهات طبية أن تسير خطة لتأهيل الراغبين في العمل بمجال التمريض، عن طريق إقامة دورات مكثفة، وإلحاق تلك العناصر بالمستشفيات والعيادات.

فيما اضطر سكان مدينة بنغازي للاتجاه شرقاً حوالي 300 كلم شرق مدينة البيضاء، حيث يوجد مطار الأبرق الدولي الصغير نسبياً مقارنة بمطار بنينا الذي أغلق جراء القتال، مما سبب معاناة فالمطار لا يستوعب عدد كبير من الطائرات ويحدث أن تتأخر الكثير من الرحلات ليوم أو أكثر.

كما انخفضت أعداد العمالة الوافدة التي يعتمد عليها سكان بنغازي بالكثير من الخدمات في البناء والنظافة والمقاولات، وارتفعت أسعار مواد البناء والاسمنت بعد إغلاق مصنع بنغازي الذي يعتبر أحد أكبر مصانع البلاد، نتيجة لوجوده بأحد محاور الاشتباكات.

وعلى الصعيد الأمني، لا توجد مراكز للشرطة بعد تفجير بعضها وخلو البعض الآخر من العناصر الأمنية، بالإضافة إلى تدمير مديرية أمن بنغازي ومقر البحث الجنائي وسيطرة قوات مجلس شورى بنغازي على مقر مديرية الأمن المؤقت، مما أدى إلى فض أغلب المنازعات والمشاكل عرفياً عن طريق وجهاء وشويخ القبائل.