يصر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على تعزيز نفوذ بلاده شرق البحر المتوسط عبر دعم ميليشيات إسلامية متطرفة تسيطر على العاصمة الليبية طرابلس،ويحاول أردوغان التدخل في ليبيا بطرق ملتوية، فبعد إعلانه عن استعداد بلاده إرسال قوات تركية إلى ليبيا في حال طلب رئيس حكومة الوفاق فايز السرّاج ذلك،يتصاعد الحديث حول استعداده لارسال مقاتلين سوريين وارهابيين إلى ليبيا للقتال الى جانب المليشيات الموالية لتركيا في طرابلس.
وتتصاعد وتيرة الأحداث في العاصمة الليبية طرابلس في ظل التقدم الكبير الذي باتت تحققه قوات الجيش الوطني الليبي في عدة محاور في مقابل تراجع القوات الموالية لحكومة الوفاق التي يبدو أن رئيسها خضع أخيرا لضغوط تيار الاسلام السياسي المسيطر على مقاليد السلطة في طرابلس،لطلب التدخل التركي المباشر في محاولة للتصدي لتقدم الجيش الليبي.
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول في العاصمة الليبية طرابلس قوله،الخميس، إن حكومة الوفاق طلبت رسميا من تركيا الحصول على دعم عسكري ضد قوات الجيش الوطني.وأشارت رويترز إلى أن المسؤول الليبي الذي لم تذكر اسمه، أكد أن الطلب الذي وجهته حكومة الوفاق للحكومة التركية يشمل الحصول على "دعم جوي وبري وبحري".
وبدورها، نقلت وكالة الأناضول التركية عن سفير حكومة الوفاق لدى أنقرة عبد الرزاق مختار أحمد عبد القادر، قوله، إن بلاده "بحاجة إلى الدفاع الجوي والتدريب الخاص والخبرة لدعم المقاتلين في الميدان".مضيفا أن "ليبيا بحاجة إلى الدفاع الجوي، والتدريب الخاص، والخبرة لدعم المقاتلين في الميدان، لدينا عدد كاف من المقاتلين".على حد تعبيره.
وتعتبر تركيا من أبرز الدول التي انخرطت في الصراع الليبي وذلك دعما للمليشيات الموالية لها التي تعمل من خلالها على استنزاف ونهب ثروات البلاد.ومع تراجع هذه المليشيات أمام ضربات الجيش الليبي سارعت تركيا الى تكثيف تحركاتها والدفع بمزيد من الدعم أملا في عرقلة تقدم القوات المسلحة نحو تحرير طرابلس.وقال الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى وقت سابق، إن بلاده سترسل قوات إلى ليبيا استجابة لطلب السرّاج فى يناير المُقبل.
ويبدو أن تحركات أردوغان لدعم المليشيات الموالية له في العاصمة الليبية قد بدأت بالفعل وذلك من خلال الجبهة السورية التي يسعى أردوغان لاستغلالها في اشعال فتيل الصراع الليبي وذلك عبر ارسال  فصائل مُسلحة سورية موالية له الى طرابلس لتنفيذ مخططاته في ليبيا التي تهدف بالأساس الى مد نفوذه في البلاد ونهب ثرواته وتمرير أجنداته في المنطقة ككل.
 وفي تقرير نشره الخميس، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض، أن الفصائل السورية الموالية لتركيا، افتتحت مراكز لتسجيل أسماء الأشخاص الراغبين بالذهاب للقتال في ليبيا.وأضاف المرصد السوري، أنه تم افتتاح 4 مراكز في منطقة عفرين شمال حلب لاستقطاب المقاتلين ضمن مقرات تتبع للفصائل الموالية لتركيا، حيث تم رصد توجه عشرات الأشخاص إلى تلك المراكز، للالتحاق بالمعارك في ليبيا للعمل تحت الحماية التركية.
