قبل أيام من موعد إجراء الانتخابات الرئاسية التونسية في الـ23 من نوفمبر الجاري، مازال تشكّل ملامح الحكومة المقبلة يعتمد أساسا على اسم المترشح الذي سيفوز بهذا الاستحقاق الذي يحظى بأهمية كبرى لدى عموم التونسيين، في الدور الأول على الأقل، لما يمكن أن تضفيه نتائج الرئاسية من تغييرات على مستوى تكتيكات الأحزاب، خاصّة حزب نداء تونس الفائز بأغلبية مقاعد البرلمان والذي يقدّم رئيسه الباجي قائد السبسي كأحد أبرز المترشحين للفوز بكرسي الرئاسة.
حالة من الانتظار والترقّب لم تحل دون ورود بعض التسريبات، التي تداولتها وسائل إعلام محلية حسب مصادرها الخاصة المطلعة والمختلفة، والتي تشير في مجملها إلى أسماء بعينها، تقول إنها مرشّحة لتتولّى مناصب هامة وحقائب وزارية في الفترة المقبلة التي ستلي نتائج الرئاسية. أسماء تعكس خرائط سياسية مختلفة وقراءات كثيرة ومتعددة للمشهدين السياسي والانتخابي.

هل سيتحالف النداء مع النهضة؟

يبدو أنّ نداء تونس، الحزب الفائز بالانتخابات التشريعية بـ86 مقعدا برلمانيا، قد حسم موقفه في ما يتعلق بالتحالفات المحتملة القادمة، خاصّة بعد أن قال رئيسه، الباجي قائد السبسي، مؤخرا، في تصريحات صحفية “إنّ حزبه قادر على أن يحكم ثلاث أو أربع دول بمفرده”، في اشارة إلى أنّ عدم التحالف في إطار حكومة وحدة وطنية مع حركة النهضة التي بدأت “تضيّق حساباتها وتعتمد أساليب المناورة الفجة والبدائية”، وفق مراقبين، هو الاحتمال الأقرب إلى التجسّد، خاصّة أنه لا يحدّ من إمكانيات نداء تونس أو قدرته على تشكيل حكومة وإدارة شؤون الدولة عــلى أحســن وجه.

أهم الأسماء المرشحة لرئاسة الحكومة:
الطيب البكوش: سياسي و قيادي نقابي وحقوقي وزير تونسي سابق.
*أحد الرموز النقابية بتونس وتقلد منصب الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل بين 1981 و1984.

* شغل منصب وزير للتربية في حكومة الباجي قائد السبسي بعد الثورة.

* الأمين العام لنداء تونس منذ تأسيسه سنة 2012.

محسن مرزوق:سياسي وحقوقي وجامعي تونسي

*متحصّل على شهادة في مجال علم الاجتماع وماجستير اليونسكو في العلاقات الدولية من جمعية الدراسات الدولية بتونس

* نقابي وناشط بارز في صفوف الاتحاد العام لطلبة تونس

*اعتقل في أواسط الثمانينات على خلفية نشاطه الطلابي

* يحسب على التيار الحداثي الديمقراطي

* عضو المكتب التنفيذي لنداء تونس

رافع بن عاشور: رجل قانون وسياسي تونسي

*أستاذ دكتور بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس.

*شغل منصب نائب رئيس مجلس جامعة الأمم المتحدة بطوكيو من 2005 إلى 2007.

*شغل خطة كاتب دولة لدى وزير التربية مكلف بالتجديد البيداغوجي من 2001 إلى 2002.

*عضو المكتب التنفيذي لحركة نداء تونس.

محمد الناصر:سياسي تونسي

* متحصل على شهادة الدكتوراه في القانون الاجتماعي من جامعة باريس.

*شغل منصب وزير العمل والشؤون الاجتماعية في مناسبتين الأولى في حكومة الهادي نويرة قبل أن يستقيل من 1974 إلى 1977 والثانية في حكومة محمد مزالي من 1979 إلى 1985.

