يزداد وضع حكومة الوفاق الليبية برئاسة فائز السراج هشاشة في ظل الأزمات الداخلية التي تعصف بها مع تجدد الاستقالات في صفوفها في مؤشر على انقسامات وخلاف حاد داخلها بالتزامن مع تزايد ضغط الجيش الوطني الليبي في المعارك التي تشهدها العاصم الليبية وتقدمه الميداني المتواصل نحو قلب طرابلس.

وفي تطور جديد يلقي الضوء على الأزمات التي تعيشها،أعلن وزير التعليم بحكومة الوفاق الوطني الليبية عثمان عبدالجليل،الخميس استقالته من منصبه احتجاجاً على قرار رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج فصل قطاع التعليم العالي عن التعليم العام.وأوضح عبدالجليل، في مؤتمر صحفي، أن قرار فصل التعليم العالي عن العام لا طائل منه، وأنه سبق ورفض هذا الاقتراح في نقاشات سابقة مع السراج. واعتبر أن الفصل بينهما يُعد "أحد أبرز أسباب تدهور التعليم في السابق "، مشدداً على أن "ارتباطهما هام ومتكامل".

وكان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق أصدر، الأربعاء قراراً بإعادة هيكلة قطاع التعليم ليكون بذلك بعهدة وزارتين، وزارة التعليم العام ووزارة التعليم العالي.ونص القرار رقم 1267، في مادته الثانية أن يصدر الهيكل التنظيمي للوزارتين المحددتين بالمادة الأولى، قرار من مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص.

كما نص القرار على أن تشكل لجنة فنية بقرار من رئيس المجلس الرئاسي تتولى حصر أصول وموجودات وزارة التعليم واتخاذ الإجراءات اللازمة للفصل بين الوزارتين وفقا لأحكام القرار،فيما أوقف ديوان المحاسبة قرار وزير التعليم المفوض عثمان عبدالجليل بوقف مرتبات 152 ألف وتسعمائة موظف بحجة أنهم ليس لديهم أي بيانات في كشوفات الملاكات الوظيفية أو الاحتياط العام، فضلا عن إيقاف الوزير 805 من مراقبي التعليم ومديري المدارس الذين شاركوا في إضراب المعلمين.

وتأتي استقالة عبدالجليل بعد أسابيع من احتجاجات واعتصامات نفذتها نقابات هيئة التدريس والموظفين بالجامعات والمعاهد العليا،الشهر الماضي للمطالبة بإقرار الزيادة في رواتبهم بما يتماشى مع طبيعة وظائفهم،مما تسبب في عدم استئناف الدراسة بعد انتهاء العطلة الصيفية. وكان من المقرر أن يبدأ العام الدراسي الجديد يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول.

وتطورت عقب ذلك مطالب المعلمين المحتجين الى المطالبة باقالة وزير التعليم المفوض عثمان عبدالجليل،وذلك في أعقاب تهديدات أطلقها الأخير ضد مراقبي التعليم بالبلديات ومدراء المدارس المضربين بالإيقاف عن العمل إذا لم تفتح المدارس والمؤسسات التعليمية في ليبيا.وقال عبد الجليل "المعلمون المعتصمون الذين يغلقون المدارس يرتكبون جريمة وفق المادة 238 من قانون العقوبات العام الليبي"، متوعدا المضربين بالإحالة على النائب العام للتحقيق.

وكانت وزارة التعليم قد أعلنت أن حكومة الوفاق أوقفت مرتبات أكثر من 150 ألف معلم وموظف في الوزارة لا تتوفر معهم الوثائق المناسبة، مما أدى إلى تفجر تفاقم الاحتجاجات.وقالت وزارة التعليم في بيان الأحد الماضي إن أصحاب الرواتب التي أوقفت كانوا يتلقونها دون أن يقدموا للوزارة الوثائق التي تثبت عملهم في الحكومة.وأضافت أن ما يزيد على 800 موظف إداري في الوزارة سيخضعون للتحقيق لانتهاكهم القوانين مثل تغيبهم عن العمل دون إذن.

وتكشف استقالة عبدالجليل حدة الخلافات داخل حكومة الوفاق التي شهدت سابق العديد من الاستقالات على غرار استقالة محمد لملوم وزير العدل في أبريل الماضي،والتي جاءت حينها بعد يومين من اعلان نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية علي القطراني استقالته من المجلس بسبب انفراد السراج رئيس المجلس بالقرارات.

وقال القطراني حينها في بيان له، إن سلوك السراج الذي تحركه الميليشيات كما قال، لن يقود ليبيا إلا إلى مزيد من المعاناة والانشقاق.وثمن القطراني تقدم الجيش الوطني الليبي نحو طرابلس، لتخليصها من سيطرة ما وصفها بالتنظيمات الإرهابية والميليشيات الإجرامية المسلحة، مؤكدًا أن السراج خرق الاتفاق السياسي الليبي بانفراده بممارسة اختصاصات المجلس بتحريض من هذه الميليشيات.

