أصبحت منطقة شمال افريقيا الان في مواجهة تهديد جماعات ارهابية متعددة اكثر من أي وقت مضى .. فسواء كان تنظيم " القاعدة" في بلاد المغرب الإسلامي أو "داعش" او "انصار الشريعة" فجميعهم يسعون لتحقيق هدف واحد هو زعزعة استقرار المنطقة واستخدامها كقاعدة لتجنيد الارهابيين وإن كان الهدف المعلن هو إرساء دولة الخلافة الاسلامية.

وقد برز مؤخرا تنظيم "داعش" ـ والذي نشرت الرعب والقلق في العراق لدرجة تزايد المخاوف من تدخل أمريكي اخر في هذا البلد ـ كظاهرة جديدة للإرهاب أطلت برأسها على منطقة شمال افريقيا بل واتخذت ابعادا جديدة لدرجة مثيرة للقلق حيث يبدو انه يريد اقامة قواعد تدريب وتجنيد للانتحاريين فى هذه المنطقة ... يضاف إلى ماسبق انه التنظيم الاكثر دموية وتطرفا على الاطلاق.

وقد تمكنت اجهزة الامن الجزائرية مؤخرا من تفكيك شبكة دولية لدعم تنظيم "داعش" تمكن افراده ـ القادمين من سوريا ـ من التسلل إلى الجزائر وكانوا يعتزمون التوجه إلى ليبيا او دول اوروبية لتنفيذ عمليات ارهابية حسبما ذكرت اليوم صحيفة "النهار" الجزائرية نقلا عن مصادر امنية ..

يأتي ذلك بعد تحذيرات كثيرة من محاولات "داعش" ـ والتي تضم عناصر مغاربية ـ اختراق الجزائر عبر الحدود الليبية مما زاد من قلق السلطات الامنية والعسكرية ومخاوفها من اختراق الجزائر ... وتزايدت هذه المخاوف مع ورود انباء عن عودة مقاتلين في صفوف "داعش" ينحدرون من منطقة المغرب العربي إلى بلدانهم الاصلية في اطار استراتيجية توسيع دول الخلافة التي اعلن عنها التنظيم بزرع خلايا تابعة له في المنطقة .

وكان مصدر عسكري قد كشف لصحيفة "الخبر" الجزائرية مؤخرا عن ورود انباء للقيادة المركزية للجيش من الوحدات العسكرية المتمركزة على الحدود الجزائرية/الليبية بشأن محاولات اختراق للأراضي الجزائر من قبل عناصر يشتبه في انتمائها لتنظيم "داعش" الامر الذي دفع بقيادة الجيش إلى ارسال تعزيزات اضافية.

ولكن حتى الان لايزال تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الناشط في منطقة شمال افريقيا يدين بالولاء لتنظيم القاعدة بقيادة ايمن الظواهري ولم يبد تحمسا لتنظيم "داعش" حسبما جاء في البيان الذي نشره التنظيم في الرابع عشر من شهر يوليو الماضي على شبكة التواصل الاجتماعي والذي أعلن فيه رفضه الانضمام إلى دولة الخلافة التي أعلن عنها ابوبكر البغدادي قائد تنظيم "داعش" في سوريا والعراق ...

وعدم تحمس أكبر التنظيمات الارهابية المسلحة في الجزائر لمبايعة "داعش" دفع بهذا الاخير إلى البحث عن استراتيجية اخرى تمكنه من ارساء اقدامه في منطقة شمال افريقيا ومن هنا بدأ يتقرب من تنظيم أنصار الشريعة في ليبيا وبعض التنظيمات الصغرى في منطقة شمال افريقيا.

وتشير التقارير العسكرية إلى صعوبة زرع خلايا لداعش في الولايات الشمالية ولهذا فهو ـ في المقابل ـ يسعى لاحتلال جنوب شرق الجزائر بالقرب من ولاية " اليزى" لملء الفراغ الذي تركه عبد السلام طرمون رئيس حركة "ابناء الصحراء من اجل العدالة" بعد مفاوضاته الناجحة مع الحكومة الجزائرية والسماح له بدخول منطقة جنوب شرق الجزائر والاستفادة من قانون المصالحة.

ويؤكد الخطاب الرسمي للجيش المخاوف التي تتملكه من تنظيم داعش والذى يجهل إلى حد ما ممارساته بخلاف تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي .. وهو ما تجلى في العدد الشهري الاخير لمجلة الجيش الجزائري التي أكد فيها أن الجزائر تواجه تحديات ورهانات عسكرية وأمنية كبيرة تتطلب التجند والاستعداد لصد أى تسلل محتمل عبر الحدود ومواجهة مختلف التهديدات لاسيما الارهابية منها والمخاطر التي تبقى مفتوحة على كل الاحتمالات.