تواصل تركيا محاولاتها للتغطية على إخفاقاتها العسكرية في ليبيا بحشد المزيد من القوات، حيث تواصل تركيا نقل المرتزقة إلى ليبيا للقتال إلى جانب القوات الموالية لحكومة الوفاق ضدّ الجيش الوطني الليبي،ويتزامن ذلك مع بث الاشاعات والتحريض في محاولة لكسب الرأي العام وتبرير التدخل التركي ومخططات أردوغان وجماعة "الاخوان" للسيطرة على البلاد ونهب ثرواتها.

الى ذلك،قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، الخميس، إن تركيا ترسل متطرفين ومتشددين "إسلاميين" ضمن صفوف المرتزقة السوريين الذين بدأت أنقرة بإرسالهم، منذ شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، إلى ليبيا؛ للقتال إلى جانب حكومة الوفاق ضد الجيش الوطني الليبي في المعارك الدائرة منذ أشهر على تخوم العاصمة الليبية طرابلس.

ووفقا للمرصد السوري، فإن عمليات إرسال المسلحين من الفصائل السورية الموالية لأنقرة متواصلة، حيث بلغ عدد المسلحين السوريين الذين وصلوا، فعليا، الأراضي الليبية أكثر من 5300 مسلح، فضلا عن المئات ممن يتلقون التدريب، حاليا، وينتظرون الالتحاق بجبهات المعارك المختلفة في ليبيا، لكن أنقرة تقوم بالتوازي مع ذلك بإرسال متشددين من جنسيات سورية وغير سورية، ضمن صفوف أولئك المرتزقة.

وأكد المرصد السوري حصوله على قوائم بأسماء 37 من المتشددين من جنسيات سورية وغير سورية، كانوا قد أرسلوا إلى ليبيا، خلال الفترات السابقة.وأشار المرصد إلى أن بعض المسلحين، الواردة أسماؤهم في القوائم، كانوا يقاتلون ضمن صفوف داعش، فضلا عن وجود مسلحين من تنظيمات متشددة أخرى، دون أن يذكر المرصد هويتها.

وتلقى مرتزقة أردوغان في ليبيا خسائر كبيرة على يد الجيش الوطني الليبي،ووثق المرصد السوري قبل أيام، مزيدا من الخسائر البشرية في صفوف المقاتلين السوريين خلال العمليات العسكرية في ليبيا، حيث بلغ عدد القتلى الأسبوع الماضي 199 قتيلا سقطوا خلال المعارك مع قوات الجيش على محاور عدة في الأراضي الليبية التي تشهد معارك عنيفة.

وبالاضافة الى ذلك تلقى أردوغان ضربات قوية مع سقوط عدد من ضباطه وجنوده الأتراك الذين دفع بهم للقتال في ليبيا،واعترف الرئيس التركي بمقتل عدد من ضباطه وجنوده في ليبيا، لكنه لم يذكر أيا من أسماء القتلى أو رتبهم العسكرية، وذلك في الوقت الذي أعلن فيه الجيش الليبي عن قتل وجرح وأسر العديد من الأتراك في محاور القتال، في محيط العاصمة طرابلس.

ويحاول النظام التركي التكتم عن خسائره وهو ما تأكد من خلال ملاحقته لكل من يحاول الكشف عن هذه الخسائر وآخرهم النائب من حزب "الجيد" المعارض، أوميت أوزداغ،الذي طالبت النيابة العامة من البرلمان التركي رفع الحصانة عنه، للتحقيق معه تمهيدا لمحاكمته بتهمة إفشاء معلومات حول مقتل عناصر من المخابرات التركية في ليبيا.


وسبق ذلك اعتقال السلطات التركية 6 صحافيين، وطالبت برفع الحصانة عن عدد من نواب البرلمان، فيما تعرض سياسيون آخرون للاستجواب والتحقيق، أو العزل من مناصبهم، بسبب نشر تقارير أو تدوينات حول القتلى الأتراك في ليبيا.وهو ما يعتبره مراقبون دليلا واضحا على أن الخسائر التركية في ليبيا أكبر بكثير مما يعلن عنه نظام أردوغان الذي يواجه انتقادات كبيرة في الداخل التركي حول سياساته التي ورطت أنقرة في صراعات مع جميع جيرانها ودول العالم.

