أتاحت الفوضى المنتشرة وغياب سلطة مركزية فى ظل صراع متجدد على الشرعية بين الأطراف المتنازعة في البلاد، الفرصة للدول الأوروبية لفرض وجودها في الساحة الليبية تحت ذريعة الجهود الساعية إلى حل الأزمة العصية والوصول بالبلد الممزق إلى حالة من التوافق ترسخ السلام والأمن فيه.

في الوقت الذي تتواصل فيه الاشتباكات المسلحة على تخوم العاصمة الليبية طرابلس بين قوات الجيش الوطني الليبي والقوات الموالية لحكومة الوفاق، يطفو على سطح الأحداث تقارب إيطالي-فرنسي في مسعى جديد للوصول إلى تسوية سياسية شاملة في البلاد، وانهاء حالة الصراع العسكري المستمر منذ أبريل/نيسان الماضي.

وتوصّلت فرنسا وإيطاليا إلى إبرام اتفاق سياسي بينهما يخص توحيد تحركاتهما في الأزمة الليبية واتفقتا على عقد اجتماع في الأمم المتحدة، الخميس، وتترأسانه بالشراكة بينهما دون أسبقية لأي طرف منهما ودون تشريك أطراف النزاع الليبي فيه. وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، عن اجتماع مشترك سترأسه مع نظيرتها الإيطالية، حول ليبيا، تمهيدا للمؤتمر الدولي المرتقب في ألمانيا.

وأكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أن الاجتماع يهدف إلى إخراج ليبيا من أزمتها، خلال مؤتمر عقده مع نظيره الإيطالي لويجي دي مايو، بمقر الأمم المتحدة. بحسب ما نقلته وكالة فرانس برس. وأفاد لودريان خلال المؤتمر الصحفي، بأن الاجتماع سيُعقد يوم الخميس القادم، مؤكدا في حديثه حول الأوضاع في ليبيا أن:"الهدف هو الانخراط في عمليّة سياسيّة. لن يكون هناك حلّ عسكري في ليبيا"، مضيفا "يجب أن تتجه ليبيا للحلول السياسية، حتى لا تصل إلى مراحل أكثر خطورة".

وسيرأس الاجتماع وزير الخارجية الفرنسي ونظيره الإيطالي، وسيضمّ أيضًا الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، وألمانيا والإمارات ومصر وتركيا بالإضافة إلى المنظمات الإقليمية الممثلة للاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية. واعتبر لودريان بأن ما يحدث في ليبيا دوامة، ويجب إنهاؤها، معربا عن أمله في أن يكون الاجتماع المرتقب، خطوة أولى لتسوية الملف الليبي. وأكد لودريان أن بلاده متفقة تمامًا مع إيطاليا فيما يخص الملف الليبي، وأنه سيترأس الاجتماع مع زميله وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، وأن الاجتماع ستشارك فيه الدول الإقليمية.

ويأتي هذا التوافق الجديد بين روما وباريس بعد مدة من التسابق بين الدولتين بشأن أحقية وأولوية التدخل في الملف الليبي لاسيّما وأن رئيس الوزراء الايطالي، جوزيبي كونتي، أكد أن إيطاليا كانت وستظل في طليعة العمل الدولي من أجل إحلال الصلح والاستقرار في ليبيا.وسبقت هذا الاتفاق الفرنسي الإيطالي اجتماعات مكثفة في روما جرت الأسبوع الماضي وحضرها رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبي كونتي، ورئيس المجلس الرئاسي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وتعتبر إيطاليا إحدى أكثر الدول الأوروبية حضورا في الساحة الليبية، فالجانب الإيطالي يرى في ليبيا منطقة نفوذ له، فجغرافيًا لا تفصل ليبيا عن إيطاليا إلا أمواج المتوسط، وتاريخيًا كانت ليبيا أهم المستعمرات الإيطالية في إفريقيا حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، ولم تنقطع الصلات بين البلدين حتى عندما كانت ليبيا في عزلة جراء العقوبات التي فرضت عليها في العام 1992.وطيلة سنوات الأزمة تولت إيطاليا قيادة الجهود الرامية إلى إحلال السلام في مستعمرتها السابقة، وتحملت عبء الموجات المتعاقبة من المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين، الذين يعبرون البحر المتوسط انطلاقًا من الشواطئ الليبية نحو شواطئ جزيرة لامبادوزا.

ومن جهتها، تسعى فرنسا للعب دور محوري في الأزمة الليبية، خاصة في أعقاب انتخاب إيمانويل ماكرون، حيث إتجهت الدبلوماسية الفرنسية إلى التدخل المباشر فى الداخل الليبي. ويعزو البعض ذلك إلى أن فرنسا على غرار غيرها من دول أوروبا باتت خائفة أكثر من أن يتسبب استمرار حالة الفوضى في ليبيا إلى مزيد تسهيل تدفق اللاجئين إلى سواحلها، في حين يرى آخرون في التدخل الفرنسي رغبة في الحصول على مزيد من المكاسب في ليبيا.

وتتزامن التحركات الإيطالية الفرنسية فيما يخص أزمة ليبيا مع استعداد ألمانيا لعقد مؤتمر دولي برعاية أممية يخص التطورات السياسية والعسكرية في الأراضي الليبية في شهر أكتوبر وتطمح من خلاله للإعلان عن عدة خطوات جديدة لتسوية الخلافات بين الليبيين. وقال السفير الألماني لدى ليبيا أوليفر أوفكزا، في وقت سابق، إن بلاده تهدف إلى عقد "منتدى حول ليبيا" هذا العام بالتعاون مع الأمم المتحدة لمحاولة إرساء الاستقرار. وأضاف السفير عبر حسابه على "تويتر": "بدأت ألمانيا من أجل ذلك عملية تشاور مع أطراف دولية رئيسية. مع وجود أعمال تحضيرية كافية، قد تقود هذه الجهود إلى حدث دولي مهم هذا الخريف".

