انتقدت مجلة بوليتيكو، الأمريكية، وسائل الإعلام الغربية والعالمية على حد سواء، لتصويرها مدبر تفجيرات باريس الدامية الداعشي البلجيكي، عبد الحميد أبا عود، كأنه رجل خارق.

وتقول المجلة إن أبا عود ليس أكثر من سفاح انتهازي أزهق أرواح أبرياء، وليس "مخططاً وداهية" كما وصفته صحف نيويورك تايمز ولوس أنجلوس تايمز والغارديان والأندبندنت، ومجلة تايم، ووكالة أسوشييتيد بريس ومحطات سي بي إس وفوكس نيوز، وغيرهم من المنافذ الإعلامية.

وترى بوليتيكو أن القول بأن لا شيء غير عادي أو" بارع" بشأن عملية التخطيط للعملية الإرهابية، التي جرت يوم الجمعة الأخيرة في باريس، لا يقلل من حجم الرعب الذي سببته لسكان المدينة، ولا في الألم الذي سببته لعائلات الضحايا. كما ليس هناك ما يدعو لاعتبار أن هناك شيئا من "العبقرية" في التخطيط لعمليتين أخريين، فشل السفاح أبا عود في تنفيذهما في بداية العام الجاري، الأولى داخل قطار سريع، والثانية في كنيسة.

وتقول المجلة إن تلك العمليتين لم تتطلبا خيالاً يفوق ما يحتاج إليه من يطلب وجبة بيتزا، وحيث لم يكن أبا عود بحاجة سوى لتزويد قتلة ببنادق آلية أو مسدسات، وتوجيههم نحو مناطق يتجمع فيها مدنيون أبرياء.

ولكن، برأي المجلة، كان الهجوم على باريس أكثر تعقيداً، وحيث يتهم أبا عود بإرسال ثلاث مجموعات من المهاجمين إلى ستة أو سبعة مواقع لتنفيذ جرائمهم.

 ولكن لا يستطيع أي مخطط حقيقي التباهي بالنتائج. لأنه في أو بالقرب من استاد، حيث تجمع أكثر من ٨٠ ألف مشجع لمراقبة مباراة بين ألمانيا وفرنسا، فجر انتحاريون ثلاثة أنفسهم، وقتلوا شخصاً واحداً فقط.

وتشير بوليتيكو إلى أنه من الصعب القول وبدم بارد إن الهجوم على باريس انطوى على خطة فاشلة. فلو كان مدبر العملية عبقرياً بالفعل، لتم قتل مئات أو ربما أكثر من ألف شخص. ولو تقبلنا التقديرات بأن ثمانية قتلة شاركوا في هجمات باريس، فقد تمكنوا من قتل عدد أقل من الأشخاص، مما استطاع شخص غير متزن فعله داخل مدرسة ساندي هوك الابتدائية. ولم يصفه أحد بكلمة" عقل مدبر".

وتتساءل المجلة عما يدعونا لتقبل فكرة أن المخطط لجرائم القتل في باريس كان صاحب" عقل مدبر". ولماذا لا يمكن إطلاق وصف أكثر شيوعاً، مثل منظم أو قائد؟

ربما يعود السبب، برأي بوليتيكو لكوننا نربط بين الذكاء الشيطاني وبين الإرهابيين لأننا لا نستطيع تقبل أن إنساناً بكامل قواه العقلية ويتمتع بمستوى طبيعي من الذكاء يستطيع أن يقتل أعداداً كبيرة من الناس دون أن يرمش له جفن. وكلنا نشاهد مثل تلك الجرائم في أفلام الرعب، ونقرأ عنها في الروايات التي تصور لنا سفاحين يتمتعون بذكاء خارق، مثل البروفوسور مورياتي" شخصية خيالية عدو شارلوك هولمز) وإيرنيست ستارفو بلوفيلد (شخصية شريرة ظهرت في أفلام جيمس بوند)، وكذلك هانيبعل ليكتور.

وترى المجلة أن خطراً آخر يكمن في وصف الإرهابيين بأنهم يملكون ملكات كالذكاء الخارق أو التخطيط الفائق، لأننا في تلك الحالة نبالغ في تقييمهم، مما يقود لزيادة شهرتهم، ويضاعف بالتالي من مكانتهم العالمية، وقدرتهم على تجنيد أغرار جدد، فضلاً عن تصوير الغرب بالعاجز عن مواجهتهم والتصدي لهم، إن لم يكن دحرهم.