تواصل تركيا تدخلاتها السافرة في الشأن الليبي من خلال استمرارها في ارسال المرتزقة والسلاح في محاولة لتأجيج الصراع في البلاد وتمرير أجنداتها عبر حلفائها في طرابلس،لكن تحركات أنقرة تواجه على الأرض بخسائر فادحة مع تواصل سقوط المرتزقة الموالين لها فيما يحاول النظام التركي التكتك على خسائره في صفوف قواته المتواجدة في الأراضي الليبية.

الى ذلك،قال المرصد السوري لحقوق الإنسان،الإثنين، إن 9 مسلحين سوريين موالين لتركيا، قتلوا خلال معارك على عدد من المحاور في ليبيا، ليرتفع إجمالي عدد قتلى السوريين هناك إلى 199 قتيلا.ووفقًا لمصادر المرصد، فإن القتلى سقطوا خلال الاشتباكات على محور حي صلاح الدين، جنوب طرابلس، ومحور الرملة قرب مطار طرابلس ومحور مشروع الهضبة، بالإضافة لمعارك مصراتة ومناطق أخرى في ليبيا.

وأكد المرصد، أن تركيا تواصل عمليات نقل "المرتزقة السوريين" إلى ليبيا للقتال إلى جانب حكومة الوفاق التي يقودها فايز السراج، في مواجهة القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر.وكشف المرصد، عن وصول دفعة جديدة إلى ليبيا تضم العشرات من مسلحي الفصائل السورية المدعومة من أنقرة، لترتفع أعداد المسلحين الذين وصلوا إلى الأراضي الليبية، حتى الآن، إلى نحو 5300 "مرتزق".

وكان المرصد السوري أشار في تقرير سابق، إلى أن حالة من الاستياء بدأت تظهر بين صفوف المسلحين السوريين الذين ارسلتهم أنقرة إلى ليبيا.ووفقًا لتسجيل صوتي، حصل عليه المرصد السوري، فإن أحد المقاتلين هناك تحدث عن ندم الجميع من القدوم إلى ليبيا، وبأنهم تورطوا بذلك.وبحسب التسجيل، فإن الأتراك تخلفوا عن دفع مستحقات المقاتلين البالغة 2000 دولار أمريكي في الشهر الواحد.

ويحاول النظام التركي التغطية على إخفاقاته في ملف الأزمة الليبية بحشد المزيد من القوات، حيث تواصل تركيا نقل المرتزقة إلى ليبيا للقتال إلى جانب حكومة الوفاق ضدّ الجيش الوطني الليبي،في مسعى لتحقيق انتصار عسكري عجزت عن تحقيقه طيلة الأشهر الماضية ومنيت بهزائم متتالية وخسائر كبيرة. 

وتقدم تركيا دعما عسكريا كبيرا للميليشيات، بإرسال مستشارين عسكريين أو جنود أتراك الى جانب المرتزقة.واعترف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمقتل عدد من ضباطه وجنوده في ليبيا، لكنه لم يذكر أيا من أسماء القتلى أو رتبهم العسكرية، وذلك في الوقت الذي أعلن فيه الجيش الليبي برئاسة المشير خليفة حفتر عن قتل وجرح وأسر العديد من الأتراك في محاور القتال، في محيط العاصمة طرابلس.

وترددت أنباء عن مقتل بريغادير جنرال خليل سويسال،في الثامن عشر من فبراير الماضي إثر إصابته خلال قصف للجيش الليبي استهدف سفينة تحمل أسلحة تركية بميناء طرابلس.وكشفت تقارير أمنية ليبية وتركية في وقت سابق أسماء العديد من الضباط الأتراك منهم الفريق جوكسال كاهيا، والفريق عرفان أوزسارت، واللواء جورسال تشايبينار، واللواء سلجوق يافوز، وألكاي ألتينداغ، وبولنت كوتسال، وجينان أوتقو، وعزالدين ياشيليورت، وقنال إمره، وأمير مرادلي.

وفي اطار محاولة التعتيم التي ينتهجها النظام التركي للتغطية على خسائره في الأراضي الليبية،طالبت النيابة العامة في تركيا البرلمان برفع الحصانة عن النائب من حزب "الجيد" المعارض، أوميت أوزداغ، للتحقيق معه، تمهيداً لمحاكمته بتهمة إفشاء معلومات حول مقتل عناصر من المخابرات التركية في ليبيا.

وبررت النيابة العامة طلبها بتعدي النائب أوزداغ على قانون جهاز المخابرات والخدمات الاستخباراتية، بعد أن عقد مؤتمراً صحافياً بمقر البرلمان، كشف فيه عن معلومات تفيد بمقتل عناصر من المخابرات التركية في العمليات العسكرية في ليبيا، مؤكداً أن هؤلاء القتلى دفنوا دون المراسم المعتادة للجنود الذين يقتلون في المعارك، والذين تنظَّم لهم عادة جنازات رسمية.

