بدأت أمس فعاليات المؤتمر الوزاري حول الاستقرار والتنمية في ليبيا بهدف توفير الدعم والمساندة الإقليمية للجهود الدولية الساعية لتأمين ليبيا، وتأييدا للمؤتمر قامت صحيفة "العرب" بتنظيم لقاء حضر فيه ثلة من الباحثين والصحفيين لتدارس الوضع في ليبيا وتقديم مجموعة من الحلول العملية للخروج من الأزمة في ظل تغول المتشددين.

نظم مكتب صحيفة "العرب" بمدريد، بالاشتراك مع جمعية الصحفيين والكتاب العرب بأسبانيا، لقاءً حول تطوّرات الأوضاع في ليبيا، وذلك دعما للمؤتمر الوزاري حول الاستقرار والتنمية في ليبيا الذي انطلقت فعالياته أمس الأربعاء بالعاصمة الأسبانية مدريد بمشاركة 21 حكومة ومنظمة دولية.

وشارك في ندوة "العرب" نخبة من الباحثين والجامعيين الإسبان، في مقدمتهم شيخ المستعربين الأسبان بيدرو مارتيناث مونتابث، والصّحفية والكاتبة تيريزا أرانغورن، والأستاذ بكلية الصحافة والإعلام بجامعة مدريد (الكومبلوتنسي) نجيب أبو وردة، بالإضافة إلى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة "يوناد" بمدريد والكاتب فكتور مورالس الذي أدار النقاش، وكذلك محمد الهوني رئيس التحرير والمدير العام لصحيفة "العرب".

وكان المؤتمر الوزاري قد شارك فيه ممثلو مجموعة 5+5 (أسبانيا وفرنسا وإيطاليا ومالطا والبرتغال، بالإضافة إلى الجزائر وليبيا والمغرب وموريتانيا وتونس)، وكذلك مجموعة ميد7 (إسبانيا وفرنسا وإيطاليا ومالطا والبرتغال وقبرص واليونان)، وجيران ليبيا (الجزائر وتشاد ومصر والنيجر والسودان وتونس)، فضلا عن ممثلين عن المنظمات الدولية مثل الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والاتحاد من أجل المتوسط والأمم المتحدة، والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، الإسباني برناردينو ليــون.كمال حذيفة: مهام البرلمان شائكة وصعبة وتحتاج إلى تعاون المجتمع الدولي

وقالت وزارة الخارجية الأسبانية، في بيان لها، إن المؤتمر الوزاري حول الاستقرار والتنمية في ليبيا، "يهدف إلى توفير الدعم والمساندة الإقليمية للجهود الدولية الساعية لتحقيق الاستقرار في ليبيا، وإرسال رسالة إلى الأطراف الفاعلة في الصراع للتغلب على أسباب المواجهات المسلحة والانتقال إلى التفاوض والحوار".

وأقيم اللقاء بقاعة "أوبدة" بأقدم وأشهر ناد ثقافي سياسي بمدريد "الأتينييو" الذي أسس عام 1835، وقد اجتمع العديد من الصحفيين والباحثين والجامعيين داخل هذا الهيكل التاريخي العظيم، لتناول الوضع في ليبيا وتدارس الحلول الممكنة للخروج من الأزمة السياسية المتصاعدة. ونيابة عن السفير الليبي حضر عدد من مساعديه يتقدمهم خالد الدوكالي.

وافتتح المائدة أستاذ الأخبار والإعلام بجامعة مدريد أبو وردة، بتقديم عرض مشفوع بخرائط وبيانات سمعية وبصرية، عن الوضع في ليبيا والمنطقة العربية عموما، منذ ما يزيد عن قرن لأنه كما قال:"لا يمكن فهم الواقع ومآسيه، إلا بالرّجوع إلى الماضي وتتبّع تسلسل الأحداث".

وركز الباحث خلال عرضه على المطامع الخارجية، الإستراتيجية منها والاقتصادية واعتبر أنّ حلّ المشكلة الليبية هي الأساس لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة المتوسطية، مشيرا إلى أن الوضع كما هو عليه الآن ينذر بالخطر .

وتناولت الكلمة بعد ذلك تيريزا أرانغورن، الصحفيّة الشهيرة المستشارة في هيئة الإذاعة المرئية الوطنية الأسبانية، فشرحت الوضع الليبي وما يكتنفه من تدخّلات وأطماع، مذكّرة بأن الدول الكبرى التي آزرت في السابق نظام القذافي تدّعي اليوم أنها تدعم الشعب الليبي وتسعى جاهدة إلى مساعدته لإنجاح المسار الانتقالي وبناء مؤسسات الدولة الدائمة.

ومن جانبه، تحدّث شيخ المستعربين، الدكتور بيدرو مارتيناث مونتابث، صاحب المؤلفات الكثيرة، عن العرب وعن الإسلام، خلال مداخلته عن تاريخ الاستعمار وتأثيره على البنية السياسية للعديد من دول المنطقة العربية، معرّجا على التناقضات التي تتصف بها علاقات أوروبا بالدول العربية.

وقدم مونتابث عرضا تحليليا عن الموقع الاستراتيجي لليبيا ووضعها الجغرافي وثرواتها النفطية التي غذّت أطماع الدول الغربية للتعجيل بالتدخل العسكري بحجة حماية المدنيين، لا سيما في ظل تغول التنظيمات المتشددة وعبثها بأمن ليبيا ومواطنيها.

المناضل الليبي والناشط الحقوقي وعضو الهيئة الليبية للقضاء كمال حذيفة تطرق، من جهته، إلى ما يعانيه الشعب الليبي من تعسّف وإجرام على أيدي التنظيمات المتشدّدة.

وأشار إلى قرار مجلس الأمن رقم 2174، متسائلا عن مدى فعاليته وكيفية تطبيقه خاصة وأن "المجرمين يعيثون فسادا في البلاد"، موضحا أن الحكومة غير قادرة على درء خطر الإرهاب لذلك استوجب الوضع، مساعدة الأمم المتحدة وأصدقاء ليبيا "حتى تنجو البلاد من الجبّ الذي تتخبط في أعماقه".

وأضاف حذيفة بالقول "نحن نساند البرلمان والحكومة للقيام بهذه المهمّة التي لن تكون سهلة بل صعبة وشائكة، مهمة تحتاج إلى التعاون بين المجتمع الدّولي، خاصّة الدّول التي شاركت في حملة الحلف الأطلسي، لأنها تتقاسم مسؤولية ثقيلة تتمثل في ضرورة دعم التحوّل الديمقراطي في ليبيا".