من جهة أخرى،تتزايد الضغوط على حكومة الوفاق في ظل الخسائر المتتالية في معارك طرابلس وعدم قدرتها على مواجهة تأثيراتها.ونقلت وكالة الأنباء الألمانية(د ب ا)،الخميس عن مصدر مطلع داخل مقر رئاسة الوزراء بالعاصمة الليبية طرابلس قوله بأن: "المجلس الرئاسي طلب من موظفيه مغادرة المقر، بعد ورود أنباء عن نية بعض جرحى الحرب الهجوم على مقر المجلس الكائن بطريق السكة وسط طرابلس، احتجاجا على عدم توفير سبل العلاج اللائق لهم، بعد إصابتهم في الحرب الدائرة بالنواحي الجنوبية للعاصمة الليبية".

ويأتي هذا في وقت كثف فيه الجيش الوطني الليبي من ضرباته في العاصمة طرابلس ومدينة مصراتة (غرب)،لأهداف عسكرية تابعة للقوات الموالية لحكومة الوفاق.والجيش الوطني، أمس، غارات جوية مُكثّفة على مواقع لقوات الوفاق بالعاصمة، حيث قال بيان أصدرته شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش إن هذه الحملة الجوية أسفرت عن استهداف المواقع، وتدميرها بالكامل، لافتاً إلى "تحصن الميليشيات بها، واستعمالها مقرات لغرف العمليات، ولتخزين الأسلحة والذخائر.

وناشدت الشعبة في بيانها سكان العاصمة الابتعاد عن المواقع والتمركزات ومخازن الذخيرة والمعسكرات التابعة لمجموعات الحشد الميليشاوي، مؤكدةً حرص قوات الجيش على سلامة المدنيين. فيما حذر المركز الإعلامي لغرفة "عمليات الكرامة"، التابع للجيش، أولياء أمور طلبة الثانوية بطرابلس من بدء الميليشيات محاولة استدراج أبنائهم للقتال، من خلال إغرائهم بمبلغ مالي قيمته 500 دينار، كل يوم.

وفى مصراتة، شنّت مقاتلات حربية تابعة للجيش الوطني، مساء أول من أمس، سلسلة غارات جوية على قاعدة مصراتة الجوية. وقال بيان للواء أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش،الخميس، إنه بعد جمع المعلومات، تم رصد مواقع متفرقة في الكلية الجوية بمصراتة، تُستخدم لتجهيز وتخزين الطائرات المُسيّرة وذخائرها، مشيراً إلى إقلاع مقاتلات سلاح الجو من عدة قواعد للانقضاض على أهدافها في التوقيت ذاته، والقضاء نهائياً على هذا التهديد.

وأكد أن سلاح الجو دمر المرافق المستخدمة فى تخزين وتجهيز الطائرات بنسبه 100% وعادت الطائرات لقواعدها سالمة بعد تنفيذها لواجباتها بنجاح.وأوضح المتحدث باسم الجيش الليبى أن وقف إطلاق النار لا يمكن أن يكون بين قوات مسلحة نظامية ومليشيات مسلحة وإجرامية لا تعترف بالمبادىء الوطنية ولا القانون الدولي.

ونجح الجيش الوطني الليبي خلال الأيام الماضية في تحقيق تقدم كبير مع سيطرته على مواقع جديدة منها معسكر اليرموك ومنطقتى الأحياء البرية، والكزيرما.وفي بيان سابق، أكد الجيش الليبي "انشقاقات كبيرة في صفوف مليشيا أغنيوة الككلي" وهي إحدى أبرز المليشيات في العاصمة طرابلس وتعرف باسم "الدعم المركزي" بمنطقة أبو سليم، التي تقاتل مع قوات الوفاق في طرابلس.

وقال الناطق باسم قوات الجيش الوطني،إن القوات التابعة  لحكومة الوفاق، تترنح أمام تقدم طلائع قوات الجيش بخطى ثابتة نحو طرابلس، مؤكدا تدمير مقرات وغرف عملياتهم.وأشار إلى النجاحات التي حققتها قوات الجيش، في الوقت الحالي مؤكدا أن القوات وصلت إلى مناطق في غرب العزيزية، منطقة أبو شيبة، الكريمية، ومعسكرات على طريق المطار بالقرب من قلب طرابلس، بالإضافة لمدخل الهضبة الشرقية وهو المدخل الجنوبي الشرقي للمدينة

وأكد المسماري أنه بعد عملية تطهير طرابلس من المليشيات سيتمكن الليبيون من إعادة عجلة العملية السياسية حسب المعايير الدولية المتعارف عليها.واختتم تصريحاته "سنؤمن حوارا سياسيا لكافة الليبيين وتأمين انتخابات لليبيين وسنفرض هيبة الدولة على كامل التراب الليبي، وهذا يتطلب استمرار المعركة والقضاء على المليشيات المسلحة والعصابات الإجرامية التي تستنزف مقدرات وثروات الشعب الليبي".

وتزايدت التأكيدات مؤخرا من قبل مسؤولين في الجيش الليبي على قرب حسم المعارك في العاصمة الليبية وذلك بعد ستة أشهر من انطلاق عملية "طوفان الكرامة" التي أطلقتها القيادة العامة في أبريل الماضي لانهاء نفوذ المليشيات.ويرى مراقبون أن دخول الجيش لطرابلس سيكون بداية الطريق نحو انهاء الانقسامات التي كرستها فوضى المليشيات والتوجه نحو اعادة بناء الدولة ومؤسساتها.