مع تواصل المعارك بين الجيش الوطني الليبي والقوات الموالية لحكومة الوفاق،تتزايد المؤشرات مواصلة تركيا مساعيها لانقاذ حلفائها في طرابلس عبر الدفع بالمزيد من المرتزقة الى الأراضي الليبية ناهيك عن قيادتها للمعارك الدائرة في العاصمة ودعمها للعناصر الارهابية المتحالفة مع مليشيات جماعة "الاخوان" في ليبيا.

وتتوافد بشكل متواتر، دفعات جديدة من مرتزقة تركيا إلى ليبيا، فيما بات خطرهم يهدد دول المنطقة على المدى الطويل، إذ كشف موقع 'إيتاميل رادار المتخصص في رصد الرحلات الجوية العسكرية،  عن نشاط جوي تركي مكثف فوق شرق البحر المتوسط، تزامناً مع إعلان وزارة الدفاع التركية، أول من أمس، أن سفنها وطائراتها الحربية تنفذ أنشطة تدريبية في البحر المتوسط.

وذكر الموقع في تقرير موثق بالصور أنه تم رصد 3 طائرات تركية، وهي في طريقها إلى غرب ليبيا، واصفاً العملية الجوية بـ"المهمة الضخمة". وأرفق تغريدات لحسابات تتبع على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، رجحت أن تكون هذه الرحلات خاصة بنقل مقاتلين أو أسلحة من تركيا إلى ليبيا.


لا تزال تركيا تغرق ليبيا بالمرتزقة للقتال إلى جانب الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق،وكان المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، أحمد المسماري،أكد فى وقت سابق أن مطارات تركيا لا تزال تضخ المرتزقة إلى مطارات مصراتة وطرابلس يومياً.فيما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان،أن تركيا تواصل نقل المرتزقة السوريين إلى ليبيا للقتال إلى جانب فصائل حكومة الوفاق.

وقال المرصد في بيان إن "أنقرة استغلت انشغال العالم بمكافحة فيروس كورونا، وأرسلت دفعة جديدة من المقاتلين السوريين مؤلفة من 300 عنصر من فصيل "السلطان مراد" و"لواء صقور الشمال" و"فيلق الشام"، وصلت الجمعة إلى ليبيا". أضاف أن "هناك دفعة أخرى من 150 مقاتلاً من فصيل "السلطان مراد" انطلقت خلال الساعات والأيام القليلة الماضية، من مركز مدينة عفرين، وتوجهت بواسطة حافلات نقل تركية إلى الحدود، كما انطلقت مجموعات أخرى تضم العشرات من مدينتي جرابلس والباب إلى نقطة التجمع في منطقة حوار كلس".

وقال مسؤول عسكري في القيادة العامة للجيش الوطني الليبي،الأحد، إن جهاز المخابرات والمعلومات الخاص به رصد خلال الأيام القليلة الماضية نشاطاً عسكرياً جويّاً تركياً مريباً وغير مسبوق قبالة السواحل الليبية.وأوضح مدير جهاز الرصد والمتابعة بالجيش الليبي غيث اسباق في تصريح لـ"العربية.نت"، أنه تم رصد مقاتلات حربية من طراز "إف. 16" محمّلة بصواريخ، وطائرات من طراز "بوينغ سي-135" و"إيه. 7" فوق السواحل الليبية.

وأشار إلى أن مقاتلات حربية تركية نفذّت مهام استهدفت مواقع تابعة للجيش الليبي، وعادت إلى بارجة حربية تركية تتمركز قبالة الساحل الليبي شرق مدينة صبراتة.ونفى المتحدث نفسه ما قالته تركيا التي أرجعت التواجد العسكري لها في البحر المتوسط إلى قيامها بتدريبات عسكرية، مضيفاً أن أنقرة "قدمت خلال الأيام الماضية أكبر دعم جوي عسكري لحكومة الوفاق، وطورته ليشمل إرسال مقاتلات حربية، بعدما كان مقتصراً على الطائرات المسيّرة.

وفي مقطع فيديو، اعترف أحد المقاتلين التابعين لقوات الوفاق، ويدعى سالم بلعيد سالم وينتمي لـ"مجلس شورى بنغاري" المصنف تنظيما إرهابياً، بعد إلقاء القبض عليه من طرف قوات الجيش الليبي،في إحدى جبهات القتال جنوب العاصمة طرابلس، بتحرك مقاتلة تركية من نوع "إف. 16" من بارجة تركية بالبحر المتوسط ونزولها في ميناء طرابلس، لتنفيذ مهام قتالية لصالح قوات حكومة الوفاق.