واتهمت مصادر محلية سورية،أنقرة بدفع رواتب مُجزية للمقاتلين السوريين مُقابل ذهابهم إلى ليبيا لقتال إلى جانب حكومة الوفاق في طرابلس.وقالت المصادر للمرصد السوري، إن إن تركيا تدفع ما يتراوح بين 1800 إلى 2000 دولار أمريكي لكل مسلح شهرياً، علاوة على تقديم خدمات إضافية تتكفل بها الدولة المضيفة.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن،الخميس، إن تركيا بدأت بشحن مقاتلين موالين لها من سوريا إلى ليبيا للمشاركة في المعارك الدائرة هناك إلى جانب حكومة الوفاق؛ في خطوة هي الثانية من نوعها خلال أشهر.ونقل موقع "ارم نيوز" عن عبدالرحمن،قوله أن هذه هي المرة الثانية التي تقوم فيها تركيا بشحن مقاتلين من سوريا إلى ليبيا، لكنها المرة الأولى التي تركز فيها على المقاتلين من الجنسية السورية تحديدا، والذين شاركوا في معاركها ضد الأكراد سابقا.
وقال عبد الرحمن إن تركيا سبق وأن نقلت مقاتلين "جهاديين" من جنسيات أجنبية من سوريا إلى ليبيا في شهر أكتوبر الماضي، لكن هذه المرة استهدفت مكاتب التجنيد عناصر تابعة للفصائل السورية الموالية لأنقرة.وأوضح أن عددا من عناصر تلك الفصائل أبدى تذمرا ورفضا لمحاولات التجنيد، وأن الكثير منهم يحاولون الهرب من مناطق السيطرة التركية باتجاه إدلب خوفا من التجنيد القسري.
وكانت شبكة بلومبرغ الأميركية،أكدت إن مقاتلي المعارضة السورية المدعومين من تركيا سينضمون قريبا إلى قوات حكومة الوفاق لمواجهة قوات الجيش الليبي.ونقلت بلومبرغ عن مسؤولين في ليبيا وتركيا إن الفصائل السورية التركمانية التي قاتلت إلى جانب الأتراك في شمال سوريا ستلتحق قريبا بقوات الحكومة الليبية في طرابلس في وقت قريب.
وذهبت أوساط سورية معارضة في واشنطن للتأكيد أن هناك معلومات مؤكدة عن توجُّه أكثر من 500 عنصر إلى ليبيا، مما يُسمّى بـ"الجيش الوطني الحرّ" الذي تشرف عليه تركيا مباشرة.وأكدت تلك الأوساط أن مقاتلين سوريين من حرستا، قُتِلا في الأيام الأخيرة في ليبيا خلال قتالهم مع قوات حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فائز السراج، وأن اسميهما معروفان.وفق ما أوردت صحيفة "الشرق الأوسط".
وبحسب الصحيفة تقول تلك الأوساط إن من بين تلك المجموعة مقاتلين من "هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقاً)، وإن العناصر تلك قد انتقلت إلى ليبيا مع مسؤولين أتراك يتولون بأنفسهم الإشراف عليها. وهؤلاء المقاتلون هم من المسلحين الذين تم إخراجهم من مناطق ما عُرِف بمناطق خفض التصعيد من حمص وحماة، وانضموا إلى "قوات درع الفرات"، ويتلقون تدريباتهم من تركيا.
وتضيف تلك الأوساط أن الهدف الرئيسي على ما يبدو محاولة تركيا تأسيس ما يشبه "الشركة الخاصة" لإرسال مقاتلين شبيهة بالشركات الخاصة التي ترسل مقاتلين مرتزقة، كشركة "فاغنر" الروسية، ليتسنى لتركيا تحريك المجموعات القتالية بالشكل الذي يناسب مصالحها، مشككين في أن تقوم تركيا بإرسال قوات تركية بشكل مباشر، على الأقل في هذه المرحلة، إلى ليبيا.
