تتعمق الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا يوما بعد يوم مع التنافس المحموم واستمرار حالة الاحتقان الداخلي السياسي والعسكري بين الأطراف المتنازعة والتي تزيد في تأجيجها التدخلات الخارجية وخاصة منها التركية.وعلى الرغم من الحديث عن بوادر لعودة الأطراف الليبية الى طاولة الحوار فان الأوضاع الميدانية تشهد عكس ذلك مع تواصل العمليات العسكرية وزيادة التصعيد.

إلى ذلك،تتواصل العمليات العسكرية على أشدها في محاور العاصمة الليبية طرابلس،حيث أعلن المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة التابع للجيش الوطني الليبي صد هجوم لقوات الوفاق في محور الكازيرما والمطار.وأكد المركز أن مرتزقة أردوغان ومن يساندهم من مليشيات وقعوا في كمين محكم بمحور الكازيرما بمنطقة قصر بن غشير مشيرا إلى مقتل أعداد كبيره من القتلى والجرحى بالإضافة للقبض على مجموعة من المرتزقة والمليشيات.

وتصاعدت وتيرة الخسائر قي صفوف المليشيات والمرتزقة الموالين لتركيا،ونقل موقع "ارم نيوز" الاخباري عن مصدر من الجيش الليبي إن قوات تابعة للجيش قتلت 14 عنصرا تابعا للميليشيات في معسكر قازان بالجبل الغربي غرب البلاد، بعد عملية نوعية.مؤكدا بأن جثث القتلى التي تعود لميليشيات كاباو وجادو وغريان تم دفنها في منطقة القواسم.

وأضاف المنتصر أن العملية أسفرت عن مقتل عدة قيادات في الميليشيات، منهم رامي أبو شاقور وامحمد كعبار من ميليشيات غريان، كما تم مقتل قيادات من ميليشيات الأمازيغ، منهم سفيان القجامية وامحمد خزام وعباس بوقصيعة وأمجد بلاعو، بالإضافة إلى امحمد خربيش وقيس دورو وامحمد العزابي ونور الدين جادوي من ميليشيات مدينة جادو الأمازيغية.

وبحسب ذات المصدر، فقد قتل عناصر قيادية من عدة مدن أمازيغية، منهم صالح مخلوف من ميليشيات كاباو وامحمد ازريبة من ميليشيات تاغمة، وكذلك ازرو بن ساسي من ميليشيات نالوت.وأضاف بأن سلاح الجو التابع للجيش الليبي استهدف تمركزا للميليشيات في مقر الأرصاد والزلازل بمنطقة القواسم بخمس غارات جوية دقيقة، أسفرت عن إصابة الأهداف المحددة.

وأعاد الجيش الليبى ترتيب صفوفه، ووجه ضربات متتالية وناجحة للمليشيات المسلحة ومرتزقة تركيا وارهابييها الذين يقدرون بالآلاف.ونفذت قوات الجيش عدة أكمنة محكمة على غرار كمين معسكر اليرموك الذي أسفر عن مقتل العشرات من المليشيات والمرتزقة السوريين.كما نجحت قوات الجيش الليبى خلال الكمين فى القبض على 12 من المرتزقة السوريين والتحفظ على جثث 25 قتيلا.

وأجبرت الاستراتيجية الجديدة للجيش مليشيات أردوغان على الدفع بمسيرات تركية لخطوط القتال لكن القوات المسلحة نجحت في الاطاحة بعدد كبير منها،حيث أسقطت دفاعاته الجوية 9 طائرات مسيرة للمليشيات فى أقل من 48 ساعة و14 طائرة خلال 3 أيام لتنضم إلى سابقتها التى دمرتها قوات الجيش الوطني الليبي منذ بداية المعارك في أبريل/نيسان 2019.

وبالتزامن مع تواصل التصعيد في محاور طرابلس،تواصل تركيا اغراق البلاد بالسلاح في انتهاك صارخ للقرارات الدولية.وأعلن المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، أحمد المسماري اليوم الثلاثاء، رصد سفينة شحن تركية في رحلة مريبة إلى ميناء مصراته.وقال في إيجاز صحافي أن السفينة المملوكة لشركة تركية غادرت من اسطنبول يوم 20 إلى 21 مايو/أيار ووصلت ميناء مصراته في 28 مايو/أيار.