* نائب رئيس حركة نداء تونس منذ 2012.

كما يمكن قراءته على أنّ حزب نداء تونس قادر على تجميع الحلفاء من أحزاب البرلمان الأخرى القريبة منه من حيث المشروع المجتمعي لتشكيل حكومة بمعزل عن حركة النهضة، وهو الخيار الواقعي والأقرب إلى التجسّد في قادم الأيام، وفق ذات المراقبين.

ناهيك وأنّ الموقف المتسم بالغموض والضبابية الذي اتخذته حركة النهضة الإسلامية (المحسوبة على الإخوان المسلمين)، مؤخرا، والقاضي بعدم دعمها لأيّ مترشح في الاستحقاق الرئاسي المقبل، نتيجة خوفها من هزيمة ثانية تعمق جراح هزيمتها الأولى التي تكبدتها في التشريعية الماضية وفق تحليلات المراقبين، يعتبر “مناورة مكشوفة” أخرى، تهدف من خلالها الحركة إلى دعم المنصف المرزوقي حليفها السابق في الرئاسية “خلسة” وفي الخفاء حتى لا تؤثّر هزيمته المحتملة، أمام الباجي قائد السبسي صاحب الحظوظ الأوفر للفوز بكرسي قرطاج، على قواعد الحركة وما تبقّى لها من شعبية لدى بعض التونسيين، وهو يؤكّد كذلك على عامل سوء النية الذي يقود تكتيكات الإسلاميين وممارساتهم السياسية على الدوام، والذي تنعدم معه نهائيا فرضيات التعويل عليهم في اللاحق، وفق ذات التحليلات.

ما الذي يمنع قيام هذا التحالف؟

رغم أنّ متابعين يرون أنّ سباق الرئاسة يمكن أن يفرض على حزب نداء تونس معادلات أخرى بعد ترشّح رئيسه الباجي قائد السبسي للانتخابات الرئاسية يلمحون من خلالها إلى إمكانية تعويل نداء تونس على دعم النهضة للسبسي مقابل تشريكها في الحكم، إلاّ أنّ تصريحات قياديي النداء وعدد من المحللين والمتابعين للشأن التونسي تشير إلى أنّ أيّ معادلة قادمة ستستثني إمكانية حدوث تقارب أو تحالف مع حركة النهضة بصفة نهائية لأسباب عدّة أهمّها، وفق رأيهم، أنّ هذه الأخيرة فقدت الكثير من شعبيتها لدى عموم التونسيين واقترن اسمها بالفشل طيلة السنوات الثلاث الماضية في معالجة الملفات الحارقة المطروحة على تونس وعلى رأسها المسألة الأمنية والملف الاقتصادي، لذلك فهي لن تستطيع أن تقدم شيئا ينفع في المراحل القادمة، كذلك وعي نداء تونس بأنّ الشعب التونسي الذي عاقب حزب التكتل من أجل العمل والحريات وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية لتحالفهما مع النهضة بعد انتخابات أكتوبر 2011 لن يتورع في معاقبته لاحقا إذا ما سار على نفس النهج الذي أثبت قصوره وعدم فاعليته.

هل يحتاج النداء إلى تحالف؟

في هذا الإطار، قال المحلل السياسي المصري يسري العزباوي، “إنّ ما تقوم به حركة النهضة التونسية، من خلال تراجعها عن ترشيح أحد قياداتها في الانتخابات الرئاسية التونسية المقبلة وكذلك إعلانها عن عدم دعمها لأيّ من المترشحين الآخرين، يتنزل في إطار التكتيكات والمناورة السياسية الضيقة”.

وأضاف العزباوي، في تصريحات إعلامية، أنّ قرار حركة النهضة الإسلامية القاضي بعدم دعم أي مرشح للرئاسة، جعلها ضامنة للخسارة رسميا، مهما كانت نتيجة الانتخابات لأنها لم تقدم على دعم مرشح بعينه.