وليس بجديد الحديث عن ارسال تركيا لمقاتلين من سوريا الى ليبيا،فقد كشفت تقارير ليبية وعربية، في مايو الماضي؛ أنّ "السلطات التركية كثفت من عمليات تجميع العناصر الإرهابية الفارة من المعارك في سوريا، خاصة أفراد تنظيم "جبهة النصرة"؛ حيث شرعت في نقلهم جواً إلى الأراضي الليبية لدعم الميليشيات المسلحة المنتشرة في العاصمة طرابلس".وأكّد حينها اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي،على وجود "خط جوي وبحري مفتوح بين تركيا ومصراتة لنقل العتاد العسكري والإرهابيين إلى ليبيا".
وفي أبريل/نيسان الماضي،وقال المتحدث باسم الجيش، اللواء أحمد المسماري، في مؤتمر صحفي، أن مجموعات من "جبهة النصرة" من سوريا تم نقلها عن طريق تركيا إلى منطقة الكسارات لتشارك في المعارك إلى جانب "القاعدة" و"داعش".وأكد أنه بعد الهزائم المتتالية لـ"جبهة النصرة" في سوريا تم نقلهم بشكل مباشر إلى ليبيا لتدعيم المعركة في طرابلس.
وفي أكتوبر الماضي،شنت تركيا عملية عسكرية في منطقة شمال سوريا،ألقت الضوء على محاولات نظام أردوغان إعادة إنعاش التنظيم الإرهابي وذلك عبر نقل عناصره الى ليبيا لممارسة دوره التخريبي في هذا البلد من خلال تفريخ الأزمات الواحدة تلو الأخرى.وأكد حينها الناطق باسم القيادة العامة للجيش الليبي، اللواء أحمد المسماري،أنّ أعداداً كبيرة من الإرهابيين أطلق سراحهم من السجون وباتوا في أيدي الأتراك، محذراً من أنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد يعمل على إرسال الإرهابيين الموجودين في سوريا إلى ليبيا عبر موانئ ومطارات طرابلس ومصراتة وزوارة.
وأضاف المسماري، إنّ تركيا سبق لها نقل إرهابيين لدعم الميليشيات المرتبطة بغرف العمليات التركية، وإنها لن تتردد في التخلص من إرهابيي داعش بعد إخراجهم من سجون قوات سوريا الديمقراطية عبر إرسالهم إلى الغرب الليبي لمساندة حلفائها في محاور القتال.ورجّح المسماري أن تتولى تركيا إطلاق آلاف الإرهابيين، ما يمثل خطراً على الأمن والسلام في المنطقة، ولا سيما في ظل وجود عائلات إرهابية ليبية تسكن في تركيا ستساهم في نقل الإرهابيين من سوريا إلى الغرب الليبي، وأبرزها عائلة علي الصلابي، عضو التنظيم الدولي للإخوان.
وتعتبر تركيا بمثابة ملجأ لجهاديي ليبيا الذين إرتبطوا معها بعلاقات كبيرة،وخاصة  قيادات الجماعة الليبية المقاتلة، كعبد الحكيم بلحاج وخالد الشريف، اللذين يملكان استثمارات مالية وعقارية كبيرة في تركيا، تقول تقارير ورسائل سربها موقع ويكيليكس إنهما قد نهباها من أموال مؤسسات الدولة الليبية في أعقاب سيطرتهما على العاصمة طرابلس.كما تحتضن تركيا عدة قنوات ومواقع إلكترونية، تعمل على التحريض ضد الجيش الليبي والدعوة للاقتتال،وتدعم التنظيمات والجماعات المتطرفة المنتشرة في البلاد.
ويشير مراقبون الى أن أردوغان بات في حالة ارتباك كبير في ظل الخسائر التي منيت بها المليشيات الموالية له في ليبيا وهو ما دفعه الى الاعلان صراحة عن التدخل في معركة طرابلس،حيث أكد في وقت سابق إن بلاده سترسل قواتها الى ليبيا،التي لم يتوانى في اعتبارها جزءا من ارث أجداده العثمانيين في مشهد كشف بوضوع الأطماع الاستعمارية البغيضة التي يسعى خلفها أردوغان وجماعته والتي تاتي بمساندة من جماعة "الاخوان" الذراع التخريبي لتركيا في ليبيا والمنطقة.