صعّد تيار الاسلام السياسي من خطابه التحريضي ودعواته للتحشيد وادخال البلاد في دوامة العنف على وقع خسائره المتتالية وضربات الجيش الليبي الموجعة التي تتزامن مع تقدمه الميداني الكبير الذي يؤشر على اقتراب دخوله للعاصمة الليبية طرابلس وانها سيطرة المليشيات المسلحة التي يعول عليها الاسلاميون لاستمرار سطوتهم ونهبهم لثروات الليبيين وخدمة أجندات خارجية بعيدا عن مصلحة ليبيا.
وكعادته من مدينة اسطنبول التركية حيث يستقر مع أبنائه،عاد مفتي ليبيا المعزول الصادق الغرياني للظهور مجددا في محاولة للتحريض على العنف والدعوة لاستمرا القتال واراقة المزيد من الدماء.وزعم الغرياني أن "ليبيا تخوض، منذ سنوات، حرباً ضروساً غاشمة ضد عصابة ظالمة جائرة مستقوية بدول أجنبية متعددة الأطراف والاتجاهات، وفق قوله، في إشارة إلى الجيش الليبي.
واتهم الغرياني في تصريحات عبر قناة "التناصح" الأربعاء،"دول خليجية ومصر وفرنسا وأمريكا وروسيا، كلهم الآن متعاونون علينا مع هذا الظالم - في إشارة لحفتر - الذي ينفذ مُخطط المشروع الصهيوني في المنطقة.على حد زعمه.
ولم يتواني الغرياني كالعادة في اصدار فتوى جديدة تبيح القتل واراقة دماء الليبيين،حيث زعم بوجوب الجهاد ضد الجيش الليبي لرد العدو، وفق ما ذكر، قائلاً: "الجهاد فرض عين على كل مسلم، ينبغي أن يفعل ما يستطيع لأن هذا جهاد دفع للعدو، حتى لو كان ظاهره أنه من بني جلدتنا ، فهي حرب بيننا وبين الصهاينة  ويتوجب على كل شخص خاصة الشباب الذين يضربون مثل في الشجاعة والثبات والإصرار على دحر العدو أن يقدموا ما لديهم في المعركة".
وطالب الغرياني، الدعاة أن يؤازروا من وصفهم بـ "المدافعين عن العاصمة" وزيارتهم في المحاور، داعيا دار الإفتاء التابعة لحكومة الوفاق أن تستحدث إدارة خاصة للتعبئة وحشد الشباب إلى الحرب، مؤكدًا أن هذه مسؤوليتها، مضيفا أن الأوقاف يجب أن تقوم بما كانت تقوم به ما كانت تعرف في العصور السابقة بـ "ولاية الحسبة" من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر.
وتصف أوساط ليبية الغرياني بـ"مفتي الإرهاب" بسبب آرائه الدينية المتشددة، وفتاويه التي تحرض على القتل في البلد المنقسم منذ العام 2011.وأصدر الغرياني فتاوى داعمة للجماعات المتطرفة، وأباح اقتحام تنظيمي "القاعدة" و"داعش" للمدن الليبية، الأمر الذي تسبب في خلعه من منصبه، وبعدها سافر إلى تركيا وأقام هناك، مطلًا كل أسبوع على الليبيين بفتاوى ودعوات تحريضية تخص الشأن الليبي.
ويأتي ظهور الغرياني في محاولة جديدة لتحشيد الدعم ضد الجيش الليبي الذي يواصل تقدمه باتجاه السيطرة الكاملة على طرابلس.حيث أعلنت شعبة الاعلام الحربي التابعة للجيش، الجمعة، تقدم الوحدات العسكرية في كافة محاور العاصمة طرابلس ، مشيرة إلى أن الجيش لم يستخدم كامل قوته حتى الأن.وأكدت الشعبة، في تدوينة لها عبر موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك"، جاهزية الوحدات العسكرية الجوية والبرية والبحرية بعد أن تلقت التدريبات لرفع كفاءتها، مشيرة إلى أن وحدات الجيش على أهبة الاستعداد لأي عمليات تكلف بها.
وفشلت محاولة تيار الاسلام السياسي الذي يسيطر على حكوم الوفاق في تشتيت الجيش الليبي في الجنوب من خلال شن مجموعات مسلحة تابعة لها هجوما على حقل الفيل النفطي والسيطرة عليه ساعات قليلة قبل أن تنجح القوات المسلحة في استعادة السيطرة على الحقل بعد دحر المهاجمين وتكبيدهم خسائر كبيرة.