من جهة أخرى، لفت إلى أنّ لانتخابات تونس الرئاسية اعتبارات أخرى، لكنّها ستتعلق حتما بنتيجة البرلمان، والتي تصدّر فيها حزب نداء تونس العلماني المشهد مقابل هزيمة الإسلاميين، مشيرا إلى أنّ الباجي قائد السبسي يدخل الانتخابات الرئاسية بحظوظ وافرة تفوق حظوظ بقية المترشحين، بالنظر إلى عدد الأصوات التي تحصّل عليها حزبه في الانتخابات التشريعية، وهو ما يعني عدم حاجته لأيّ تحالف من أساسه في هذه المرحلة.

لمن ستؤول رئاسة الحكومة المقبلة؟

في سياق الأنباء التي تتردّد حول مباحثات واتصالات تدار من قبل لجنة شكلها نداء تونس خصيصا للتفاوض مع أسماء وأطراف وشخصيات وطنية لتحمّل مسؤولية الحكم وأعبائه في المرحلة المقبلة، أوردت بعض التسريبات الإعلامية عديد الأسماء، في إطار كلّ السيناريوهات المحتملة؛ من حكومة حزبية إلى حكومة وحدة وطنية إلى حكومة تكنوقراط.

وفي ما يتعلق برئاسة الحكومة، فإنّ أربعة أسماء مرشحة تعدّ الأبرز إلى حدّ الآن، وفق ذات التسريبات، وهي كل من: الطيّب البكوش، الأمين العام لحزب نداء تونس، محسن مرزوق، مدير الحملة الانتخابية لقائد السبسي والقيادي بنداء تونس، رافع بن عاشور، السفير السّابق، ومحمد الناصر، نائب رئيس حزب نداء تونس.

هذه الأسماء الأربعة الندائية، أفادت ذات التسريبات الإعلامية بأنّها طلبت ترؤُّس الحكومة شأن الطيب البكوش ومحسن مرزوق أو عرضت عليها الأمر شأن بن عاشور ومحمد الناصر.

في حين تبقى خيارات أخرى متاحة، من ذلك أن شخصية مستقلة قد تتولى رئاسة الحكومة، وقد طرحت في هذا الإطار أسماء كلّ من النوري الجويني وعبدالكريم الزبيدي، الذي رفعت في وجهه حركة النهضة الفيتو سابقا (عندما تمّ اقتراحه لنفس المنصب أثناء الحوار الوطني الذي تلا أزمة الاغتيالات أثناء حكم النهضة للبلاد)، في حين أنّ الجويني لا مؤاخذات عليه من قبل أيّ من الأحزاب، بما يعزّز إمكانية التوافق حوله.

من هم المرشحون لنيل حقائب وزارية؟

في ما يتعلق بالأسماء البارزة التي يمكن أن تنال حقائب وزارية في الحكومة المقبلة، أفادت التسريبات الإعلاميّة بإمكانية أن يظل بعض الوزراء الحاليون الذين يشتغلون الآن في حكومة المهدي جمعة في مناصبهم لمواصلة مهامهم، خاصّة أنّهم يحرزون، وفق متابعين للشأن التونسي تقدّما هامّا ونجاحا مقبولا في الاضطلاع بأدوارهم، ومن بين هؤلاء الوزراء نذكر؛ وزير التعليم العالي توفيق الجلاصي ووزيرة التجارة نجلاء حروش ولطفي بن جدو ورضا صفر في وزارة الداخلية.

أمّا في ما يتعلّق ببقية الفريق الحكومي، فإنّ سيناريو تسليمها إلى شخصيات حزبية، من نداء تونس وربما الجبهة الشعبية وبعض الأحزاب الأخرى الممثلة في البرلمان باستثناء النهضة، وفق ذات التسريبات، قد يكون الأبرز في توزيع الحقائب الوزارية المتبقية، فيما ستسند مهمة تكليف وزيري الخارجية والدفاع إلى رئيس الجمهورية المقبل.

عن « العرب اونلاين »