في الوقت الذي تتصاعد فيه حدة المعارك على تخوم العاصمة الليبية طرابلس بين الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر والمليشيات الموالية لحكومة الوفاق،طفت على السطح جرائم خطيرة على يد المليشيات المسلحة تذكر بانتهاكات سابقة لها خلال السنوات الماضية استهدفت لأبناء الشعب الليبي في عدة مناطق من البلاد.

فمنذ أيام،نجحت المليشيات الموالية لحكومة الوفاق في دخول مدينة غريان والسيطرة عليها بعد انسحاب الجيش الليبي بعد تعرضه للخيانة من داخل المدينة.وبادرت المليشيات الى ارتكاب فضائع وجرائم كان أبرزها تصفية جرحى القوات المسلحة الليبية في مستشفى غريان وهو ما أثار موجة تنديد واسعة في الأوساط الليبية.

وكانت البداية مع تداول ناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لعملية تحقيق "مهينة" مع جرحى الجيش الوطني في مستشفى غريان العام، مشيرين إلى تصفية العديد من الجرحى والتنكيل بالجثث من قبل عناصر متشددة من ضمن مجلس شورى بنغازي وتنظيم أنصار الشريعة وميليشيات مصراته.

وأكد عضو مجلس النواب سعيد إمغيب، نقلًا عن مصادر وصفها بالموثوقة والمطلعة، الواقعة التي كشفت عن تصفيات لجرحى الجيش في مستشفى غريان. وقال النائب إمغيب لموقع "إرم نيوز": إن مجلس النواب يعمل حاليًا على إصدار مذكرات ملاحقة الفاعلين من قبل محكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكابهم جرائم حرب.

هذه الجريمة أكدتها المنظمة الليبية لحقوق الإنسان التي أدانت بأشد عبارات الاستنكار الإنتهاكات الجسيمة والخطيرة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني التي أكدت قيام القوات التابعة للمجلس الرئاسي بقيادة أسامة جويلي القيام بها في غريان فور السيطرة على المدينة.وأكدت المنظمة في بيان صادر عنها الجمعة أن قوات جويلي قامت بتصفية كل الجرحي الذين كانوا يتلقون العلاج بمستشفي غريان المركزي معتبرة ماحدث بمثابة عمل ارهابي.

وبدورها أكدت وزارة الداخلية بالحكومة المؤقتة، أن تقارير الطب الشرعي والنيابة بشأن جثامين 28 من عناصر الأمن المركزي العاملين في مدينة غريان أكدت في غالبيتها تعرضهم للتصفية رمياً بالرصاص من مسافة قريبة وبعضهم كانوا من المكلفين أصلاً بحماية المستشفى ورفضوا الخروج منه حتى تم أسرهم أحياء وتصفيتهم.

وأوضحت وزارة الداخلية بالحكومة المؤقتة أن تقرير الطب الشرعي ونيابة الزنتان أكدا أيضا أن غالبية جثامين عناصر الجيش والأمن المركزي التي تسلموها من غريان عن طريق الهلال الأحمر قد تمت تصفيهم  رمياً بالرصاص مع تعرض بعض منهم لتشويه متعمد في الوجه وبعضهم يحمل آثار دهس بالسيارات.

وقال طلال الميهوب، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان الليبي، إن الميليشيات المنضوية تحت لواء قوات السراج "ارتكبت جرائم حرب ضد الإنسانية" في غريان، مبرزاً أن "الجماعات الإرهابية والميليشيات الإجرامية وعصابات التهريب استغلت حالة الأمن والأمان، التي عاشتها المناطق المحررة، ومنها مدينة غريان، تحت حماية الجيش الوطني، وعاثت في المدينة تخريباً".

وأضاف الميهوب في بيان مساء أول من أمس، أن تلك الجماعات "مارست عملية تقتيل جماعية ضد الأسرى، عبر دهسهم بالسيارات"، وتابع:"لقد قتلوا الجرحى الموجودين في مستشفى غريان بدم بارد، كما منعوا إخلاء المصابين وإسعافهم، بل وقطعوا الطريق على سيارات الإسعاف، وأنزلوا منها المصابين ونكلوا بهم وقتلوهم".