وتلقى تيار الاسلام السياسي ضربة موجعة بمقتل حسن موسى سوقي،قائد القوة التي هاجمت حقل الفيل والذي نعته عناصر من قوة حماية الجنوب التابعة للمجلس الرئاسي،الخميس 28 نوفمبر 2019،بحسب ما أوردت تقارير اعلامية.وكان المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة،رجح مقتل حسن موسى، عقب ضربة جوية استهدافت سيارته أثناء هروبه من حقل الفيل النفطي جنوب غرب ليبيا.
وقال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة، في تدوينة نشرها عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، "أنباء من مصادرنا، مقتل الميليشياوي المدعو حسن موسى في استهداف سيارته المسلحة أثناء محاولة هروبه من حقل الفيل بضربة جوية علما انه أحد القائمين بتهريب المرتزقة بالتعاون مع حكومة الميليشيات وهو ملقب. بالتنّي . بالتاء حسب اللهجة التباوية وهو الذي قاد الهجوم الإجرامي على الحقل"، بحسب تعبيره.
وكان حسن موسى أحد أكبر المهربين في منطقة الكفرة قبل طرده من قبل قوات الجيش الليبي، وتحالف مع مجموعات مسلحة من المعارضة التشادية، ونفذ عدة هجمات على مواقع عسكرية مع ابراهيم الجضران وسرايا الدفاع عن بنغازي منذ عام 2016، بالإضافة إلى الهجمات المتكررة على الحقول والموانئ النفطيـــة وعلى مدينة سبها ومطار تمنهنت في وقت سابق.
وورد اسم حسن موسى في تقرير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة والمنظمة الدولية لمكافحة الجريمة الصادر عام 2017، برفقة كل من أدامو تشيكي التباوي وشريف أبردين التارقي باعتبارهم المسؤولين مسؤولية تامة عن استقبال الأفارقة القادمين من النيجر عبر الصحراء، وإنهم يتقاضون رسوما كبيرة مقابل السماح للمهاجرين غير الشرعيين بعبور الصحراء الليبية نحو الشمال.
وشكل حسن موسى "قوات حماية الجنوب"، وهي مليشيا قوامها الرئيسي مقاتلين من قبائل التبو الليبية ومرتزقة من تشاد ودول أفريقية أخرى مثل نيجيريا،وحصل على مبالغ كبيرة من المجلس الرئاسي برئاسة فائز السراج لشراء مرتزقة تشاديين مجدداً بعد أن طردهم الجيش الوطني الليبي من الجنوب، ولتوفير المقاتلين في الجبهات المختلفة في طرابلس والجنوب.
وارتكبت "مليشيات حماية الجنوب" عددا من الجرائم المسلحة في مدينة "مرزق" و"سبها" و"غدوة" وغيرها من المدن منذ إعلان الجيش الليبي إطلاق عملية "طوفان الكرامة" لتحرير العاصمة طرابلس في 4 أبريل/نيسان الماضي من المليشيات كنوع من تخفيف الضغط على المليشيات المتحالفة معها بعد اشتداد ضربات الجيش الليبي.
وأعاد الجيش الليبي تأمين حقل الفيل النفطي، كما أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط الليبي استئناف الإنتاج في حقل "الفيل" الذي يبلغ إنتاجه نحو 70 ألف برميل يومياً.وأشار متابعون للشأن الليبي أن محاولة تشتيت الجيش الليبي في الجنوب فشلت كسابقاتها في ظل الجاهزية الكبيرة التي تتمتع بها القوات المسلحة وتحضيرها الجيد للمعارك على أكثر من جبهة.
وفي هذا السياق،أكد آمر إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة ،العميد خالد المحجوب ،أن الاشتباكات في الجنوب لم ولن تؤثر على خط سير المعركة في طرابلس ،موضحا أن لكل جبهة غرفة عمليات خاصة، مجهزة للاعتماد على نفسها في إطار الخطط الموضوعة لها من غرفة العمليات الرئيسية.
وأشار المحجوب الى تطورات سير المعارك في العاصمة الليبية قائلا في تصريح صحفي ،إن غرفة عمليات الجيش الليبي بالمنطقة الغربية ،حققت مزيدا من الانتصارات و أن كتائب الجيش الليبي تتقدّم ميدانيا في عدد نقاط جديدة ،دون أن يسميها ،مؤكدا أن الأيام القادمة ستكون حاسمة في معركة طرابلس.
