خلال الثماني السنوات الماضية في ليبيا، طفت على السطح مشكلة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا وبالأخص إلى السواحل الإيطالية، حيث تقدر السلطات في إيطاليا العدد المؤهل لمثل هذا النوع من الهجرة من ليبيا وحدها بـ1.5 مليون مهاجر، معظمهم من دول الشمال الأفريقي فضلا عن الدول الأفريقية الأخرى لاسيما من الصومال وإريتريا وتشاد وإثيوبيا.
ورغم أن السلطات الرسمية الليبية، لم تنفي وجود عصابات تهريب على أراضيها ولم تحاول أن تقلل من خطورتها، في وقت تواصل فيه معالجة ظاهرة الهجرة غير الشرعية واستغلال أراضيها لهذا الغرض،فإنها تؤكد على أن ليبيا تدفع ثمن التردي الأمني في المنطقة عموما. إلا أنه في الآونة الأخيرة أبرزت المؤشرات الدولية أن موجة الهجرة تشهد تراجعا ملحوظا. حيث كشفت تقارير المنظمات الدولية المختلفة المعنية بالهجرة، انخفاضاً ملحوظاً في وصول أعداد المهاجرين إلى أوروبا خلال عام 2018.
ففي سبتمبر (أيلول) الماضي، أفادت المنظمة الدولية للهجرة، بأن 78.372 ألف لاجئ وصلوا إلى أوروبا عبر البحر منذ بداية العام، فيما لقي 1728 حتفهم في البحر أثناء محاولتهم الفرار في مراكب متهالكة. وأضافت المنظمة أن 20.859 ألف مهاجر وصلوا إلى إيطاليا هذا العام، وكانت نقطة انطلاقتهم من ليبيا، وهو عدد أقل من الفترة نفسها العام الماضي بنحو 79.7 في المائة، مشيرة إلى أن ذلك العدد هو الأقل منذ 2014، كما أنه أقل من الوافدين الذين سجلتهم السلطات الإيطالية خلال أشهر فردية على مدار السنوات الخمس الماضية.
وفي الفترة الممتدة بين يناير (كانون الثاني) 2017 و30 سبتمبر 2018، اعترض خفر السواحل الليبي أو أنقذ أكثر من 29 ألف مهاجر. وفي هذا السياق، قال الناطق باسم القوات البحرية أيوب قاسم، إن انخفاض أرقام المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا "لا يرجع للضبطيات، بل إلى عدد الواصلين إلى أوروبا وضحايا البحر".
وأضاف في تصريحات سابقة لقنوات محلية أن جهود الأجهزة الليبية في مكافحة الهجرة غير شرعية واضحة، مبرزاً أن صراعهم "كان مع المنظمات الدولية غير الحكومية، التي تعمل في البحر المتوسط قبالة المياه الإقليمية، وذلك من خلال الدفع بالمهاجرين للمغامرة وركوب البحر".
ومنذ مطلع عام 2017، أعادت المنظمة الدولية للهجرة أكثر من 30 ألف شخص من ليبيا إلى بلدانهم الأصلية. وترى البعثة الأممية لدى ليبيا، أنه نظراً للظروف المنطوية على سوء المعاملة في الاحتجاز التعسفي والاحتجاز إلى أجل غير مسمى وغياب البدائل للاحتجاز، فإنه لا يمكن في بعض الحالات، وصف قرارات العودة بأنها طوعية بالكامل، وأنها قد تكون بالإكراه. ولا يوجد نظام شامل للتدقيق، بما في ذلك وفقاً لمبدأ عدم الإعادة القسرية ،في الظروف الفردية للمهاجرين، بغض النظر عن جنسياتهم لتقييم ما إذا كانت عودتهم إلى بلدانهم الأصلية تشكل خطراً عليهم، أم لا.
من جانب آخر، أفاد وزير الداخلية الإيطالي السابق، ماركو مينيتي، بأنَّ تدفقات الهجرة من ليبيا تقلصت بنسبة 85%، منذ شهر مايو الماضي. وأشار مينيتي، إلى أنَّ الانخفاض الكبير في تدفقات الهجرة نتيجة حققتها إيطاليا، مشيرًا إلى أن هذه المعطيات لا تقبل الجدل.
يرى مراقبون أن انهيار مسار الوصول عبر البحر المتوسط تجاه إيطاليا يعد أهم الأسباب لتراجع الهجرة عبر ليبيا ، إضافة إلى سياسة "الموانئ المغلقة" الحالية التي اعتمدتها حكومة الائتلاف اليميني الحاكم في إيطاليا بدأت تؤتي أكلها.
إذ تسبب تشديد إيطاليا سياستها في مجال الهجرة مع اتباع دول أوروبية أخرى نهج الموانئ المغلقة في وجه سفن الإغاثة المحملة بالمهاجرين القادمين من سواحل ليبيا، في تغيير مسارات الانطلاق الرئيسية من الجزائر والمغرب.
وتقول السلطات المغربية إنها فككت ما يربو على 229 شبكة لتهريب المهاجرين، فيما قال وزير الداخلية الجزائري نور الدين بدوي، أمس السبت، إنه تم خلال العام 2018 انتشال جثث 119 مهاجرًا غرقوا في مياه المتوسط، أثناء رحلات سرية إلى أوروبا.
وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، خلال مؤتمر صحفي الخميس الماضي بالرباط إن الاتحاد منح المغرب 30 مليون يورو من 140 مليونًا تعهد بها في أكتوبر لمساعدتها في مكافحة الهجرة غير المشروعة.