تتواصل معركة طرابلس على أشدها مع تكثيف الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر من غاراته الجوية التي تستهدف مراكزالقوات الموالية لحكومة الوفاق موقعة خسائر كبيرة في صفوفها،فيما تواصل قواته التقدم على جميع المحاور بهدف بسط السيطرة على كامل العاصمة الليبية التي ترزح منذ سنوات تحت وطأة المليشيات المسلحة ذات الولاءات المختلفة.

وكثف الجيش الوطني الليبي خلال الساعات الماضية،من هجماته الجوية موقعا خسائر كبيرة في صفوف قوات الوفاق.وأعلنت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش سقوط 20 قتيلاً من العناصر التابعة لحكومة الوفاق بمحور الهيرة جنوب العاصمة طرابلس.وأكدت شعبة الإعلام الحربي عبر صفحتها بموقع "فيسبوك" أن مقاتلات سلاح الجو استهدفت موقعاً لقوات الوفاق بمحور الهيرة ما أسفر عن سقوط 20 قتيلا في صفوف قوات الوفاق وتدمير 4 آليات.

وتصاعدت الخسائر في صفوف القوات الموالية لحكومة الوفاق حيث أعلن الجيش الوطني الليبي،  الأحد، عن إن قيادات بارزة قتلت خلال الأيام الأخيرة، في عدة مواقع بضواحي طرابلس، من بينهم "القيادي علي شناك، آمر محور الخلاطات من مدينة مصراتة، ومحمد الشيشة آمر ميليشيا شريخان، ومحمد الرايس آمر ميليشيا (الموت)".

وقال ‏المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة‏، في بيان عبر صفحته على "فيسبوك"، أن من بين القتلى أيضًا "هاني الفزاني، ومصطفى الأشخم، والمعتصم بن نوبة، ومختار بادي، بالإضافة إلى الناطق باسم ميليشيا (القوة الوطنية) في جنزور، سليم قشوط".وتحدث البيان عن "هروب آمر ميليشيا (باب تاجوراء) إلى صربيا، بحجة مرافقة الجرحى، حيث قام بتحويل مبالغ كبيرة".

وذكر المركز أن قوات الجيش الليبي وجهت ضربات جوية طالت أغلب المحاور؛ ما أدى إلى إصابة مخزن ذخائر رئيسي في منطقة عين زارة، كما وجهت ضربات جوية إلى رتل تابع لميليشيات مصراتة متمركز بمنطقة السدادة. وأوضح أن خسائر الميليشيات خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، ارتفعت إلى أكثر من 90 قتيلًا وحوالي 150 جريحًا، أغلبهم من مدينة مصراتة؛ جراء القصف الجوي والمدفعي والمواجهات المباشرة، مضيفًا أن من بين القتلى والجرحى عناصر من مجلس شورى بنغازي.

وتاتي هذه الضربات الجوية بالتزامن مع تقدم ميداني لقوات الجيش الليبي في عدة محاور حيث أعلنت شعبة الإعلام الحربي التابع للقيادة العامة،الإثنين 23 سبتمبر2019، عن تقدم الوحدات العسكرية في محور العزيزية، والسيطرة على مراصد ونقاط جديدة.وقالت شعبة الإعلام الحربي – عبر صفحتها الرسمية في فيسبوك-إنه تم تدمير عدد من الآليات والعربات لمجموعات الإرهابية التي تراجعت أمام كثافة نيران وحدات التابعة للقوات المسلحة.

وكانت الوحدات العسكرية بالقوات المسلحة، قد أحرزت تقدمًا في المنطقة المُحيطة بمعسكر اليرموك، مُعززًا بغطاء جوي، بعد أن خاضت معارك عنيفة خلال 48 ساعة الماضية، والتي أسفرت عن مقتل أمراء محاور مليشيات الإرهابية.وأكد المتحدث باسم قيادة الجيش أحمد المسماري، أن الوحدات التابعة للقوات المسلحة العربية الليبية، تقدمت في عدة مواقع جديدة في أكثر من محور، في ظل انهيار في صفوف قوات الوفاق في محيط العاصمة طرابلس.وأضاف المسماري، خلال مؤتمر صحفي مساء الأحد، من مدينة بنغازي،أن الجيش وسع نطاق عملياته ليصبح مسرح العمليات الحالي للجيش يمتد من مدينة سرت شرقا، وحتى مدينة زوارة غربا، ومنها إلى غريان.

