بعد سلسلة من الاجتماعات والمشاورات في عدة دول منها مصر والمغرب سويسرا وألمانيا والتي ترعاها بعثة الأمم المتحدة ،اتجه الفرقاء الليبيون لعقد اجتماعات محلية في محاولة للوصول الى تسوية تمكن من توحيد الليبيين وانهاء سنوات من الصراعات والانقسامات التي شكلت عائقا أمام اعادة بناء الدولة وتحقيق الامن والاستقرار فيها.
الى ذلك،انطلقت صباح السبت، بقاعة ساحة الشهداء المؤقتة بمدينة سرت الليبية، فعاليات الجلسة الأولى من مؤتمر "سرت 2" الذي ينعقد تحت شعار "استحضار الذاكرة التاريخية لدعم الثوابت الوطنية" بحضور وفود من قبائل ليبيا وعدد من السياسيين والأكاديميين والناشطين والإعلاميين.
ويطلق على المؤتمر "سرت 2"، في إشارة إلى ميثاق "سرت 1922" الذي وحد الليبيين في مواجهة الاستعمار الأجنبي.وافتتح المؤتمر بكلمة لوزير الخارجية في الحكومة المؤقتة عبدالهادي الحويج، ثمّن فيها الاجتماع ودوره في حل الأزمة الليبية، وأهمية أن تتكاتف جميع القوى الوطنية للحل السياسي، بعيدا عن التدخلات الخارجية.
ويسعى مؤتمر سرت الثاني للتأكيد على أهمية أن يكون حل الأزمة ليبيا ودون تدخلات خارجية.وأكدت اللجنة التحضيرية للمؤتمر، في بيان، أن أهداف المؤتمر تتمثل في بعث رسالة سياسية وطنية، مفادها أن الليبيين قادرون على صناعة السلام وإيجاد الحلول بأنفسهم دون إملاءاتٍ خارجية أو خضوع للأجندات أجنبية.
ولفت البيان إلى أن المؤتمر يحمل رسالة للسلام والتعايش المشترك وتجاوز الألم والتأسيس للمستقبل، وصياغة وثيقة مرجعية وطنية تسهم في حل الأزمة الليبية، بالإضافة إلى المرجعيات الدولية المتمثلة في مخرجات برلين وإعلان القاهرة.
وبحسب بيان وزارة الخارجية بالحكومة الليبية المؤقتة، فإن مؤتمر "سرت 2" تشارك فيه الكتل والأحزاب السياسية الليبية ومنظمات المجتمع المدنى المعنية بالسلام والمصالحة، كما يشارك ممثلون عن الليبيين المهجرين فى الخارج والنازحين بفعل الحرب فى الداخل الليبى، إلى جانب مسؤولين وسياسيين سابقين ومن الشخصيات العامة عدد من المحامين والقضاة وأساتذة الجامعات والمثقفون.
وأشار بيان الخارجية، المنظمة للقاء الليبى، إلى أن المؤتمر يهدف إلى التأكيد على الثوابت الوطنية ووحدة وسلامة واستقلال وسيادة ليبيا على أرضها وجوها وبحرها، كما شدد البيان على رفض لغة السلاح بين أبناء الوطن الواحد وأن الحوار هو الأداة واللغة الوحيدة لحل الأزمات، وأن ليبيا وثرواتها لكل الليبيين دون تمييز بما يضمن عدالة توزيع الثروات.
ولفت البيان إلى أن المؤتمر يحمل رسالة للسلام والعيش المشترك وتجاوز الألم والتأسيس للمستقبل، وصياغة وثيقة مرجعية وطنية تسهم فى حل الأزمة الليبية، على خلفية المرجعيات الدولية "مخرجات برلين وإعلان القاهرة".
وعقدت اللجنة التحضيرية لمؤتمر سرت الثاني، الأربعاء، اجتماعا لبحث الترتيبات اللوجستية، وأصدرت بيانًا دعا إلى عقد الاجتماع لتقديم خارطة طريق سياسية، كمحاولة جادة "لتكوين مرجعية وطنية تعد ميثاقا لليبيا".وشددت على أن الأباء والأجداد المؤسسين لميثاق سرت الأول كانوا على مستوى من الحرص والحس بالمسؤولية وتناسوا وتساموا على الجراح والخلافات، وأعلنوا ميثاقا تاريخيا كان مثالا للأجيال السابقة والحالية والقادمة.
ويأتي مؤتمر سرت الثاني في ظل مؤشرات ايجابية حول توافق الفرقاء الليبيين والتي كان آخرها هبوط أول طائرة مدنية منذ حوالي عام قادمة من طرابلس في مطار بنغازي، الجمعة، في خطوة تشي بفتح خطوط الانتقال البري والجوي، بما يتّسق مع التفاهمات التي جرى التوصل إليها بين ممثلين عن شرق ليبيا وغربها، برعاية الأمم المتحدة.