وسيطرت قوات الوفاق، الأسبوع الماضي، على مدينتين استراتيجيتين غرب ليبيا، وهي صرمان وصبراتة، بإسناد جوّي تركي بالطائرات المسيّرة، ودعم عسكري بالأسلحة والمرتزقة السوريين، وهو تقدمّ يعكس حجم الدعم الذي تقدمّه أنقرة لحكومة الوفاق، والتدخل التركي في ليبيا.كما تكشفت بصورة واضحة العلاقات المشبوهة بين أنقرة والعناصر الارهابية والمطلوبين.

وأعلن الجيش الليبي، إنه اعتقل أحد كبار قادة تهريب البشر الذين يعملون لصالح تركيا، جنوب العاصمة طرابلس.وأوضح المتحدث الرسمي باسم القيادة العامة للجيش الليبي، أحمد المسماري، في بيان صحافي نشره فجر الأحد، أن قوة من القوات المسلحة في محور الطويشة جنوب العاصمة طرابلس، تمكنت من أسر أحد كبار قادة تهريب البشر في المنطقة وهو المدعو صالح الدباشي، شقيق المهرب المعاقب دوليا المدعو أحمد الدباشي، الملقب بـ"العمّو".

وأضاف أنه تم أسر الدباشي وهو يعاني من جروح بالغة بعد إصابته داخل مدرعة تركية من طراز "كيربي"، مشيرا إلى أن هذا يدل على أن تركيا بدأت توسع أنشطتها الإجرامية لتشمل دعم كبار المجرمين في المنطقة الغربية وتجار البشر، معتبرا أن ذلك يشكل تهديدا مباشرا ليس لمصالح الشعب الليبي فحسب بل لكل دول المنطقة وحوض المتوسط.

وأشار المسماري إلى أن المدعو صالح الدباشي كان المسؤول الأول عن مركز إيواء صبراتة، الذي شهد أشنع الجرائم ضد البشرية بحق المهاجرين من بيع ورق وعبودية وتهريب طيلة الفترة مابين 2012 وحتى 2017، مضيفا أنه تمّ أسره مع عدد من المرتزقة السوريين والمطلوبين الليبيين المدعومين من تركيا.

وكان أحمد الدباشي الملقب بـ"العمّو"،ظهر هذا الأسبوع،وذلك بعد عامين على اختفائه،الى جانب مطلوبين آخرين وعدد من العناصر الارهابية يتقدمون قوات الوفاق في مدينة صبراتة، في مشهد يكشف تورط حكومة السراج في التستر على المطلوبين دوليا، وعزّز من الاتهامات الموجهة إليها بشأن التحالف والتعامل مع المجرمين والعناصر الإرهابية المتطرّفة، لصدّ هجوم الجيش الليبي الذي يستهدف تحرير العاصمة طرابلس.

وسادت مخاوف كبيرة أهالي مدينة صبراتة عقب انسحاب الجيش الليبي منها وتقدم قوات حكومة الوفاق وعودة ما تسمى بـ"كتائب ثوار صبراتة والشهيد أنس الدباشي" المتورطتين في جرائم تهريب البشر والوقود والتواطؤ مع تنظيم داعش.وسبق أن أكد تقرير للأمم المتحدة، أن ميليشيا "الشهيد أنس الدباشي" التي يقودها أحمد الدباشي، تعد أحد أهم التنظيمات المسلحة التي تسيطر على مجال تجارة البشر في صبراتة.

وتجددت المعارك في أكثر من محور بالعاصمة طرابلس،وفقا للجيش الليبي الذي نجح في تكبيد قوات الوفاق والمرتزقة خسائر كبيرة.ونقل موقع "ارم نيوز" الاخباري عن الضابط في عمليات سلاح الجو الليبي، نجيب الهادي،قوله أن "عمليات داخل محاور طرابلس، نفذتها مفارز للجيش الليبي، ليلة الأحد، أسفرت عن أسر 5 عناصر من ميليشيات صبراتة، بينهم شقيقا المهرب المعروف "العمو"، وهما صالح الدباشي و أحمد الدباشي، المعروف بـ"العكشة"، وابن عمهم أحمد خالد الدباشي.

ووفق المتحدث، فإن عددا من العناصر المسلحة وقعت، خلال الـ 24 ساعة الماضية، في قبضة الجيش الليبي، وبلغ عددهم "76" عنصرا من الجنسية الليبية، يتبعون عدة ميليشيات في غرب البلاد، كما تم أسر "18" مرتزقا سوريا، وتحفظت قوات الجيش على "33" جريحا يتلقون العلاج في المستشفيات الميدانية.

