مساء أمس الإربعاء، انطلقت بطرابلس مسيرة مترجلة من معرض طرابلس الدولي مرورا بشارع عمر المختار وصولا إلى ميدان الشهداء، لإيقاد شعلة "تاريخ الاستقلال" في الذكرى 69، شاركت فيها فرق الكشاف والمرشدات والهلال الأحمر الليبي والفرقة النحاسية التابعة لوزارة الداخلية في حكومة الوفاق وجهاز الإسعاف والطوارىء.
"تاريخ الاستقلال" حمل معه مخاوف كثيرة من "استعمار غير مباشر جديد" فقد أصبحت ليبيا مسرحا لسيناريوهات مختلفة تتماشى مع المصالح السياسية لعديد القوى الأجنبية حيث تشارك الدول المهتمة بالموقع الجيوستراتيجي للبلاد ومواردها النفطية في المشهد الليبي بقوة معرقلة بذلك كل المسارات التي خاضتها البلاد للخروج من سلسلة الآزمات المتلاحقة.
فبعد مصادقة  البرلمان التركي على المذكرة المقدمة من الرئيس رجب طيب أردوغان، التي طلب فيها تمديد المهمات العسكرية لقواته الموجودة في ليبيا 18 شهرا إضافيا، بداية من يناير المقبل تتجدد المخاوف من مدى نجاح وصمود المسار السياسي الذي انتهجه الفرقاء بعد سلسلة "مضنية" من اللقاءات و الحوارات ما أفرز اتفاق وقف دائم لإطلاق النار و خروج فوري للمرتزقة و المليشيات لكن التمادي التركي ينذر بإجهاض عاجل لهذا الإتفاق.
وحسب مذكرة الرئاسة التركية بخصوص تمديد مهمة البعثة العسكرية الاستشارية التركية في ليبيا فإنه "توجد تهديدات من ليبيا لتركيا والمنطقة بأسرها، وإذا استؤنف القتال في ليبيا مرة أخرى، فإن مصالح تركيا في حوض البحر المتوسط وشمال إفريقيا ستتأثر سلبيا"، حسب ما جاء في نص المذكرة الذي تداولته بعض وسائل الإعلام.و في إطار مذكرة التعاون الأمني والعسكري المُوقعة مع حكومة الوفاق،تواصل تراكيا المساهمة في التدريب والدعم الاستشاري لقوات الوفاق.
 أكدت وزارة الدفاع التركية، في بيان لها بداية هذا الأسبوع، أنها قد استأنفت تدريب عناصر من الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق حسب ما أكدته وزارة الدفاع التركية قائلة أن " هذه الدورة التدريبية تندرج في إطار اتفاقية التعاون العسكري المبرمة بين تركيا وليبيا". كما تواصل تركيا حشد المرتزقة و السلاح إلى ليبيا وفق ما أكده الخبراء والمحللون في خرق واضح للاتفاقات أولا وللمواثيق الدولية ثانيا وسط صمت ومراقبة من المجتمع الدولي.
من جهة أخرى أفاد الجيش الليبي أن هناك حشدا متزايدا للمليشيات التابعة لحكومة "الوفاق" بطرابلس وعمليات نقل أفراد وأسلحة ومعدات عسكرية باتجاه خطوط التماس غرب سرت والجفرة إضافة إلى استمرار تركيا في إرسال طائرات شحن عسكرية و أرتال كبيرة من المليشيات محملة بالمدافع ومدعومة بسيارات الإسعاف والمرتزقة بشكل يومي.
وفي كلمة له بمناسبة عيد الإستقلال الوطني الليبي اليوم، دعا القائد العام للجيش الليبى خليفة حفتر كافة وحدات القوات المسلحة للاستعداد بشكل دائم لطرد المستعمر التركي المحتل بالإيمان والسلام، موضحا أن المواجهة مع المرتزقة الأتراك حتمية في ظل تحشيد تركيا للمرتزقة وبناء القواعد العسكرية في ليبيا، موضحا أن أنقرة لديها أطماع للسيطرة على حقول النفط الليبي.
وطالب حفتر في كلمته، كافة أبناء الشعب بالتكاتف مع القوات المسلحة لدحر الاستعمار التركي الذى ينتهك سيادة الأراضى الليبية، مؤكدا أنه لا خيار أمام الليبيين إلا بتحرير الأراضى الليبية من العدو التركي.
يتزامن ذلك مع اعتذار الدبلوماسي البلغاري نيكولاي ملادينوف عن تولي مهامه كمبعوث خاص للأمم المتحدة بليبيا خاصة بعد اعتذار غسان سلامة سابقا عن مواصلة مهامه وهوما يعصف بالدبلوماسية الأممية بليبيا رغم حضور ممثلة الأمم المتحدة بالإنابة ستيفاني وليامز.
ففي الأسبوع الماضي ، وافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على اقتراح أنطونيو غوتيريش بتعيين ملادينوف مبعوثا خاصا إلى ليبيا. لكن السياسي البلغاري أعلن في وقت لاحق أنه لن يتمكن من تولي منصب مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا العام المقبل "لأسباب شخصية وعائلية".
وأكد أنه عندما ينتهي دوره الحالي كمبعوث للشرق الأوسط في 31 ديسمبر، فإنه سيستقيل من الأمم المتحدة و"لن يتمكن من تولي منصب المبعوث الخاص لليبيا لأسباب شخصية وعائلية "، حسب تصريح صحفي للمتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك.
 انتكاسة للبعثة الدبلوماسية في ليبيا التي تعاني من حرب أهلية دامية منذ 2014، ويواجه مواطنوها أوضاعا انسانية كارثية جراء الحرب والصراعات التي تؤجج نيرانها التدخلات الخارجية ما يزيد من صعوبة الوضع بالبلاد و يثير مخاوف كثيرة من مدى صمود الإتفاقات التي أفرزتها رحلة الأزمة عبر دول عدة بدءا بالصخيرات و مرورا ببرلين ثم عودة إلى ليبيا.
لقد حاولت الأمم المتحدة جاهدة إخراج المرتزقة الذين يقاتلون على الأراضي الليبية، خاصة تلك المرسلة من تركيا ، والتي تضم مقاتلين مأجورين من سوريا والمرتبطة بجماعات متطرفة و كيانات إرهابية مثل داعش أو القاعدة، كما أشار إلى ذلك  العديد من المحللين، لكن على ما يبدو أن المهلة بعد اتفاق برلين، عن إخراج المرتزقة خلال 3 أشهر، قاربت على نهايتها وقابلها حشد متواصل للمرتزقة حسب ما أكده المرصد السوري، ثم التمديد العسكري التركي ما لا يجعل مجالا للشك أن الأزمة مازالت متواصلة.