وهذه ليست المرة الأولى التي تُوجه فيها مثل هكذا إتهامات لمليشيات أسامة الجويلي فقد سبقتها إتهامات أخرى بإرتكاب إنتهاكات في ورشفانة وأخرى في حروب خاضتها قواته في بلدات الشقيقة ومزدة إضافة لتبعية القوات التي إرتكبت فظاعات القرار 7 في بن وليد له إبان توليه حقيبة الدفاع.

كما أن عمليات تصفية الجرحى في المستشفيات ليست بجديدة على المليشيات المسلحة،فبحسب أمين اللجنة التنفيذية للحركة الوطنية الشعبية الليبية مصطفى الزائدي،فان "جريمة تصفية جنود القوات المسلحة الجرحى في مستشفى غريان، المدافعون على ليبيا ضد الإرهاب والعبث الأجنبي، تماثل تماما عمليات التصفية التي تمت لجنود القوات المسلحة المدافعون ضد الناتو، في مستشفى بوسليم عام 2011.

وأضاف الزائدي في تدوينة له بموقع "فيسبوك"،يتحمل المسؤولية الجنائية على اقترافها فتحي باشاغا شخصيا الذي زار غريان مباشرة بعد احتلالها من المجموعات الإرهابية المدعومة تركيا وقطريا ، والذي قال على الهواء انه وجه بحسن معاملة الأسرى".

ففي 27 أغسطس 2011: جريمة حرب قامت بها مليشيات ما يسمى ب"الثوار" في ليبيا داخل مستشفى بوسليم للحوادث حيث تم تصفية ما يقرب من 85 جريح حالتهم خطيرة بدم بارد امام مرأى ومسمع من العالم.ومثلت هذه الجريمة البشعة بداية لحقبة سوداء في تاريخ ليبيا على يد المليشيات المسلحة التي ساهمت بشكل كبير في تردي الأوضاع في البلاد.

وتعتبر عمليات تصفية الجرحى من جرائم الحرب التي يعاقب عليها القانون،وقالت وزارة العدل بحكومة شرق ليبيا المؤقتة،في بيان لها أن تلك الجرائم مُصنفة ضمن اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكولين الملحقين أنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أيضًا.وطالبت الوزارة، البعثة الأممية بضرورة رصد وتوثيق كل هذه الجرائم وتقديم مرتكبيها إلى العدالة المحلية والدولية.

وبدورها اعتبرت المنظمة الليبية لحقوق الإنسان، هذه الجريمة من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، المخالفة لاتفاقيات جنيف لعام 1949م بشأن حماية المدنيين والجرحى ومن توقف عن القتال في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، مؤكدة أن هذا العمل الإجرامي مخالفا لكل الأديان السماوية والدين الإسلامي على وجه الخصوص.وأوضحت المنظمة، أنها تأكدت عبر مندوبين لها، من ارتكاب هذه الجماعات لجرائم قتل وتعذيب وسوء معاملة خارج نطاق القانون، لكل من تم القبض عليه بتاريخ هذه الجريمة.

 وأكد أحمد عبد الحكيم حمزة، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، إن الجريمة التي ارتكبت بحق الجرحى في مستشفى غريان، إن صحت، فإنها "ستعد جريمة حرب مكتملة الأركان"، وذلك بموجب القانون الدولي الإنساني، وما نصت عليه اتفاقية جنيف بشأن أسرى الحروب والنزاعات المسلحة

ودعا حمزة، في تعليقه على الواقعة إلى "تحقيق شامل وشفاف من قبل مكتب النائب العام الليبي، وبعثة الأمم المتحدة لدعم في البلاد، ومكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية"، لافتاً إلى أن "هذه جريمة حرب تقع في نطاق اختصاص وولاية المحكمة الجنائية الدولية، بموجب ما نص عليه ميثاق روما المنشئ للمحكمة".