وتاتي هذه التطورات بعد اعلان الجيش الليبي عن اطلاق هجوم كبير ضد المليشيات في طرابلس.وقال بيان للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية:"إن هجوماً كبيراً ينفذ ضد ميليشيات قرب طرابلس بمشاركة جميع القوات البرية والبحرية والجوية"، مطالباً السكان بالابتعاد عن مناطق الاشتباكات وعن المواقع التي تتواجد بها الميليشيات. وتابع "وهناك قصف جوي بري على معسكر اليرموك جنوبي طرابلس"، إضافة إلى قصف تمهيدي جوي ومدفعي ثقيل على مواقع الميليشيات قرب طرابلس.

وانطلق الهجوم مع ضربات جوية مركزة ودقيقة، استهدفت مواقع جديدة تابعة للميليشيات في ضواحي العاصمة طرابلس، ثم اتسعت دائرة الاشتباكات بمحاور عين زارة ووادي الربيع، بين الجيش الوطني والميليشيات. وشهد محور صلاح الدين هجوماً عنيفاً لتحريره من العصابات الإرهابية، وأوضح الناطق باسم الجيش الوطني اللواء أحمد المسماري، أن الهجوم تم بغطاء جوي، وكبد الميليشيات خسائر فادحة، منوهاً بأن وتيرة العمليات مستمرة وفق الخطط المرسومة لها.

وخلال الأيام الماضية أيضا، حرر الجيش الوطني الليبي مناطق عدة من سيطرة الميليشيات في عدة محاور منها صلاح الدين والخلة وعين زارة.وأكد المركز الإعلامي باسم غرفة عمليات الكرامة، وصول تعزيزات مهمة لمحاور القتال، بهدف الاستمرار في استنزاف الميليشيات والجماعات الإرهابي.

وفي غضون ذلك،تتواصل دلائل تعويل حكومة الوفاق على عناصر مطلوبة وارهابيين الى صفوفها.وآخر هذه الدلائل كان مع ظهور جديد لقائد لواء "الصمود" المحسوب على التيارات المتشددة في مدينة مصراتة الليبية، صلاح بادي، في معارك طرابلس، رغم العقوبات المفروضة عليه.وهو ما يضع حكومة الوفاق بموقف محرج أمام المجتمع الدولي.

ونشر موالون لحكومة الوفاق في وقت مبكر من صباح الأحد مقاطع فيديو تظهر مقاتلين في داخل المعسكر وهم يؤكدون سيطرتهم عليه.وقال صلاح بادي إن القوات استعادت السيطرة على المعسكر وعادت إلى مواقعها بعد كر وفر خلال المواجهات مع قوات الجيش، مؤكدا أن قوات حكومة الوفاق لن تسمح لقوات الجيش بالتقدم في المعركة أو السيطرة على المعسكر.

يذكر أن بادي، هو أحد مؤسسي ميليشيات "فجر ليبيا"، التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، التي أحرقت مطار طرابلس الدولي عام 2014، وتسبّبت في توقفه عن العمل، وشارك في أغلب الاشتباكات التي شهدتها طرابلس في السنوات الأخيرة، آخرها التي وقعت صيف 2018، وأسفرت عن مقتل 120 شخصًا، أغلبهم من المدنيين.

ويرى مراقبون أن ظهوره المتكرر الى جانب قوات حكومة الوفاق يثبت الاتهامات لها بالتعويل على مطلوبين وعناصر ارهابية وهو ما دأبت على نفيه.ويأتي الظهور الأخير لبادي في وقت يستعد فيه السراج لتمثيل ليبيا في الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة،وسياول فيه اقناع المسؤولين الغربيين بعدم وجود مطلوبين في صفوف قواته وهو ما يتنافى مع واقع الأحداث على الأرض.

وأشارت وكالة "رويترز" في تقرير سابق لها، أن أطرافا دبلوماسية أعربت عن قلقها من مشاركة صلاح بادي في معارك طرابلس ومتحالفا مع حكومة الوفاق ضد الجيش الوطني، لكونه أحد الذين فرض عليهم مجلس الأمن الدولي والخزانة الأمريكية العام الماضي، حظر السفر وتجميد أصوله، لتورطه في معارك سابقة في العاصمة وإحراق مطار طرابلس الدولي.

ومنذ بداية العمليات العسكرية التي يقودها الجيش الليبي لتحرير العاصمة طرابلس في الرابع من أبريل/نيسان الماضي، انتفضت قيادات إرهابية وشخصيات مطلوبة محليا ودوليا في العديد من الجرائم، وحشدت قواتها العسكرية، معلنة عودتها إلى ساحات القتال، لمساندة قوات حكومة الوفاق، والوقوف ضد تقدّم قوات الجيش الليبي إلى وسط العاصمة طرابلس.

