مازالت الأوضاع الأمنية المتردية تلقي بظلالها على المشهد الليبي في ظل استمرار وجود المليشيات المسلحة والعناصر الارهابية في العاصمة طرابلس ناهيك عن المرتزقة الموالين لتركيا وهو ما يشكل خطرا كبيرا يتهدد البلاد.وتدفع هذه الأوضاع الى تصاعد التحركات المحلية الداعمة للجيش الليبي في مساعيه المتواصلة لانهاء الفضى الأمنية واستعادة مؤسسات الدولة.
الى ذلك،تستضيف مدينة ترهونة 88 كم جنوبي شرق العاصمة طرابلس،ملتقى القبائل الليبية الذي تتواصل فعالياته حتى غد الأربعاء.ويجري خلال الملتقى التشاور والتباحث حول تطورات المشهد في ليبيا مع التأكيد على دعم الجيش الوطني الليبي في حربه على الإرهاب ورفض التدخلات التركية في ليبيا.


وكان مجلس مشايخ ترهونة، قد وجه دعوة عامة لجميع مشايخ وأعيان ونخب ليبيا، والهيئات السياسية والدبلوماسية، والحقوقية للحضور والمشاركة في الملتقى الوطني، وقال بيان للمجلس، إن "مشايخ وأعيان ترهونة أبوابهم مشرعة لأبناء الوطن في كامل التراب الليبي، قبائل ومكونات ومدن دونما إقصاء أو تهميش، فليبيا للجميع وبناء مؤسساتها بالجميع، وتقرير مصيرها بيد جموع الليبين، والدفاع عنها واجب على الجميع، وتطهيرها من بؤر الإرهاب مسؤولية الجميع، والمصالحة الوطنية لا تتحقق إلا بالجميع، والحد من التدخل الخارجي لا يمكن أن ننجزه إلا باتفاق الليبيين وجلوسهم جميعا، ودعم القوات المسلحة العربية الليبية لا بد أن يظفر به الجميع ؛ لأن أفراد الجيش هم أبناء الجميع".
ومن المنتظر أن يتناول المتلقي عددًا من النقاط أبرزها دعم قوات الجيش الليبي في محاربة الإرهاب والميليشيات المسلحة، كما أنه من المقرر أن يجدد أعيان ومشايخ القبائل الليبية رفضهم التدخل التركي المتمثل في إرسال مرتزقة وارهابيين واغراق البلاد بشحنات السلاح،التي تزيد من تأجيج الصراع في البلاد وتطيل أمد الأزمة التي عانى نها الشعب الليبي طيلة تسع سنوات.
وقال رئيس مجلس أعيان ومشائخ ترهونة الشيخ صالح الفاندي،لموقع "المختار العربي"،إن الملتقى يهدف للملمة الوطن والوصول إلى حل جذري للأزمة الليبية.وأشار الفاندي إلى أن أعيان ومشائخ القبائل الليبية سيجددون دعمهم للقوات المسلحة ورفضهم التدخل التركي المتمثل في إرسال مرتزقة وأسلحة إلى حكومة الوفاق والتأكيد على أن مجلس النواب هو الممثل الشرعي والوحيد لليبيا.


وتسعى القبائل الليبية لحشد الدعم للجيش الليبي في قتاله ضد الارهاب والغزو التركي،وكان القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة ابو القاسم حفتر ،استقبل مساء السبت الماضي،وفداً من أعيان ومشائخ قبيلة ورفلة وعميد بلدية بني وليد ، وممثلي كافة المكونات الإجتماعية بالمدينة في مكتبه بمقر القيادة العامة - الرجمة.
وقال المكتب الإعلامي للقيادة العامة ،إن الوفد عبر عن دعم قبائل ورفلة وإنحيازها الكامل للقوات المسلحة في حربها ضد الإرهاب ، كما أكدوا عن رفضهم التام للتدخل التركي في شؤون البلاد وجلب حكومة الوفاق لمرتزقةٍ سوريين لقتال أبناء الشعب الليبي.كما عبّر حفتر ،عن شكره للمواقف المُشرفة لقبيلة ورفلة وكافة القبائل الليبية في دعمهم المتواصل لجيشهم في حربه على الإرهاب ورد التدخل التركي الغاشم في شؤون البلاد.
 وكانت الاجتماعات التشاورية التي عقدت قبل مؤتمر ترهونة أكدت أن عدداً من المجالس الاجتماعية رأت ضرورة دعم وتأييد المؤسسة العسكرية الليبية،والتأكيد على رفض الاتفاقات المشبوهة الموقعة بين حكومة الوفاق والنظام التركي ورفض استجلاب مرتزقة أجانب من الخارج إلى الأراضي الليبية، ووجوب حل جميع الميليشيات المسلحة ونزع أسلحتها، والترحيب بدور الاتحاد الأفريقي للعب دور أكبر للمساهمة في إيجاد حلول لأزمة ليبيا.
وتستند القبائل الليبية إلى الوزن الثقيل الذي تتمتع به في المجتمع الليبي؛باعتبارها مكونا رئيسيا للمجتمع وعاملا مهما في المشهد السياسي والاجتماعي.ويؤكد العديد من المتابعين للشأن الليبي أن الأمل يبقى معلقا على عاتق القبائل الليبية لإيجاد التوازن السياسي وجلب الاستقرار في ليبيا حيث يمكن للقبائل أن تساهم في المصالحة من خلال دورها الفريد في الحفاظ على الأمن في البلاد.


