قال موقع "أول أفريكا" - المختص بالشؤون الإفريقية-  إن الصراع القائم  في وسط أفريقيا ليس دينيا فقط ؛ ولكنه قائم على التمييز العرقي والصراعات السياسية.

وأضاف الموقع،  في مقال تحليلي له إنه "على الرغم من ذلك فإن الصراع هناك أكثر تعقيدا من مجرد أنه صراع طائفي بين المسيحين والمسلمين؛ لأن له جذورا عميقة..، فرغم  أن الدولة لم تشهد حالة من الاستقرار منذ استقلالها عن فرنسا في 1960 – يضيف الموقع - إلا أن أعمال العنف وقسوتها غير مسبوقة، ففي الحقيقة لم يسجل التاريخ في إفريقيا الوسطى مثل هذا الصراع الطائفي من قبل.

ونقلت وكالة انباء الشرق الاوسط ، ترجمة عن الموقع المذكور،  يسرد تاريخيا جذور المشكلة قائلا: إنه في مارس من عام 2013 تم الإطاحة بالرئيس فرانسوا بوزيزيه، من قبل متمردي حركة "سيليكا" المسلمة ونصب قائد الحركة ميشال دجوتوديا، رئيسا انتقاليا للبلاد. وكان ميشال رئيسا مسلما على دولة أغلبيتها من المسيحيين، حيث يقدر عدد المسلمين هناك بما يقرب من 15% من إجمالي السكان وكانت الحركة قد تكونت من مسلمي الشمال وعززت قوتهم ببعض المرتزقة من تشاد والسودان.

وانخرطت حركة "سيليكا" تحت حكم دجوتوديا في أعمال نهب وسرقة وقتل للمدنيين مما أدي إلى تكوين بعض الجماعات فرقا للحماية الذاتية مسيحية الديانة سمت نفسها بـ "مكافحة بالكا" ولم يعرف قادتهم أو أصولهم وتكهن البعض بأنهم اتباع الرئيس السابق بوزيزيه وأنصاره.

وتواجهت الحركتان في العديد من الأحداث الدامية وسط موقف أمني مترد في البلاد حيث تم قتل الألاف ونزوح ما يقرب من مليون مسلم مما اضطر دجوتوديا إلى تقديم الاستقالة تحت ضغط من زعماء الأقاليم في يناير 2014، وتم اختيار كاثرين سامبا-بانزا، رئيسة بلدية "بانجي" السابقة، لتكون الرئيس الانتقالي الجديد بعد أسبوعين من استقالة دجوتوديا.

ومنذ ذلك الحين استمرت حركة "مكافحة بالكا"، في الهجوم على متمردي "سيليكا" وعلى المسلمين المدنيين غير المنتمين للحركة أيضا انتقاما للفظائع التي ارتكبت خلال حكم دجوتوديا.

ونهج بعض مقاتلي "بالكا"، سلوكا متوحشا في هجماتهم فعلى سبيل المثال قاموا بضرب وطعن مشتبه بهم من حركة "سيليكا"، حتي الموت أمام الصحفيين مباشرة عقب انعقدا المؤتمر الصحفي الذي دعت فيه سامبا- بانزا إلى ضرورة وضع حد لأعمال العنف.

ولذا يرى البعض من الطريقة التي اتخذها الصراع منذ العام الماضي بين المسلمين والمسيحين، على أنه صراع طائفي بطبيعته، ولكنها رواية بعيدة عن الواقع بالنظر إلى عدم وجود تاريخ للصراع الديني أو عداوة عميقة بين الطرفين وأن محرك الصراع الرئيسي هو السعي إلى انعدام الأمن والصراع من اجل السلطة وليس الصراع الطائفي.

وبالرجوع إلى 30 عاما من تاريخ إفريقيا الوسطى، يمكننا أن نرى، انه كان هناك اتجاه نحو تسييس العرق وليس الدين. فعلي سبيل المثال كان الرئيس السابق أندريه كولينجبا- 1981-1993- يمنح جماعته العرقية "ياكوما" الرعاية والدعم. ثم جاء خلفه أنجي فيليكس بواتييه، وركز الاهتمام على جماعته ومناصريه من الشمال الغربي من منطقة ساراكابا ومنحهم رعايته ووظائف حكومية.

كل من الرؤساء الثلاثة كولينجبا، باتاسيه، وبوزيزيه حبذوا ودعموا جماعات مختلفة وهويات مسيسة وكان يحوز علي هذه الامتيازات من ينتمى لجماعة عرقية معينة وليس على أساس الدين وعلى كل فالثلاثة كانوا مسيحيين.

من الناحية التاريخية لم يشكل اختلاف الدين أهمية كبيرة بقدر ما شكلته العداوات الإقليمية والعرقية وخاصة مع وصول بوزيزيه إلى السلطة في عام 2003، حيث كانت الحكومة غير قادرة على حفظ الأمن في المنطقة الشمالية للبلاد ومن ثم فقد واجهت البلاد تحديات متكررة من المتمردين أنصار باتاسيه المخلوع فضلا عن الغارات التي يشنها على وجه الخصوص المتمردين وقطاع الطرق التشاديين.

وأسهم انعدام الأمن في الشمال والجنوب في زيادة التنافس بين ياكوما والشماليين الذين يرون أنفسهم في عيون المواطنين الجنوبين على أنهم أجانب.

وخلق هذا النمط من ضعف الحكومة والتفضيل العرقية والإهمال الإقليمي، والتدخل الأجنبي مناخ مثالي للصراع الحالي، والذي تبلور بكل بساطة بعد كل على أنه صراع ديني.

ولحل هذا الصراع اقترحت "أول أفريكا" أنه من المهم عدم الخلط في تمييز أسباب الصراع وجعله منصب في الجزء الديني ولكن بالنظر إلى النواحي الاجتماعية والاقتصادية والإقليمية الأخرى المعقدة التي اشعلت وقود أعمال العنف. فعلى سبيل المثال فلو تضافرت الجهود لوضع حد للصراع مركزين اهتمامهم على الوساطة الدينية وتجاهل الأسباب الكامنة وراء أي قرار لايمكن أن يستمر لفترة طويلة. فإن عنونة الصراع بالخطأ قد يؤدي إلى تفاقم الصراعات وتأجيج التوترات.

 

ووصف الموقع، الصراع على أنه "طائفي" أو على أنه يستند على الانقسامات الأيديولوجية بين الأطراف غير الحكومية يحجب حقيقة أن بعض الجماعات أو الأفراد في الواقع يستفيدون من مثل هذه الصراعات سواء اقتصاديا أو سياسيا أو غير ذلك.