على الرغم من أنها تبدو مهمة شاقة، فقد صعدت جماعة "بوكو حرام" المتشددة عمليات تجنيد النساء في إطار حملة العنف التي تشنها في منطقة شمال شرق نيجيريا المضطربة.

وفيما تقول مصادر أمنية إن الجماعة تحتاج النساء لـ"الطهي"، تعتقد الحكومة النيجيرية أن الجماعة المسلحة تستهدف تجنيد النساء للعمل كمخبرات، والقيام بعمليات التجسس لخدمة هجماتها، ومن بينها الهجمات الأخيرة على مركز تجاري في العاصمة أبوجا، وسوق بمدينة مايدوغوري عاصمة ولاية بورنو (شمال شرق) ومعقل "بوكو حرام"- التي حصدت أرواح 50 شخصا.

ومؤخرا، أعلن الجيش عن اعتقال 3 نساء، واتهمهن بأنهن أعضاء في جناح "بوكو حرام" النسوي. وقال الجيش في بيان، تلقت وكالة الأناضول نسخة منه "كشفت معلومات عن أن المشتبه بهن، بقيادة حفصة باكو، كانت لديهن مهمة تجنيد أعضاء في الجناح النسوي، والقيام بالتجسس لصالح الجماعة (بوكو حرام)".

وقال مصدر أمني لوكالة الأناضول، "أظهرت (معلوماتنا) الاستخباراتية أن المتمردين أصيبوا بالإحباط". وأوضح المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته "البعض منهم (عناصر بوكو حرام) لم يروا زوجاتهم وأطفالهم منذ أكثر من سنتين، لأنهم يعيشون في الأدغال وفي مخيمات".

وتابع: "لذلك فإنهم يبحثون باستماته عن النساء للبقاء معهم، والطهي لهم حين يذهبون لشن هجماتهم". وأشار المصدر، إلى أن بعض النساء ينتهي بهن المطاف "بغسل أدمغتهن لتنفيذ أعمال إجرامية أخرى، مثل التجسس على المناطق المستهدفة، وحفظ ونقل الأسلحة ... لمقاتلي بوكو حرام، أو تنفيذ تفجيرات انتحارية مقابل أموال".

في منتصف شهر يونيو/ حزيران، الماضي، فجرت امرأة تحمل عبوات ناسفة بدائية الصنع نفسها في قاعدة عسكرية في ولاية غومبي (شمال شرق)، بعد فشلها في دخول القاعدة، ما أسفر عن مقتل 5 أشخاص على الأقل، بينهم جنود.

وظلت "بوكو حرام"، تعمل مع النساء منذ يوليو/ تموز عام 2009، عندما نفذت أول هجوم بري في مايدوغوري، حصد أرواح أكثر من 300 شخص.

وقال أبو بكر جدة، وهو مدرس إن "بعض مقاتلي بوكو حرام الذين تم حشدهم من ولايات بوتشي وكانو، وجيغاوا، وغومبي (شمال شرق) إلى مدينة مايدوغوري في يوليو/ تموز عام 2009، عندما نفذوا أولى هجماتهم، جاءوا مع نساءهم/ زوجاتهم"

وأضاف في حديث لوكالة الأناضول: "أتذكر أن الشرطة ألقت القبض على بعض منهن، حيث تم احتجازهن في منزل على مشارف المدينة".

وذكر بعض سكان مايدوغوري أن العديد من المشتبه بهن من عضوات الجماعة، قد اعتقلن في أعقاب حملة عام 2013 على المتمردين المحليين شنها شباب ينتمون لجماعات أهلية محلية للحماية المدنية.

وقال أبا محمد، وهو عضو في جماعة أهلية محلية للحماية المدنية: "ألقي  القبض على امرأة في غوانغي وبحوزتها أكثر من 2000 طلقة ذخيرة مخبأة في كيس من النايلون الأسود، وأخرى تخبأ بنادق آلية (إيه كيه 47) تحت نقابها، ادعيا أنهما أرسلا لتسليمها في بعض المواقع داخل العاصمة من قبل أزواجهن الذين هم من مقاتلي بوكو حرام".

وأضاف في حديث لوكالة الأناضول، "اعتقلنا أكثر من 20 امرأة من المشتبه بهن في المدينة".

وبدوره، قال مدير التواصل الاجتماعي في إبراشية مايدوغوري، القس جيديون أوباسوغي، إن الجناح النسوي في بوكو حرام يضم زوجات المتمردين والمتعاطفين معهم.

وأضاف في تصريح لوكالة الأناضول: "ربما تكون هؤلاء السيدات من المتعاطفات مع بوكو حرام، أو زوجاتهم أو أقاربهم". وتابع: "في ظل التمرد، لا يمكن الوثوق بأحد، لأنه عادة ما يستخدم المتمردون المخبرين والجواسيس والعديد من الأشخاص لضرب الأهداف السهلة".

وأشار إلى أن "الإرهابيين يستخدمون أي شخص، لذلك فأنا لم أفاجأ أنهم يستخدمون النساء"، وأضاف أن بعض النساء ربما يدعمون بوكو حرام في مقابل المال. ومضى الكاهن الكاثوليكي قائلا: "الفقر مستوطن هنا. وفي بعض الحالات ربما يتجه بعض الناس، ولا سيما النساء اللواتي قتل أزواجهن إما عن طريق (هجمات) بوكو حرام أو في اشتباكات مع الأجهزة الأمنية، إلى الجماعة بعد سلسلة من العروض".

ولكن داودا بام، وهو صحفي، يعتقد خلافا ذلك، أن "بوكو حرام" تدرس فقط سبلا أخرى للدمار، وذلك باستغلال النساء للوصول إلى أهدافها". وأضاف في حديث لوكالة الأناضول: "بعد أن استنفدوا قدراتهم التدميرية، يحاولون الآن استخدام النساء، وهم يعلمون جيدا أنهم ينظر إليهن باعتبارهن غير مؤذيات وأكثر قبولا هنا".

وتابع: "كثير من الناس ليس من المحتمل أن يشتبهوا في أن تحمل سيدة أو امرأة عبوات ناسفة أو تتجسس لصالح بوكو حرام"، وحث السكان المحليين على أن يكونوا أكثر حذرا. ومضى قائلا: "ينبغي أن يكون الناس أكثر يقظة في الوقت الراهن، ويتعين على الحكومة تعزيز حملات مكافحة التمرد، والإرهاب".

وبلغة قبائل "الهوسا" المنتشرة في شمالي نيجيريا، تعني "بوكو حرام" "التعليم الغربي حرام"، وهي جماعة نيجيرية مسلحة، تأسست في يناير/ كانون الثاني 2002، على يد محمد يوسف، وتقول إنها تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية في جميع ولايات نيجيريا، حتى الجنوبية ذات الأغلبية المسيحية.

وحافظت جماعة "بوكو حرام" على سلمية حملاتها -رغم طابعها المتشدد- ضد ما تصفه بـ"الحكم السيء والفساد"، قبل أن تلجأ عام 2009 إلى العنف، إثر مقتل زعيمها محمد يوسف، أثناء احتجازه لدى الشرطة.