وسط الإنقسامات السياسية والاضطرابات الأمنية ،التي أدخلت البلاد فى دائرة مفرغة من الفوضى كرست لإنتشار الميليشيات المسلحة وتفشى الفساد وإستنزاف موارد الدولة،تفاقمت المشكلات الاقتصادية في ليبيا،مع إرتفاع حدة الأوضاع المعيشية المزرية في مختلف أنحاء البلاد بسبب توالي أزمات التي تثقل كاهل المواطن.
فغلاء أسعار ونقص كبير في السيولة النقدية مع تفشي الفوضى وغياب الأمن وتفاقم ظاهرة انتشار القوارض والحشرات وتكدس القمامة بالأحياء السكنية، أزمات تعيشها ليبيا، منذ فترة طويلة، دون أى حلول جذرية تحفظ للمواطن الليبي حياة كريمة داخل وطنه، سببها الانقسام السياسي الطاحن الذى تشهده البلاد حاليا.
وتشهد ليبيا منذ أسابيع أزمة كهرباء خانقة أدت إلى انقطاع التيار عن المدن لساعات طويلة وسط أجواء حارة أشد ما يكون فيها المواطن بحاجة إلى الكهرباء.فيما تتواصل تبريرات المسؤولين في الشركة العامة للكهرباء،التي تتلخص في الاعتداءات على خطوط النقل ومحطات التحويل وسرقتها، أو عزوف الشركات الأجنبية عن إكمال مشروعات محطات التوليد المتوقفة بسبب الأوضاع الأمنية، إضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة.
كما يفتقد الليبيون، الذين يعيشون في إحدى أهم الدول النفطية بالمنطقة، وسط نقص كبير في الوقود السائل أو الغاز الطبيعي، الأمر الذي يدفعهم للوقوف بالساعات أمام المحطات، ويغادرون في أغلب الأوقات من دون الحصول على احتياجاتهم.
هذا وإن الوضع الاقتصادي والمعيشي على وشك الانهيار نظرا لتأخر الرواتب الذي يصل إلى 3 أشهر، مع ارتفاع حاد في الأسعار إذ وصل إلى 3 أضعافها في السلع الغذائية منذ نحو 3 أعوام، فضلا عن تدهور سعر صرف الدينار الليبي والفرق الكبير بين البنك المركزي والسوق السوداء.
نتيجة لذلك،قامت عدة منظمات حقوقية ليبية بالتحذير من كارثة معيشية واقتصادية في ليبيا، إذ كان آخرهم اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا والتي قامت بالإعراب عن قلقها الشديد تجاه تواصل تفاقم الأزمة الإنسانية والمعيشية والصحية والاقتصادية التي يعاني منها الليبيون.
وذكرت اللجنة في وقت سابق عددا من تلك الأزمات كان أهمها انقطاع التيار الكهربائي وانعدام الخدمات الأساسية للمواطنين وانهيار النظام الصحي وسوء إدارة الأزمة الصحية على خلفية جائحة فيروس كورونا وأيضا انهيار قيمة الدينار الليبي، وغلاء الأسعار، إلى جانب انعدام السيولة النقدية المحلية من البنوك، وتأخر صرف المرتبات بكافة البلاد.
الأوضاع المتردية دفعت بالكثير من السكان للخروج في مظاهرات بالعاصمة طرابلس والخمس وغيرهما من المدن وذلك ضد فشل حكومة السراج في إدارة الأزمات، إلى جانب اتهامات بمحابات مناطق على حسابات مناطق أخرى.
ويعيش المواطنون أوضاعا صعبة فيما تتهم حكومة الوفاق بالفساد،حيث أكد ديوان المحاسبة الليبي،في وقت سابق من شهر أغسطس، إن الأموال الموجهة لمكافحة تفشي وباء كورونا في ليبيا ذهبت إلى جيوب مسؤولين تابعين لحكومة الوفاق، وطالب باعتقال كل المتورطين في عمليات السرقة والاختلاس
وكشف الديوان، في قرار جديد، عن تفاصيل واقعة فساد مالي تدين جهاز الطب العسكري التابع لوزارة دفاع حكومة الوفاق.وأوضح أن الأموال التي تم تخصيصها لمواجهة أزمة كورونا تمّ التلاعب بها من طرف مسؤولين بالجهاز قاموا بتمرير معاملات مالية مخالفة للقوانين واللوائح المعمول بها، فضلاً عن اعتماد وصرف أموال دون وجود ما يقابلها من أعمال على أرض الواقع بمشروعات مراكز العزل الصحي داخل بلديات نالوت والزنتان وزوارة.
من جهة أخرى، تواصل حكومة الوفاق صرف ملايين الدولارات على المرتزقة الموالين لتركيا فيما يعاني المواطن الليبي من شظف العيش.وكان نواب من مدينة الزاوية وجوارها،وزير داخلية حكومة الوفاق فتحي باشا،بتشكيل قوة خاصة من المرتزقة للانقلاب على السلطة.
من ذلك،يرى مراقبون أن تواصل التردي والمعاناة، يدفع العديد من الليبيين إلى التشاؤم تجاه احتمالات نجاح محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة في الوصول إلى حلول قريبة لحل أزمة طال أمدها وأنهكت المواطن الذى يجد نفسه منذ سنوات فى دائرة من الألم والمعاناة.