في كل يوم معركة جديدة وضحايا جدد،تلك هي ليبيا البلد التي لم يتوقف فيها القتال منذ سنوات،حيث تتصارع فيه العديد من الجماعات المسلحة من أجل فرض السيطرة النفوذ وفرض أجندات مختلفةعدد كبير من الميليشيات المسلحة تقاتل في ليبيا منذ اندلاع الأزمة في العام 2011، لتتحول البلد بالكامل إلى ساحة معركة مفتوحة، وبدأت كل جماعة من تلك الجماعات محاولاتها للحصول على أكبر قدر ممكن من السلاح لكي تضمن بقائها، مما جعل البلد العربي المُنهار سوق مفتوحة لتجارة السلاح. وتعتبر تركيا من أبرز الدول الداعمة للجماعات الإسلامية المسلحة، التي ترتبط بعلاقات إيديولوجية معها بمباركة التنظيم العالمي للإخوان المسلمين الذي دفع بكل قواه كي يكسب ليبيا بعد التضييق عليه في مصر.ورغم الحظر الدولي المفروض عليها،فإن تدفق السلاح من تركيا إلى المليشيات الليبية لم يتوقف.

سفن تركية

وعزز ضبط شحنة الأسلحة والذخيرة التركية في ميناء "الخمس" البحري الواقع غرب ليبيا، الثلاثاء، الاتهامات الموجهة لأنقرة بدعم مجموعات مسلحة في البلد الغارق في الفوضى منذ سنوات.علما بأن بيانات الحمولة تشير إلى مواد بناء، وتبيّن من خلال تفتيش حمولتها التي أفرغتها في الميناء وجود حاويتين حجم 40 قدم، معبئة بأطنان من الأسلحة والذخائر القادمة من تركيا. وقال مركز جمارك مطار بنينا الدولي عبر صفحته الخاصة على الفيسبوك، أن "الشحنة عبارة عن مسدسات من طراز 9 ملم، مع مئات آلاف من الذخيرة الخاصة بهذه المسدسات تركية المنشأ ومصنعة من قبل شركة "زوراكي" التركية للصناعات الحربية".وأشار المركز أن الشحنة تحتوي على كمية أخرى من بنادق الصيد مصحوبة أيضاً بمئات آلاف الطلقات الخاصة، تركية المنشأ ومصنعة من قبل شركة "ريتاي" التركية للنظم الدفاعية.

وواقعة إرسال السلاح من تركيا إلى المسلحين ليست الأولى،حيث توالى إرسال السفن التركية المحملة بالأسلحة المهربة إلى ليبيا، متغافلة عن قرار الأمم المتحدة الذي يقضي بحظر إرسال الأسلحة إلى طرابلس، مستغلة ضعف وتمزق البلد الغارق في العنف والفوضى منذ عام 2011 وتعتبر الواقعة الأخيرة الثانية لأنقرة خلال أقل من عام، بعدما ضبط خفر السواحل اليوناني في يناير الماضي ما عرف بسفينة الموت، التي كانت تحمل علم تنزانيا، في طريقها إلى ليبيا، وعلى متنها  500 طن من المتفجرات، وتبين أنها انطلقت من مينائي مرسين والإسكندرونة التركيين، متجهة إلى مدينة مصراتة الليبية، حسب ماقال ربانها للشرطة اليونانية بعد ضبطه.

وخلال السنوات الماضية تكرر مسلسل سفن الموت التركية،ففي يناير 2013،كشفت اليونان أنها عثرت على أسلحة تركية على متن سفينة متجهة إلى ليبيا بعد توقّفها في اليونان بسبب سوء الأحوال الجوية.وفي ديسمبر من نفس العام ذكرت الصحافة المصرية أيضا أن إدارة الجمارك المصرية اعترضت أربع حاويات من الأسلحة قادمة من تركيا يعتقد أنها كانت موجهة للميليشيات الليبية. وفي أغسطس 2014 دمّرت قوات الجيش الوطني الليبي سفينة متجهة إلى ميناء درنة محمّلة بأسلحة قادمة من تركيا.وفي نوفمبر 2014، ذكرت وسائل الإعلام التركية أن السلطات اليونانية عثرت على 20 ألف قطعة كلاشينكوف، على متن سفينة متجهة من أوكرانيا إلى ليبيا.   وقال الربان التركي إن السفينة كانت متجهة إلى ميناء هطاي جنوبي تركيا، ولكن السلطات الليبية قالت إن بيانات حركة المرور البحرية أشارت إلى أنها كانت متجهة إلى ليبيا.

