قالت منظمة “والك فري”، في تقرير لها صدر أول أمس، بلندن، إن هناك “أزيد من 188 ألف حالة عبودية في الجزائر”، بعدما قالت في تقريرها، العام الماضي، إن عدد الحالات التي تنطبق عليها صفة “العبودية” بلغ 70 ألفا، ما يعني، حسبها، أن العدد ارتفع بأكثر من 150 بالمائة، ما يطرح تساؤلات عدة حول حقيقة الأمر، وحقيقة التقرير في حد ذاته.

وحسب يومية الخبر، أفاد تقرير المنظمة، الكائن مقرها بأستراليا، وتنشر تقاريرها انطلاقا من لندن، بأنها سجلت بالضبط 188 ألف و200 حالة “رق” بالجزائر، أي ما يعادل، حسب المنظمة، 0,48 بالمائة من مجموع السكان.

ووضعت الجزائر في خانة “س”، وهي الخانة التي تؤشر، في تصنيفها للدول، على الحكومة التي “لم تتخذ الإجراءات الكافية للحد من ظاهرة الاسترقاق، ولا تقدم مساعدات للضحايا أو تقدم دعما محدودا جدا”، كما تؤشر على “الحكومة التي لا تنسق ولا تتعاون من أجل القضاء على ظاهرة العبودية، بل إنها تقوم بممارسات تساعد على انتشار العبودية”.

وشكك رئيس اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها، فاروق قسنطيني، في مضمون تقرير منظمة “والك فري”، حول العبودية في الجزائر، وتساءل: “ما بهم هؤلاء، أظن أن من كتب التقرير لم يكن في كامل قواه العقلية”.

وأضاف قسنطيني، أنه “لا توجد عبودية في الجزائر، وكل ما في الأمر أن هناك منظمات تحركهم أطراف خارجية من أجل النيل من الجزائر، ويدعون هذه المنظمات ويدفعون لهم لقاء الإساءة للجزائر، فلا تتوانى هذه المنظمات في إلصاق كل العيوب بالجزائر”.

وقال قسنطيني: “إنه كذب في كذب، هذه ادعاءات وإشاعات لا سند لها من الحقيقة، وسوف ننتظر في الأيام المقبلة أشياء من هذا القبيل”.

وكانت نفس المنظمة قالت في تقرير لها، العام الماضي 2013، إن تعداد “الرق” في الجزائر، بلغ 70 ألفا، أي بزيادة نسبتها 150 بالمائة، مقارنة مع العام الجاري، وحتى وإن كانت الزيادة لها ما يبررها، قياسا بالتغيرات الإقليمية، ونزوح آلاف الأفارقة إلى الحدود الجزائرية بسبب الحروب، إلا أن الرقم يبقى محل تساؤل، في ظل غياب أرقام رسمية عن ظاهرة تنفيها الجزائر.

وسبق للجزائر أن انتقدت عبر وزارة الخارجية، تقرير “والك فري”، العام الماضي، عندما اعتبرت التقرير المتعلق بمؤشر العبودية في العالم أنه فيما يتعلق بالجزائر “لا يستند لمعطيات موثوقة وأكيدة، لكون مؤشر انتشار العبودية الحديثة مجرد نتيجة لتعميم وهمي يقوم على عينات عشوائية يعد تمثيلها أكثر من مريب”.

وأفاد البيان بأنه “فضلا عن الاستنتاجات الخاطئة كليا، فإن التقديرات المنسوبة للجزائر في هذا التحقيق غير معقولة تماما”.

وأفاد الحقوقي بوجمعة غشير، عضو المكتب التنفيذي لشبكة الديمقراطيين العرب، بأن “هناك مفهوما جديدا للرق عالميا، يتجاوز المفهوم التقليدي، فزواج القُصّر يعتبر رقا، والزواج القسري أيضا والاتجار بالبشر، ومن غير المستبعد أن تكون مثل هذه الحالات موجودة بالجزائر، خاصة مع دخول قوافل الأفارقة إلى الجزائر، وانتشار البغاء”.

كما أفاد غشير: “كذلك يجب ألا ننكر أن هناك عائلات بمناطق بالصحراء، تستخدم عبيدا، لكني أظن أن العدد قليل جدا”. كما أضاف: “تقرير هذه المنظمة رفع من العدد ولست أدري على أي أساس تم ذلك”.
ويعتبر غشير أنه “من الذكاء السياسي أن تتعامل السلطات بإيجابية مع التقرير وأن تتحرى وفقا لتحقيقات تفتحها حول الملف لتعالج القضية، ولا يستحسن التنكر كليا للظاهرة”.