وكانت السلطات التركية قد اعتقلت 6 صحافيين، وطالبت برفع الحصانة عن عدد من نواب البرلمان، فيما تعرض سياسيون آخرون للاستجواب والتحقيق، أو العزل من مناصبهم، بسبب نشر تقارير أو تدوينات حول القتلى الأتراك في ليبيا.واعتقلت قوات الأمن التركية باريش تورك أوغلو، مدير الأخبار في موقع "أودا تي" الإخباري، ومراسلة الموقع هوليا كيلينتش، بعدما نشرا أنباء عن مقتل عناصر تابعة للمخابرات التركية في ليبيا، ونقلهم إلى تركيا ودفنهم سرا.

كما تم اعتقال رئيس تحرير الموقع باريش بهلوان بعد أن تحدث علانية عن هذه القضية، ثم قررت محكمة تركية حجب الموقع.كما شملت الاعتقالات بسبب تقارير عن جنازات العسكريين القادمين في نعوش من ليبيا، الكاتب في صحيفة "يني تشاغ" مراد أجيرال، ومدير الأخبار في صحيفة "يني يشام" آي الدين قيصر، ورئيس تحريرها فرحات تشيليك.

وتحاول أنقرة استغلال أزمة كورونا لنقل الأفراد والمعدات إلى طرابلس ومصراتة وزوارة لتنفيذ مخططاتها.وأكد الناطق باسم الجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري، في مؤتمر صحفي،الأحد، أن تركيا تستغل أزمة كورونا والهدنة،وتقوم بنقل الأفراد والمعدات إلى طرابلس ومصراتة وزوارة لتنفيذ مهام إرهابية.

وأضاف "تركيا وتنظيم "القاعدة" هما من يحركان المليشيات في كافة مناطق ليبيا وهناك قيادة ميدانية تركية خاصة في مناطق الجنوب الغربي".وأوضح أنه "من ضمن المعدات التي نقلتها تركيا إلى المنطقة طائرات استطلاع وطائرات تشويش وطائرات هجومية".وأكد أن "الجيش الليبي مستمر في تطهير مناطق أقصى الجنوب الغربي بمحاذاة الحدود التشادية".

وكشف المسماري أنه تم إسقاط 5 طائرات تركية مسيرة، يوم الخميس الماضي، كانت تمهد للهجوم على ترهونة"، مشيرًا إلى أن الجيش "نجح بحرمان الميليشيات من قدراتها الجوية التي استخدمتها في الهجوم على صبراتة".وشدد المسماري على أن تركيا،"قامت بنقل قوات كبيرة وأسلحة إلى قوات الوفاق خلال شهر يناير الماضي" مشيرًا إلى أن الطائرات المسيرة "كانت من ضمن خطة النقل في تلك الفترة".

وأكد الناطق الرسمي باسم القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، إن"مجموعة طائرات تركية قامت، يوم الجمعة الماضي، بتنفيذ محاكاة لعملية تدمير أهداف في ليبيا، شملت طائرات (إف 16)، وطائرات تزود بالوقود" مشيرًا إلى أن قوات الوفاق "تستهدف مدينة ترهونة لمركزها الإستراتيجي في المنطقة الغربية".

ويثير التدخّل التركي العسكري في ليبيا انتقادات دولية متواصلة، آخرها كان البرلمان العربي الذي طالب تركيا باحترام السيادة الليبية ووقف توريد السلاح إليها والالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي.كما دعا البرلمان العربي في بيان الأمم المتحدة إلى "التحرك الفوري والعاجل لإيقاف نقل المقاتلين الأجانب إلى ليبيا، ووضع آلية واضحة للمراقبة والعقوبات ضد الأطراف الممولة للصراع في ليبيا بالسلاح".

وكانت تركيا تعهدت في مؤتمر برلين في شهر يناير/كانون الثاني بعدم تسليح ميليشيات حكومة الوفاق لكنها تنكرت لتلك التعهدات وواصلت نقل الأسلحة والمرتزقة الى طرابلس.وتناول مؤتمر جنيف أواخر فبراير الماضي مسالة التدخل الاجنبي في الشان الليبي وطالب بوقف التسليح ونقل المرتزقة الى ليبيا والعودة الى طاولة المفاوضات واستئناف المباحثات السياسية.

ويشير تورط تركيا في الصراع الليبي الى مدى انخراط نظام أردوغان في دعم التنظيمات الارهابية ومساعيه لاعادة احيائها وتحويل ليبيا الى ملاذ جديد لها بعد الضربات التي دمرت معاقلها سابقا.ويمارس نظام أردوغان ضغوطا كبيرة على سائل الإعلام لمنع الحديث عن الخسائر التركية في المعارك التي تدور في طرابلس خاصة وأن جزءا كبيرا من الشارع التركي يعارض التدخل العسكري لبلادهم في ليبيا.