دعم المليشيات

ويعد النظام التركي من أكبر الداعمين لجماعة الإخوان والميليشيات التابعة لها في ليبيا، خاصة "الجماعة الليبية المقاتلة" بقيادة عبد الحكيم بلحاج، إذ قدم لهم الدعم غير المحدود لبسط سيطرتهم على عدد من المناطق في ليبيا، كما كان يدعم علي الصلابي، المسؤول الأول عن التنسيق مع أنقرة، في ظل رفض الأخيرة الاعتراف بالجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، والذي يكافح لتطهير باقي الأراضي الليببة من الإرهابيين المحليين والأجانب التورط التركي في دعم الجماعات الراديكالية ليس جديداً، وهو ما كشفت عنه تصريحات المسؤولين الليبيين في أكثر من مناسبة.وكان العميد أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش الوطني الليبي،وصف تركيا بـ"أكبر داعم للإرهاب في ليبيا والعالم". واتهم المسماري، في مؤتمر صحافي عقده في يناير الماضي، في مدينة بنغازي، السلطات التركية بالتدخل في الشؤون الداخلية لبلاده ودعم الإرهاب، مؤكداً أن الإرهابيين الذين أُصيبوا في معركة بنينا شرق بنغازي، تلقوا العلاج في تركيا.

وتأتي حادثة توريد الذخائر عقب حوالي شهر من مؤتمر باليرمو الذي انسحبت منه تركيا بعد أن قالت إنه "تم استبعادها" من اجتماع أمني.وقد جاء انسحاب تركيا بعد أن انضم المشير خليفة حفتر الرجل القوي في شرق ليبيا، إلى الاجتماع على هامش المؤتمر مع رئيس حكومة الوفاق فايز السراج وغيرهما من القادة، دون حضور تركيا. وقال نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي الذي كان يمثل بلاده في صقلية "كل اجتماع يستثني تركيا لا يمكن إلا أن تكون نتائجه عكسية لحل المشكلة".وأضاف "الاجتماع غير الرسمي الذي عقد صباح اليوم مع عدد من الأطراف وتقديمهم على أنهم اللاعبون البارزون في منطقة البحر المتوسط هو أمر مضلل تماما وهو نهج ضار نعارضه بشدة. وأعتبرت تصريحات المسؤول التركي بمثابة تهديد لتأجيج الصراع في ليبيا،وهو ما أكدته تحركات ميليشيا "لواء الصمود" ويقودها صلاح بادي، مدعومة من تركيا، والتي سبقتها حملة إعلامية موجهة قادتها قنوات فضائية ليبية تبث من تركيا ضد مؤتمر باليرمو ومخرجاته، وشنت هجوما شرسا على المشير خليفة حفتر ومصر، والدول التي شاركت في القمة الأمنية المصغرة واستبعدت منها تركيا.

علاوة على ذلك فقد أعتبرت تركيا بمثابة ملجأ لجهاديي ليبيا الذين إرتبطوا معها بعلاقات كبيرة،وخاصة  قيادات الجماعة الليبية المقاتلة، كعبد الحكيم بلحاج وخالد الشريف، اللذين يملكان استثمارات مالية وعقارية كبيرة في تركيا، تقول تقارير ورسائل سربها موقع ويكيليكس إنهما قد نهباها من أموال مؤسسات الدولة الليبية في أعقاب سيطرتهما على العاصمة طرابلس. وتشير هذه الوقائع إلى الدور التخريبى الذى تلعبه تركيا فى ليبيا، والذى كان واضحا من خلال دعم الجماعات المتطرفة،من خلال الدعم السياسى واللوجستى والمالى لبسط سيطرتها على عدد من المناطق الليبية، حيث تحرك أنقرة هذه الجماعات لخدمة مصالحها.ويرى مراقبون أن إستمرار صمت الدولي يمثل الضوء الأخضر لتركيا التي لم تتوقف يوما عن دعم الجماعات الإرهابية فى ربوع ليبيا.