وبالرغم من آلاف المرتزقة وشحنات السلاح المتتالية تعجز حكومة الوفاق وحلفائها عن تحقيق أي نصر عسكري مهم ما دفع أنقرة لمحاولة التدخل المباشر في الصراع حيث كشفت صحيفة "تايمز" البريطانية عن إرسال تركيا مقاتلات "إف-16" إلى الساحل الليبي، مع تصعيد تدخلها في الحرب الأهلية في البلاد، لدعم ميليشيات حكومة الوفاق التي تقاتل مواقع الجيش الوطني في المنطقة الغربية.

وقالت الصحيفة، في تقرير نشرته، الأربعاء، إن الطائرات التركية نفذت هجمات على مدينة ترهونة التي يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي جنوب شرقي طرابلس، وعلى قاعدة الوطية الجوية (140 كيلومترا جنوب غرب طرابلس).ونقلت صحيفة "تايمز" عن تقرير أممي رصد تزايد انتهاكات تركيا لقرار حظر تصدير السلاح إلى ليبيا، خاصة خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أبريل/نيسان 2020.

وقال التقرير إن تركيا زودت ميليشيات طرابلس بأنظمة تسليح متطورة عديدة، بعد توالي هزائمها أمام الجيش الوطني الليبي، ومن بينها الطائرات من دون طيار، التي فشلت هي الأخرى في تحقيق أي مكاسب ميدانية.وقبل يومين، قال المتحدث باسم الجيش الليبي، اللواء أحمد المسماري، إن التدخل التركي في ليبيا لم يعد مقتصرا على دعم الميليشيات المقاتلة إلى جانب حكومة الوفاق فحسب، بل أصبح "احتلالا مباشرا" للعاصمة طرابلس، من خلال دخول تركيا إلى طرابلس بجيشها ومعداتها وتقنياتها.

ومن جهتها،تحدثت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية،عن محاولة تركية لإقامة جسر جوي لإيصال أسلحة ومرتزقة إلى ليبيا خلال شهر رمضان المبارك.وجاء في المقال الذي كتبه إيغور سوبوتين ونشر تحت عنوان "تركيا تستعد لمهاجمة ليبيا من الجو"، إن تركيا متهمة بالتحضير لعملية جوية في ليبيا. فوفقا لمتحدث الجيش الليبي أحمد المسماري، تستغل أنقرة وقف إطلاق النار الموقّع في 12 يناير.

وتستعد الدول الأوروبية لإطلاق مهمة "إيريني" لمراقبة حظر  توريد الأسلحة المفروض على البلاد، وأكدت ألمانيا أنها ستشارك في هذه المهمة بـ300 جندي، ما يعني أن القرار الأوروبي قد اتخذ فعلا وهو متوقف على بعض التفاصيل الفنية قبل البدء في تطبيقه.لكن حكومة الوفاق ترفض هذه المهمة الأوروبية وهو ما عزاه مراقبون الى رغبة حكومة السراج في استثمار الغزو التركي.

وبحسب وزارة الخارجية بحكومة الوفاق، من خلال منشور عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"،بعث رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج برسالة للبرلمان الأوروبي،الخميس 23 ابريل/نيسان 2020، أبلغ خلالها باعتراض حكومة الوفاق  على خطة الاتحاد الأوروبي بشأن العملية إيريني.


وانقلبت حكومة الوفاق مستقوية بالعتاد التركي وبعض التقدم الذي أحرزته الأسبوع الماضي في كل من صبراتة وصرمان على مخرجات مؤتمر برلين في ما يتعلق بلجان التواصل والحوار السياسي لحل الأزمة الليبية، حيث صرح الناطق باسم وزارة الخارجية في حكومة الوفاق محمد القبلاوي،في مقابلة صحفية أن "كل ذلك متوقف الآن لا اجتماعات ولا حديث عن تواصل في هذا الخصوص".

من جهته دعا عضو مجلس الدولة الاستشاري عبدالرحمن الشاطر الأمم المتحدة كما الاتحاد الأوروبي إلى القبول بالحل العسكري.وقال الشاطر الثلاثاء إن "الاعتماد على دور الدول الفاعلة في إنهاء الحرب بالعودة للحل السياسي في ليبيا انتهى".وأضاف في تغريدة على تويتر "الأطراف السياسية التي لا زالت تؤمّل خيرا في هكذا حل لا تدرك أن الواقع اليوم قد تجاوزه". وتابع "الحل عسكري وهذا ما نادينا به وعلى الجميع القبول به".