الدعم القبلي للجيش الليبي يتزامن مع دعوة الحكومة الليبية للوقوف خلف القووات المسلحة بهدف بناء دولة حديثة.وقالت الحكومة، في بيان لها،الاثنين، إن ليبيا تواجه تحديات جمة بسبب الأطماع التركية الحالمة بغزوها بمساعدة ثلة من أبناء شعبها،داعية كافة الليبيين الى الوقوف خلف قواتهم المسلحة لأجل تطهير البلد وتأمين حدوده هو الهدف المنشود لبناء ليبيا الحديثة.
وأكدت الحكومة الليبية، أنها مازالت تراهن على النسيج الاجتماعي المتماسك بين ابناء الشعب الليبي الواحد، وتحثه على الإصرار في توطيد أركان السلم الأهلي والتعايش الاجتماعي المترابط.ودعت الجميع لتغليب لغة العقل، وبذل الجهد لأجل توحيد المؤسسات، ونبذ خطاب العنف والكراهية، والجلوس على طاولة حوار واحدة بعيدا عن التجاذبات السياسية التي أحالت البلاد إلى ساحة لصراعاتها.
وكانت عدة مدن ليبية،قد شهدت مظاهرات ضخمة، الجمعة الماضي،للتعبير عن دعم الجيش الليبي والتنديد بالغزو التركي.وتجمع آلاف من المتظاهرين في ميدان الكيش بمدينة بنغازي،بالتزامن مع خروج مظاهرات ضخمة في الميادين الرئيسية بعدة مدن ليبية أخرى، استجابة لدعوات نشطاء سياسيين ومدونين وشيوخ قبائل.
وشارك في المظاهرات عدد من الشخصيات المهمة والاعتبارية الليبية، وأعضاء مجلس نواب ورؤساء أحزاب ونشطاء المجتمع المدني وطلبة وأساتذة جامعات وشيوخ وأعيان القبائل، بوجود أمني كبير من الجيش والشرطة الليبية.ورفع المتظاهرون شعارات منددة بالتدخل التركي الذي وصفوه بـ"الاحتلال والاستعمار"، وإرسال المرتزقة والإرهابيين، بالإضافة إلى دعم ومساندة جهود الجيش الوطني في الحرب على الإرهاب، والمليشيات الإجرامية.


وانخرطت تركيا في الصراع الليبي منذ سنوات،ولكن معركة طرابلس كشفت بوضوح حقيقة الدور المشبوه الذي تلعبه أنقرة في دعم المليشيات.حيث تسارعت وتيرة نقل الاسلحة من تركيا الى ليبيا خلال الأشهر الأخيرة كما عمل النظام التركي على نقل المرتزقة والعناصر الارهابية الموالية لأنقرة الى الأراضي الليبية وهو ما اعترف به في وقت سابق رئيس حكومة الوفاق فائز السراج.
وتعبر التحركات التركية عن النوايا الاستعمارية التي يسعى خلفها أردوغان،وهو ما أكده وزير الخارجية بالحكومة الليبية عبد الهادي الحويج،على هامش مؤتمر فالداي في دورته التاسعة المنعقد في العاصمة الروسية موسكو،حيث إن تصرفات تركيا في الأراضي الليبية هي عدوان ومحاولة لغزو البلاد.وأضاف للصحفيين بحسب المكتب الإعلامي للحكومة الليبية هذا ليس تدخلًا تركيًا إنه عدوان معتبرا أنها محاولة لإعادة احتلال ليبيا من قبل الأتراك.
وبالرغم من تعهداتها في مؤتمر برلين السابق الذي أوصى بوقف التدخلات الخارجية في ليبيا،تواصل تركيا تحركاتها المشبوهة،وهو دفع فرنسا لتجديد دعوتها لأنقرة باحترام مخرجات مؤتمر برلين.وحث وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان،على هامش قمة ميونخ تركيا على احترام نتائج مؤتمر برلين حول ليبيا والتي أقرت بوقف القتال وعدم التدخل العسكري في الأزمة الليبية.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون،اتهم في وقت سابق الرئيس التركي مباشرةً بعدم احترام الالتزامات، التي عبّر عنها في "مؤتمر برلين" الأخير من خلال إرسال مقاتلين وسفن حربية لدعم حكومة السراج، وهو ما يزيد من تأجيج الصراع بين الأطراف الليبية المتحاربة، ويطيل أمد الصراع.وأضاف الرئيس الفرنسي أن ما تقوم به تركيا "يهدد أمن جميع الأوروبيين وحتى سكان بلدان الساحل" الأفريقي. وذهب إلى إدانة الاتفاق الموقّع بين "حكومة الوفاق" وتركيا بـ"أشد العبارات".
ويرى مراقبون الى ان التدخل التركي هو بمثابة فصل جديد للتدخلات الخارجية التي يعاني منها الشعب الليبي منذ العام 2011.ويشير هؤلاء الى أن الصمت الدولي تجاه هذه التدخلات يفرض على الليبيين التعويل على أنفسهم وتجاوز خلافاتهم والاصطفاف لمحاربة الغزو التركي وتطهير البلاد من المليشيات والمرتزقة الارهابيين بما يضمن ارساء سلطة موحدة قادرة على حماية البلاد ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية في المستقبل.