ويأتي تحريض الغرياني بالتزامن مع توقيع حكومة الوفاق لمذكرة التفاهم الأمني والبحري مع تركيا والتي قوبلت بالرفض من عدة أطراف ليبية.كما رفض وزراء خارجية مصر واليونان وقبرص،هذه الاتفاقية وأجرى وزير الخارجية المصري، سامح شكري،اتصالين هاتفيين بكل من وزير خارجية اليونان نيكوس دندياس ووزير خارجية قبرص نيكوس خريستودوليدس.
وصرح المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، المستشار أحمد حافظ، أنه "تم التوافق بين الوزراء على عدم وجود أي أثر قانوني لهذا الإجراء الذي لن يتم الاعتداد به لكونه يتعدى صلاحيات رئيس مجلس الوزراء الليبي، وفقاً لاتفاق الصخيرات، فضلاً عن أنه لن يؤثر على حقوق الدول المشاطئة للبحر المتوسط بأي حال من الأحوال".
يأتي هذا بعد تأكيد وزارة الخارجية المصرية أن هذا الاتفاق معدوم الأثر القانوني، ولا يمكن الاعتراف به على ضوء أن المادة الثامنة من اتفاق "الصخيرات" السياسي بشأن ليبيا والتي تنص صراحةً على أن مجلس رئاسة الوزراء ككل وليس رئيس المجلس منفرداً من يملك صلاحية عقد اتفاقيات دولية.كما رفضت اليونان الإعلان ووصفته بأنه أمر منافٍ للعقل من الناحية الجغرافية، لأنه يتجاهل وجود جزيرة كريت اليونانية بين الساحلين التركي والليبي.
ومنذ اندلاع المعارك في العاصمة الليبية طرابلس مطلع أبريل/نيسان الماضي،أعلنت تركيا دعمها للمليشيات المسلحة وامدادها بمعدات عسكرية،وذلك بهدف منع سقوط جماعة "الاخوان" ذراع أنقرة في ليبيا والراعي الرسمي لمصالحها ونفوذها هناك.وألقى هذا الدعم الكبير الضوء على نوايا تركيا المشبوهة،التي كشف عنها الرئيس التركي صراحة حين تحدث فى خطاب له في أكتوبر الماضي الماضى،أمام منتدى "تى أر تى وورلد"،عن أن "الأتراك يتواجدون فى ليبيا وسوريا، من أجل حقهم، وحق إخوانهم فى المستقبل"،وأضاف أردوغان "تركيا وريث الإمبراطورية العثمانية"، مشيرا إلى سعيه لإحياء ما وصفه بالمجد القديم للأتراك.
وطالبت قيادات تيار الاسلام السياسي وعلى رأسه جماعة "الاخوان" بالتدخل التركي في ليبيا في أكثر من مناسبة كما لم تتوانى الجماعة  في فتح ليبيا أمام جميع أنواع السلاح التي زادت من تأجيج الصراع في البلد الممزق بالانقسامات.وتتالت شحنات السلاح القادمة من تركيا الى ليبيا دعما للمليشيات على غرار السفينة التي قدمت في أواخر مايو الماضي من ميناء "سامسون" التركي، محمّلة بأسلحة وذخائر متنوعة وآليات عسكرية إلى ميناء العاصمة طرابلس.
وتحتضن تركيا وقطر أهم قيادات الجماعات المتطرفة في ليبيا الذين يرتبطون معها بعلاقات كبيرة،  وأبرز المطلوبين من قبل القضاء الليبي بتهم التورط في جرائم عنف وإرهاب والإضرار بالأمن القومي الداخلي،  الي السابق في تنظيم القاعدة عبد الحكيم بلحاج،  كما تؤوي عددا من قيادات الصف الأول لجماعة الإخوان المسلمين الذين كانت لهم أدوار كبيرة في قيادة الحرب على ليبيا منذ العام 2011،  على غرار علي الصلابي،  إلى جانب عناصر من مجلس شورى بنغازي المصنف تنظيما إرهابيا.
وفشلت محاولات تيار الاسلام السياسي في كسب الدعم الأمريكي مؤخرا ضد الجيش الليبي كما فشلت في اقناع المجتمع الدولي بالضغط لوقف اطلاق النار أملا في ربح الوقت والوصول الى مؤتمر برلين الذي يسعى من خلاله الاسلاميون الى اعادة ترتيب أوراقهم والبقاء في المشهد الليبي.ويرى مراقبون أن قيادات تيار الاسلام السياسي بدأت تستشعر نهايتها في ليبيا في ظل اصرار الجيش الليبي على دخول العاصمة واستعادة مؤسسات الدولة بالاضافة الى موجة النفور الشعبي من الاساميين والمليشيات الموالية لهم والتي شكلت كابوسا مؤرقا لليبيين طيلة السنوات الماضية.