"إن الحراك الشعبي تلك الحركة الاحتجاجية التي انطلقت للتعبير عن رفض ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة، لم يعد له وجود كما كان في بدايته، في الوقت الذي تحاول فيه بعض المنظمات غير الحكومية الدولية معارضة هذه الشرعية المزعمة للحراك بغية تمديد غياب حل سياسي و الإبقاء على أعلى مستويات الضغط من أجل الوصول إلى إحلال فوضى عارمة"، حسب أستاذ الفلسفة محمد بوحميدي خلال حديثه الى وكالة الأنباء الجزائرية.

ويرى بوحميدي، أن الحراك تطور لأن هذه الحركة انتهت منذ شهر ماي 2019، إلا أنها أعطت ثمرة جديدة مغايرة لها في بروز الطبقات المتوسطة في الحياة السياسية المباشرة

لدى تطرقه إلى دور المنظمات غير الحكومية الدولية في هذه الموجة الثانية للحراك أشار المتحدث إلى أن هذه التنظيمات التي تتحدث عنها بعض وسائل الاعلام الاجنبية ومنظمات غير حكومية دولية تسعى بالمقابل إلى معارضة هذه الشرعية المزعمة للحراك بغية تمديد غياب حل سياسي والابقاء على أعلى مستويات الضغط من اجل الوصول الى احلال فوضى عارمة.

فلابد من التمييز بين الاحتياجات السياسية و الثقافية لهؤلاء المتظاهرين من جهة و بين أهداف الذين يتحدثون باسمهم من جهة أخرى حسب رأيه.

لكنه أشار إلى أن "المتظاهرين لن يتقبلوا ان يتم التلاعب بهم" متأسفا لكون "هذه الوضعية قد أدت الى أزمة+ الثورة الديمقراطية+."

وأوضح يقول أنه للخروج من هذا المأزق (التظاهر كل يوم جمعة) قررت هذه الجمعيات، بالتحالف مع الهارب مستعمل الفايسبوك المعارض للنظام الجزائري محمد زيطوط، الخروج كل يوم السبت الى الشارع سعيا منها لإدخال الجزائر في دوامة استراتيجية الولايات المتحدة الامريكية والحلف الاطلسي و اسرائيل من أجل احداث فوضى عارمة مستغلة كل الخطوط الحساسة الاثنية و اللغوية و الثقافية و الدينية و غيرها.

ويرى الأستاذ الجامعي أن المظاهرات الأسبوعية (التي توقفت تفاديا لتفشي فيروس كورونا المستجد)، كانت بعيدة جدا جدا عن استقطاب نفس أعداد المتظاهرين مقارنة بالفترة الممتدة من فيفري إلى ماي 2019.

وأضاف أن شخصيات وصفها ب"الزعماء المنتخبين أو التلقائيين " والتي تتكلم اليوم باسم المتظاهرين قيمت عدد الأشخاص الذين خرجوا الى الشارع خلال هذه الفترة بالملايين. واستنادا لتقييماتهم لشهري فيفري و مارس2019، لا يمكن بصفة شرعية لهؤلاء "الزعماء" التحدث باسم الجماعات التي تخلت عنهم.

هؤلاء، كما قال، نفسهم من دعوا بعد انتخابات 12 ديسمبر الى النقد الذاتي واعادة تقييم نشاطاتهم بحثا عن سبيل لتفسير فشلهم الذي أرجعوه الى عدم انجاح عملية المقاطعة العامة للانتخابات الرئاسية .

وأضاف أذكركم مجددا بأن توجيه الحراك و التعبئة الشعبية كانت موضوع كفاح بين مختلف الحركات والتنظيمات ومن هذا المنطلق، أحدد تاريخ 29 أبريل "منعرجا للحراك "حيث يتبين أن كلما تم تأكيد عملية ايقاف كبار المسؤولين في الدولة عرفت التعبئة الشعبية تراجعا ملاحظا.

وبرأيه فقد تبين للطبقات الشعبية بشكل واضح بأنه تم ايجاد نصف حل المعادلة التي قد تعرفها أي أزمة سياسية: " تكون الأزمة حين يعجز المسؤولون عن الحكم كما كانوا عليه آنفا و عندما يرفض المحكومون أن يخضعوا للحكم كما كانوا عليه سابقا".

وأردف بوحميدي قائلا "كان شهر ماي شهرا حاسما" و ان الهجوم الذي تم شنه ضد الجيش الشعبي الوطني، متسترين تحت غطاء شن هجوم ضد نائب وزير الدفاع الوطني قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الراحل قايد صالح، أثبت لشعبنا الاختلافات العميقة الموجودة ضمن الشعب لاسيما تلك المتعلقة بنمط الحكم الجديد المراد وضعه.

وحسبه فقد إنجر عن حل الازمة السياسية، بعد الانتخابات الرئاسية، بروز أزمات أخرى ثقافية واقتصادية واجتماعية ولسانية بل وحتى أزمات عرقية.

واختتم الأستاذ بوحميدي حديثه بأن الحراك، بصفته الشكل الملموس لهذه التعبئة الشعبية، أنهيت مهمته التاريخية، إلا أن الحراك كان يحمل بذاته أكثر من أزمة سياسية فلقد وضع على الساحة السياسية كتلا شعبية معتبرة.