وكشفت صحيفة "هاندلسابلات" الألمانية، أمس الإثنين، النقاب عن إرسال تركيا خلال الـ 7 أيام الماضية 10 طائرات شحن عسكرية محملة بالسلاح إلى طرابلس،وأكدت الصحيفة:أن "أنقرة تواصل انتهاك قرار الأمم المتحدة القاضي بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا، وتساهم في تصعيد الأوضاع بشكل كبير في البلاد.".

كما نقلت الصحيفة الألمانية عن مصادر إيطالية لم تكشف عن هويتها، قولها إن "مقاتلات إف 16 تركية وصلت للأراضي الليبية، بخلاف الأسلحة الثقيلة والمدرعات والعربات المصفحة".وبالاضافة الى ذلك نقلت تركيا خلال الأشهر الماضية العشرات من الطائرات المسيرة (درونز) إلى ليبيا، والآلاف من المرتزقة السوريين يقودهم ضباط من الجيش التركي.

وتشير هذه التطورات الى تعقيدات متسارعة تنضاف للمشهد الليبي وذلك على الرغم من الاعلان الأممي الأخير عن قبول كل من حكومة الوفاق الوطني والجيش الوطني الليبي استئناف مباحثات وقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية المرتبطة بها بناءً على مسودة الاتفاق التي عرضتها البعثة على الطرفين خلال محادثات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) في 23 فبراير 2020

وأكدت البعثة أن عودة الطرفين للحوار تمثل استجابة لرغبة ونداءات الأغلبية الساحقة من الليبيين الذين يتوقون للعودة للحياة الآمنة والكريمة بأسرع وقت ممكن.وأعربت في بيان، عن أملها أن ترافق استجابة الطرفين وقف الأعمال القتالية، والحد من التعبئة العامة وممارسة خطاب الكراهية.ونوهت إلى أن العودة بغية الوصول إلى حل يعيد للدولة مؤسساتها ومكانتها وللشعب ما يستحقه من استقرار ورفاه.

وفي الـ 19 من يناير الماضي، قرر المجتمعون في مؤتمر برلين بشأن الأزمة الليبية 3 مسارات أمنية وسياسية واقتصادية لحل الأزمة تمثل الحل الأمني في تشكيل اللجنة الأمنية العسكرية "5+5" من عسكريين نظاميين من طرفي الصراع الليبي الجيش الوطني وحكومة فايز السراج.وتشرف اللجنة على وقف إطلاق النار وإخراج المرتزقة الأجانب، حيث بدأت في عقد اجتماعاتها بجنيف في وقت سابق إلا أنها لم تتوصل إلى اتفاق نهائي.

وفي حين، لم يصدر بيان عن أي من الجيش أو حكومة السراج يؤكد العودة إلى المفاوضات،سارعت أطراف دولية للترحيب بالاعلان الأممي.وأعربت السفارة البريطانية لدى ليبيا في تغريدة لها بموقع "تويتر" عن ترحيبها بإعلان البعثة الأممية القبول باستئناف مباحثات وقف إطلاق النار مضيفة نستمر في تشجيع الأطراف الليبية للعمل معاً نحو تحقيق السلام والازدهار والاستقرار في ليبيا.

وبدوره رحب سفير ألمانيا لدي ليبيا "أوليفر أوفتشا" بالإعلان الأممي،وقال "أوفتشا" في تغريدة له بموقع "تويتر" "نرحب بالاستئناف المزمع لمحادثات 5 + 5 العسكرية من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار" مضيفا "نحن نشجع الأطراف على القيام بذلك بروح من التوافق لصالح جميع الليبيين نحن ملتزمون بدعم هذه الجهود".

وتسيطر على ليبيا ظروف بالغة التعقيد في ظل الخلافات القائمة بين أطراف النزاع الداخلية سياسياً وعسكريا.ويرى مراقبون أن الدعوات الدولية للعودة للحوار تبدو دون جدوى في ظل استمرار الصمت الدولي ازاء الغزو التركي المتصاعد للأراضي الليبية واصرار أنقرة على انتهاك القرارات الدولية واغراق البلاد بالسلاح والمرتزقة علاوة على العناصر الارهابية

ونقلت تركيا حتى الآن أكثر من 11 ألفا من المرتزقة غالبيتهم سوريين إلى ليبيا بالتزامن مع اختفاء نحو 9000 متطرف آخرين من المحتمل نقلهم قريبا إلى طرابلس، حسبما أعلن رامي عبدالرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان.وتشكل هذه الانتهاكات التركية خطرا ليس اقليميا ودوليا وهو ما حذر منه العديد من الخبراء والسياسيين في عدة مناسبات