قال تقرير صادر في القاهرة الأحد، إن ملامح التحالفات لخوض انتخابات البرلمان المصري القادم وهو الخطوة الثالث بعد إقرار الدستور وانتخاب  الرئيس ما تزال مرتبكة، نتيجة تعارض الأيديولوجيا بين الأحزاب.

وبحسب التقرير الصادر عن المركز الإقليمي للدراسات بالقاهرة فإن استقرار التحالفات الحزبیة هو المتغیر الأھم الذي سیحدد الملامح المحتملة لشكل البرلمان القادم، خاصة أن "الأحزاب التي نشأت قبل ثورة 25 يناير (كانون الثاني) أو بعدھا، سواء كانت مدنیة أو ذات مرجعية دینیة، تعاني جمیعھا من معضلة حقیقیة، تتمثل في افتقادها لشيء ضروري للفوز بالانتخابات القادمة، لذا فهي تبحث عن حليف يعوضها ما تفتقده من جوانب نقص".

وكشف التقرير عن تبلور تحالفات تسعى إلى قيادتها أحزاب ما قبل (25 يناير)، ویأتي في مقدمتھا حزب الوفد الذي يسعى لتشكيل تحالف الوفد المصري ليضم أحزاب التجمع، والمحافظين والإصلاح والتنمية والوعي، إلى جانب تيار الشراكة الوطنیة.

ويعتز القائمون على التحالف الذي ما زال في طور التشكيل، بعراقة الحزب ودوره في قيادة الحركة الليبرالية المصرية، رغم أن البعض یرى أداء الحزب يتسم بالمحدودية، وافتقاده للتفاعل مع القضايا الجماهيرية الملحة، وأنه ظل معارضة "مستأنسة" خلال حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك.

ويواجه تحالف الوفد معضلة تتمثل في وجود مكونات حزبية غير متجانسة، مثل: الوفد الليبرالي، والتجمع اليساري، كما يعاني من تحالف العدالة الاجتماعية الذي تقوده الأحزاب الناصرية، والذي يضم أحزاباً ليبرالية، ما يعني إجمالاً احتمالیة عدم استقرار مثل هذه التحالفات، لا سیما أن البرامج الانتخابیة لمكوناتھا تخاطب جماھیر ذات مرجعیات أیدیولوجیة غیر متجانسة.

وقال التقرير إنه يمكن تصنیف الأحزاب السیاسیة التي تشكلت بعد ثورة ینایر إلى مستویین أساسیین، الأول أحزاب لدیھا قواعد شعبیة، وشبكات اجتماعیة، وقادرة على الحشد والتعبئة، إلا أن البعض یعتبرھا وریثة الحزب الوطني، وأن قواعدھا الشعبیة تأتي من الأوساط الاجتماعیة التي طالما ناصرته وهي الأحزاب المنضویة تحت لواء "تحالف الجبھة المصریة" الذي يضم العديد من الأحزاب، أبرزها الحركة الوطنية والمؤتمر ومصر بلدي.

وتجلت فاعلية أعضاء ھذه الأحزاب قبل تشكیلھا في الحشد بوضوح خلال الانتخابات الرئاسیة 2012، عندما نجحت في الحشد والتعبئة للفریق أحمد شفیق، ما یعكس قدرتھا على إعادة حشد الناخبين لمرشحیھا خلال الانتخابات البرلمانیة القادمة.

ورغم ما یواجه تحالف الجبھة من تحدیات مثل توجيه الانتقادات إليه بوجود رموز من الحزب الوطني وشخصيات تحسب على نظام مبارك ضمن قوائمه، فإنه يتمتع بالاستقرار خاصة يخاطب شرائح اجتماعية بعينھا، ويقدم برنامجاً انتخابياً محدد الملامح، فضلاً عن امتلاكه موارد مالية ضخمة، وخبرات انتخابية سابقة لبعض كوادره.

أما المستوى الثاني بحسب التقرير فيتشكل من الأحزاب النخبوية، وهي تلك الأحزاب التي تبنت شعارات ثورة 25 ینایر البراقة في "العیش والحریة والعدالة الاجتماعیة"، وأبرزھا أحزاب: المصري الديمقراطي الاجتماعي والدستور والعدل والمصریین الأحرار.

ورغم أن الأخیر نجح في الاندماج الحزبي مع حزب الجبھة الدیمقراطیة، وفي ظل امتلاكه موارد مالیة منحته مركزاً تفاوضیاً قویاً مع التحالفات الانتخابیة الجاریة، فإن افتقاده لقواعد اجتماعیة وجماھیریة سيكون محدداً مؤثراً على مدى استقرار الائتلاف الذي يسعى إلى قيادته للوصول إلى البرلمان.

وشكلت ثورة 30 یونیو نقطة تحول فارقة في مسیرة الأحزاب ذات المرجعیات الدینیة، خاصة بعد الرفض المجتمعي لمحاولات حزب "الحریة والعدالة" والأحزاب التي دارت في فلكه، توظیف الشعارات الدینیة لتحقیق مكاسب سیاسیة انتھازیة بھدف تنفیذ مشروع التمكین.

ما أدى لحظر الدستور الجدید إنشاء الأحزاب على أسس دینیة، ومع إعلان عدد من الأحزاب صراحة قرارھا خوض الانتخابات البرلمانیة القادمة، ومنھا النور، ومصر القویة، فإن قرار المحكمة الإدارية العلیا بحل حزب الحریة والعدالة، وضع مثل هذه الأحزاب في مأزق ربما سیدفعھا إلى تبني وسیلتین للوصول إلى مقاعد البرلمان القادم. الأولى تكییف أوضاعھا القانونیة، وتعدیل مواثیقھا وأھدافھا بما یتماشى مع الدستور الجدید، ما سیتیح لھا خوض الانتخابات البرلمانیة القادمة بصورة مشروعة.

أما الوسیلة الثانیة وفي حال تطبیق قرار الحل على باقي الأحزاب المشابھة لوضعیة حزب الحریة والعدالة، فمن المرجح أن تتجه ھذه الكیانات نحو التسلل إلى قوائم الأحزاب الأخرى، فضلاً عن خوض المنافسة على مقاعد الفردي عبر مرشحین مغمورین أو خلایا نائمة غیر معروفة.
وأشار التقرير إلى أن ملامح البرلمان القادم في مصر ستظل غير محددة، بفعل الصراع بين الأحزاب الوریثة للحزب الوطني، والأحزاب ذات المرجعیات الدینیة من جهة وقدرتھما على الحشد والتعبئة، وامتلاكھما موارد مالیة وخبرات انتخابیة سابقة، والأحزاب التي تشكلت بعد قیام ثورة 25 ینایر ونخبویتھا وافتقادھا للقواعد الجماھیریة من جهة أخرى.

وبحسب التقرير، فإن ملامح البرلمان ستظل أسیرة للصفقات والتحالفات الانتخابیة، خاصة بعد فشل التیار المدني في تدشین تحالف للم شمل الأحزاب المدنیة لخوض واحدة من الانتخابات المصیریة بقائمة موحدة على المقاعد المخصصة للفردي والقائمة، لذا فمن المرجح أن تستقر التحالفات الانتخابية في غضون 3 أشهر على أقصى تقدير.