في غضون ذلك، يواصل النظام التركي محاولاته للتستر على خسائره في ليبيا، حيث طالبت النيابة العامة من البرلمان التركي رفع الحصانة عن النائب من حزب "الجيد" المعارض، أوميت أوزداغ، للتحقيق معه تمهيدا لمحاكمته بتهمة إفشاء معلومات حول مقتل عناصر من المخابرات التركية في ليبيا، بعد أن سبق اعتقال 6 صحافيين، ورفع الحصانة عن نائب آخر من حزب الشعب الجمهوري، للسبب ذاته.


وأرجعت النيابة العامة في طلبها، الذي أرسلته إلى البرلمان لرفع الحصانة عن النائب أوزداغ، إلى تعديه على قانون جهاز المخابرات، بعد أن عقد مؤتمرا صحافيا بمقر البرلمان في فبراير (شباط) الماضي كشف خلاله للصحافيين عن معلومات تفيد بمقتل عناصر من المخابرات التركية في العمليات العسكرية بليبيا.

وكانت السلطات التركية قد اعتقلت 6 صحافيين، وطالبت برفع الحصانة عن عدد من نواب البرلمان، فيما تعرض سياسيون آخرون للاستجواب والتحقيق، أو العزل من مناصبهم، بسبب نشر تقارير أو تدوينات حول القتلى الأتراك في ليبيا. كما اعتقلت قوات الأمن التركية باريش تورك أوغلو، مدير الأخبار في موقع "أودا تي" الإخباري، ومراسلة الموقع هوليا كيلينتش، بعدما نشرا أنباء عن مقتل عناصر تابعة للمخابرات التركية في ليبيا، ونقلهم إلى تركيا ودفنهم سرا. كما تم اعتقال رئيس تحرير الموقع باريش بهلوان بعد أن تحدث علانية عن هذه القضية، ثم قررت محكمة تركية حجب الموقع.

كما شملت الاعتقالات بسبب تقارير عن جنازات العسكريين القادمين في نعوش من ليبيا، الكاتب في صحيفة "يني تشاغ" مراد أجيرال، ومدير الأخبار في صحيفة "يني يشام" آي الدين قيصر، ورئيس تحريرها فرحات تشيليك.ونشر أجيرال، وهو كاتب عمود في صحيفة "يني تشاغ"، والخبير الأمني عبد الله أجار هويات وصور بعض الأتراك، الذين قتلوا في ليبيا. واُكتشف فيما بعد أن القتلى على صلة بجهاز المخابرات التركية، وأنهم أرسلوا إلى ليبيا ضمن الخبراء والعسكريين، بموجب اتفاق للتعاون العسكري مع حكومة الوفاق الوطني، برئاسة فائز السراج.

كشف النائب أوميت أوزداغ أن هؤلاء القتلى دفنوا دون القيام بالمراسم المعتادة التي تقام للجنود الذين يقتلون في المعارك، والذين تنظم لهم جنازات رسمية. وتحرك الادعاء العام لاتخاذ إجراءات بحق من تناولوا هذا الموضوع، عندما قالت وسائل الإعلام القريبة من حكومة إردوغان إن التقارير انتهكت قانوناً يحظر الكشف عن هوية عملاء المخابرات.

وكان إردوغان اعترف في فبراير/شباط الماضي بوقوع قتلى من بين العسكريين الأتراك في ليبيا، لافتا إلى مقتل اثنين فقط. بينما قالت المعارضة ومنتقدون للحكومة إنه يتم إخفاء العدد الحقيقي للجنود وأفراد الأمن الذين قتلوا في ليبيا.كما تعرض مرتزقة الرئيس التركي، إلى خسائر مدوية بشكل مستمر أمام قوات الجيش الوطني الليبي،إثر المعارك الضارية بالقرب من طرابلس وتتالت التقارير حول الارتفاع المستمر لعدد القتلى في صفوفهم.

وانخرطت تركيا في الصراع الليبي منذ سنوات،ولكن معركة طرابلس التي انطلقت في الرابع من ابريل/نيسان الماضي كشفت بوضوح حقيقة الدور المشبوه الذي تلعبه أنقرة في دعم المليشيات.فمن تدفق سفن الموت المحملة بالأسلحة والمعدات العسكرية،مرورا بنقل العناصر الارهابية من سوريا والعراق نحو الأراضي الليبية،وصولا الى الطائرات المسيرة التي تسفك دماء الليبيين وتدمر بلادهم.ويرى مراقبون أن أطماع أن أردوغان مآلها الفشل في ظل اصرار الشعب الليبي على رفض الغزو التركي والوقوف ضده عبر دعم الجيش الليبي.