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" في عددها الصادر في 13 أبريل الماضي، قد ذكرت إن حكومة الوفاق تؤكد لداعميها الغربيّين أنَّها بعيدة عن التعامل مع الإرهابين. جاء ذلك كما تقول الصحيفة بعد إعلان بعض المشمولين بعقوبات الأمم المتحدة انضمامهم لقوات حكومة الوفاق في قتالها ضد الجيش، ومنهم أمير الحرب صلاح بادي المتحالف مع متطرفين إسلامين والذي شملته عقوبات الأمم المتحدة كمقوّض للاستقرار.

وبالرغم من نفى فائز السراج ومسؤولون من حكومة الوفاق مرارا وجود مقاتلين ينتمون لتنظيمات إرهابية ضمن قواتهم التي تواجه الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر.فإن تكرر ظهور شخصيات محسوبة على تنظيمات إرهابية إلى جانب ميليشيات طرابلس،أحرج حكومة الوفاق وجعلها بحسب المراقبين في موقف صعب أمام الرأي العام الداخلي والخارجي.

كما تتهم حكومة الوفاق بالتحالف مع العناصر الارهابية في الجنوب الليبي بهدف تشتيت جهود الجيش في العاصمة طرابلس.وأكد المتحدث باسم قيادة الجيش أحمد المسماري،أن التحالف الذي دخل مدينة مرزق قبل أيام يتكون من عصابات إجرامية ومجموعات إرهابية، مبينا أن عناصر تنظيم داعش الإرهابي في مرزق أختارت اسم جيش الصحراء لتتمكن من الدخول في تحالف مع السراج والغرياني للحصول على المال.

وأوضح المسماري، أن غارة "الأفريكيوم" التي استهدفت موتقع بمدينة مرزق قبل يومين أسفرت عن مقتل 10 من الجماعات الإرهابية وليس ثمانية، كما تم الإعلان عنه.وكانت أفريكوم قالت في بيان صدر،الجمعة، إنها قتلت بضربة جوية شنت مساء الخميس ثمانية من مقاتلي ومسؤولي تنظيم "داعش"، الفرع الليبي في محيط بلدة مرزق جنوبي ليبيا.

ومن جهة أخرى،باتت تركيا الداعم الرئيسي للمليشيات والعناصر الارهابية الراعي الرسمي للحرب ضد الجيش الليبي.ففي تطور جديد،كشف مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني الليبي العميد خالد المحجوب، عن وجود قوات تركية خاصة تقاتل إلى جانب الميليشيات المتطرفة في العاصمة طرابلس.

ولطالما أعلن قادة الجيش الوطني الليبي عن الدعم التركي لميليشيات طرابلس، لكن تصريح المحجوب الذي أدلى به لـ"سكاي نيوز عربية"، الأحد، بوجود قوات على الأرض يعد الأول من نوعه.وهو ما يشير الى محاولات تركية لانقاذ المليشيات الموالية لها بعد تزايد هزائمها وانحسار مناطق نفوذها أمام تقدم القوات المسلحة الليبية.

وانخرطت تركيا في الصراع الليبي منذ سنوات،ولكن معركة طرابلس كشفت بوضوح حقيقة الدور المشبوه الذي تلعبه أنقرة في دعم المليشيات.ومع نهاية أبريل/نيسان الماضي،أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعم بلاده للميليشيات في طرابلس، بما في ذلك الدعم العسكري،في موقف أثار جدلا كبيرا في الأوساط الليبية واعتبره متابعون للشأن الليبي اعترافا تركيا بنشر الفوضى في البلاد.

وخلال أغسطس الماضي، دمر الجيش الوطني طائرة شحن تركية كانت محملة بأسلحة وذخائر في مطار مصراتة. كما استهدف مطار زوارة الدولي الذي يستخدم لإقلاع الطائرات المسيرة التركية.وفي سبتمبر الجاري، أسقط الجيش الوطني ثلاث طائرات مسيرة تركية في مصراتة، وطائرتين أخرتين فوق قاعدة الجفرة الجوية، كما دمر ثكنات أقلعت منها الطائرات التركية المسيرة، في الكلية الجوية في مصراتة.

وتتهم عدة أطراف ليبية تركيا بتزويد الميليشيات المسلحة بالعتاد والسلاح ما قد يؤدي إلى تطورات من شأنها أن تعمق الصراع في البلاد.ويثير تقدم الجيش الليبي وسيطرته على مدن ومناطق عدة في ليبيا قلق أنقرة، فالجيش أقسم على تحرير كل الأراضي الليبية من الإرهابيين.وتعد العاصمة طرابلس،آخر معقل لتنظيم "الإخوان" في ليبيا ومليشياتهم الارهابية، مما يعني نهاية هيمنتهم على القرار السياسي والمالي في ليبيا، سينتهي فور تحريرها.