من جهة أخرى،نفى اللواء أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي الخميس صحة إشاعات تروج لها تركيا ومن وصفهم بعملائها بأن القوات الليبية المسلحة استخدمت غازات سامة في محور صلاح الدين، معتبرا أن المراد من تلك الإشاعات هو تبرير التدخل العسكري التركي في ليبيا تماما كما فعل النظام التركي في سوريا.

وقال المسماري في بيان نشر على صفحته الرسمية بفايسبوك "الغزاة الأتراك وعن طريق عملائهم الخونة في ما يعرف بحكومة السراج تبث إشاعات مفادها استخدام الجيش الوطني الليبي للغازات السامة في محور صلاح الدين. وبعد تحليل أهداف هذه الإشاعات الخبيثة يتضح لنا بحث العصابات الإرهابية عن حجة لإقناع الرأي العام بتدخل القوات الجوية التركية بالطائرات المقاتلة وكذلك لاستخدام الغازات السامة لاستهداف مواقع الجيش الوطني الليبي".

وطالب المسؤول العسكري الليبي المجتمع الدولي والجهات المعنية بملف الأزمة الليبية وبعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا بمراقبة تلك الأكاذيب، معلنا استعداد الجيش الوطني الليبي لأي تحقيق دولي في ما روجته أنقرة من ادعاءات.وقال المسماري "مثل هكذا إشاعات وأكاذيب استعملتها تركيا سابقا في سوريا لتشويه الجيش العربي السوري وإيهام المجتمع الدولي للتغطية عن التدخل التركي الخبيث في القضايا العربية.


وتحاول تركيا عبر منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الموالية لها تسويق رواية أن الجيش الليبي يستخدم أسلحة محرمة دوليا للتغطية على انتهاكاتها في ليبيا من جهة وأيضا لتشويه دور القوات الليبية المسلحة.ويشير خبراء إلى أنه من غير المستبعد أيضا أن يكون الهدف من وراء تلك الإشاعات التمهيد لاستخدام المرتزقة السوريين الذين أرسلهم أردوغان إلى طرابلس لدعم حكومة الوفاق، غازات سامة في جبهات القتال وإيهام الرأي العام الليبي والعالمي بأن الجيش الوطني الليبي هو من استخدمها.

وكان المسماري قد اتهم الأسبوع الماضي تركيا بممارسة إرهاب الدولة بشكل كامل في بلاده، مشيرا إلى جرائم وانتهاكات جسيمة ارتكبتها ميليشيات تحت إمرة ضباط أتراك خلال سيطرة قوات حكومة الوفاق على مدينتي صبراتة وصرمان.وقال المسماري في مقابلة خاصة مع صحيفة "العين" الإخبارية الإماراتية، إن "الجرائم التي حدثت في صبراتة وصرمان من ذبح وتقطيع وإطلاق المساجين والإرهابيين وإحراق المنشآت العامة هي الأخطر على الإطلاق".

وتابع "كان هذا الحدث بالكامل بقيادة تركية.. بمشاركة ضباط أتراك وطيران وبارجة للجيش التركي وبمباركة تركية بالكامل".وأضاف أن تلك الجرائم تمت أيضا بفتوى أصدرها المرشد الروحي لجماعة الإخوان الصادق الغرياني المقيم في تركيا وأن ما حدث يدل على أن "تنظيم القاعدة وداعش هما الأقوى والمتصدران في هذا الهجوم".


ووفرت تركيا لميليشيات الإخوان غطاء جويا كثيفا بالطائرات المسيرة إلى جانب تحركها على الأرض للسيطرة على مدينتي صبراتة وصرمان.وجاء ذلك بعد بعد أن مكاسب ميدانية إستراتيجية حققتها  قوات الجيش الوطني الليبي، ما أفزع رئيس حكومة الوفاق فايز السراج وسلطته ودفع تركيا سريعا للالقاء بثقلها العسكري في تلك المعركة.

وتصاعد الصراع في ليبيا بشكل حاد هذا الشهر في ظل اندلاع قتال عنيف على عدة جبهات مختلفة في الغرب،وتمكن الجيش الوطني الليبي من تدمير عشرات الطائرات التركية المسيرة خلال الأشهر القليلة الماضية وكبد المرتزقة السوريين وميليشيات الوفاق خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.ويؤكد مراقبون أن خسائر الوفاق دفعت الأتراك لتصعيد العدوان على  ليبيا،ويشير هؤلاء الى أن ارتهان حكومة السراج لاملاءات تركيا و"الاخوان" سيعجل بسقوطها مع تزايد الغضب الشعبي تجاهها.