وفي غضون ذلك، تتواصل المعارك على أشدها في العاصمة الليبية طرابلس حيث كثف الجيش الوطني الليبي من ضرباته الجوية مع تقدم ميداني متسارع. وأعلن المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة أن ضربات الجيش ضد الجماعات المسلحة  تشتد وتزداد ضراوة.

وأكد المركز في بيان مصور أن القوات الجوية تواصل ضرباتها الجوية صوب التشكيلات المسلحة التي هي صنيعةِ تنظيمِ الإخوان مضيفا  أنّ قواتِ الجيش البريةَ في مُختلفِ المحاور، ستهاجِم ثكناتِ الجماعات المسلحة التي ليس أمامها إلا الفرار أو تسليم أسلحتها أو الموت على يد قوات الجيش. وأضاف المركز أنه لم يعد أمام الجماعات المسلحة إلا الانصياع لإرادة الليبيين، التي تٌجسدُها قواتُنا المسلحة مبينة أنه لن يكون هناك مكان للإرهاب في ليبيا مبينا أنه لا خيار للقوات المسلحة إلا إعادةَ الوحدةِ الوطنية.

وأعلنت غرفة علميات الكرامة عن أسر آمر محور السبيعه التابع لقوات الوفاق الرائد عبدالرحمن الصويعي العكره أثناء محاولته الهروب.وأكد المركز الاعلامي في بيان القبض على آمر محور السبيعة رائد / عبدالرحمن الصويعي العكره المنتمي الى قوات الجويلي ، أثناء محاولته الهروب من أرض المعركة.

كما أشار الجيش الليبي إلى استهداف سلاح الجو الليبي رتل مسلح لمليشيات الإرهابي إبراهيم الجضران على مسافة 45 كيلو من مدينة سرت وألحق به خسائر فادحة.وكان المتحدث باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري قد قال، الأحد، إن المعركة ضد الإرهاب في بلاده أوشكت على الانتهاء، مؤكدا أن بلاده ستلاحق جميع الدول الداعمة للإرهاب في بلاده.

وأعلن المسماري اقتراب قوات الجيش الليبي من تنفيذ المهام الرئيسية كافة في البلاد بالقضاء على رؤوس الإرهاب.وسبق ذلك أن أعلن الجيش الوطني الليبي مقتل أكثر من 90 إرهابيا وإصابة نحو 150 جريحا من المليشيات والتنظيمات الإرهابية بينهم قياديون بارزون. 

ويصر الجيش الليبي على انهاء نفوذ المليشيات المسلحة قبل الذهاب الى أي استحقاق في البلاد،وأعلن اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم قوات الجيش الوطني، أن الحل السياسي للأزمة الليبية عليه أن يؤجل حتى القضاء على "الميليشيات الإرهابية" التي قال "إنها تعيق أي عملية سياسية"، مؤكداً أن "قوات الجيش لا ترغب في قتال المغرر بهم والأطفال؛ لكنها ستلاحق (الإرهابيين) وستقطع دابرهم من ليبيا".

وكان المسماري قد أعلن في السابع من الشهر الحالي، رفض الجيش الوطني دعوة وجهها غسان سلامة رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، للعودة إلى طاولة الحوار، مؤكداً أن الحل العسكري للنزاع هو الطريق الأمثل.

وبعدما أكد في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس، أن قوات الجيش تقدمت إلى أماكن جديدة في طرابلس تحت غطاء مكثف من الطيران، ووسط انهيار في صفوف عناصر القوات الموالية لحكومة الوفاق، رأى المسماري أن "القضاء على (الإرهابيين) خارج العاصمة، سيتيح لعناصر الجيش الدخول إلى طرابلس فاتحين وليس مقاتلين". ولفت إلى هروب عدد كبير من قادة الميليشيات الإرهابية من طرابلس بعد تحويلهم مبالغ ضخمة لخارج البلاد".

ويجمع الكثير من المتابعين للشأن الليبي على ضرورة انهاء الصراع المسلح بين الليبيين وحقن الدماء والذهاب الى طاولة الحوار أملا في الوصول الى تسوية تنهى الأزمة الشائكة،لكنهم يشيرون من جهة أخرى الى ضرورة استعادة مؤسسات الدولة وانهاء نفوذ الجماعات المسلحة التي تمثل منذ سنوات عائقا أمام استعادة الأمن والاستقرار في البلاد.

ورغم تراجع نشاط الجماعات المتشددة في ليبيا، يبقى البلد ليس بمنأى عن مخاطر المتطرفين وهو ما أكده القصف الجوي الأخير الذي نفذته أفريكوم في ضواحي مدينة مرزق جنوب البلاد والذي أسفر عن سقوط عدد من الارهابيين.ويؤكد هذا الهجوم أن الانقسام السياسي والتنازع على الشرعية يبقي البلاد في دائرة الخوف.وبالرغم من الجهود المتواصلة للوصول إلى تسوية شاملة فان العديد من المراقبين يرون بأن إنهاء نفوذ الميليشيات يبقى النقطة الأولى لتحقيق الإستقرار في البلاد.