وفي 12 أكتوبر الجاري،قام وفد من كبار شيوخ وأعيان المنطقة الشرقية بزيارة إلى مصراتة في غرب ليبيا، وناقش قضية المحتجزين والمعتقلين، لحل أزمتهم وديا.كما استضافت القاهرة في أوائل سبتمبر عددا من القيادات السياسية والاجتماعية التي تمثل شرق ليبيا وغربها، لتقريب المسافات، وفتح الطريق أمام مصالحة حقيقية.
ويطرح مؤتمر سرت الثاني تساؤلات حول توقيته مع تصاعد وتيرة التحركات الدولية في الملف الليبي عبر مشاورات واجتماعات في عواصم مختلفة.واعتبر الدكتور سالم محمد آدم، مستشار وزير الخارجية في الحكومة الليبية، إن دور وزارة الخارجية في رعاية المؤتمر جاء في الوقت المناسب، لكثرة المبادرات الدولية من مخرجات برلين وبيان القاهرة وبوزنيقة.
ونقلت "العين الاخبارية"،عن المستشار قوله أن هذا المؤتمر سيكون امتدادا لتأييد كل الجهود الهادفة لإنهاء النزاع في ليبيا، وكاستدراك للتاريخ لما حدث في عام 1922 مؤتمر سرت الأول الذي توحد فيه المجاهدون ضد الاستعمار.وأوضح أن هذا المؤتمر يجمع مختلف شرائح المجتمع الليبي في جلسة تصالحية، من أجل نبذ الإرهاب ونبذ السلاح والدعوة إلى بناء دولة ديمقراطية يسودها الإخاء، دولة خالية من السلاح، الجماعات الإرهابية، فيها الحكم لليبيين وحدهم، وهم لهم الحق في امتلاك ثرواتهم وأن يعيشوا بكرامة وسلام.
وأردف أن المؤتمر يتضمن برنامج مصالحة أو مبادلة الأسرى أو فتح الطريق بين الشرق والغرب، مشيرا إلى زيارة مجموعة من مشايخ المنطقة الشرقية إلى مصراتة لرأب الصدع، ونبذ كل خلافاتهم وبناء دولة المؤسسات.
وتقوم قوات الجيش الوطني الليبي، إضافة إلى الشرطة المدنية،بتأمين مدينة سرت منذ تحريرها مطلع العام الجاري من المليشيات المسلحة. ورفض الجيش الليبي فكرة إنشاء منطقة عازلة، تدفع نحوها الولايات المتحدة، بذريعة تأمين منطقة سرت الحيوية، ومنع اندلاع معارك جديدة كانت تحضر لها حكومة الوفاق بدعم تركي بغية السيطرة على الحقول النفطية ضمن مخطط أردوغان التخريبي في ليبيا.
ومع تسارع اللقاءات الليبية وجلسات المفاوضات في الخارج والداخل تتصاعد الآمال بانفراجة قادمة في المشهد الليبي.وفي هذا السياق،أكد عيسى العريبي، رئيس لجنة الطاقة بمجلس النواب الليبي، ترحيبه بالاجتماعات التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة في عدد من العواصم بهدف التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة الليبية الحالية.
وقال في بيان اليوم السبت، إن تلك الاجتماعات تعمل على استقرار ليبيا وخلق سلطة جديدة تقود البلاد إلى بر الأمان وتبعد شبح الحرب، موضحاً أنه ستكون هناك فترة استقرار تستمر لمدة ثمانية عشر شهراً، تنتهى بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية.كما أكد العريبي أن اختيار سرت لاجتماعات البرلمان والرئاسي والحكومة الجديدة لقي ترحيباً كبيراً من جميع الأطراف الليبية.
وكانت اجتماعات بين ممثلي مجلسي النواب والدولة في ليبيا وأعضاء هيئة الدستور لبحث المسار الدستوري تحت رعاية الأمم المتحدة، اختتمت الثلاثاء الماضي، في العاصمة المصرية.وأصدر المجتمعون بيانا ختاميا أكدوا فيه ضرورة الانتقال للمرحلة الدائمة، بعد مناقشات إمكانية الاستفتاء على الدستور الحالي من عدمه.
كما تم التوافق على ضرورة صياغة اتفاق قانوني يضمن ترتيبات دستورية توافقية تسمح بتفعيل الاتفاق السياسي الشامل.وأكد البيان أن الاجتماعات شهدت مرونة فائقة، واتفق الحاضرون على عقد جولة ثانية في مصر لاستكمال المناقشات حول الترتيبات الدستورية، ولكي يجري مجلس النواب نقاشات مجتمعية للوصول لتوافقات دستورية تسمح بالوصول للمسار الدستوري.
ويشير مراقبون الى أن تعدد الاجتماعات والمشاورات بين الفرقاء الليبيين سواء كان محليا أو دوليا يمثل مؤشرا ايجابيا ودليلا على قرب اختراق جدار الأزمة المستعصية،حيث تمكن هذه اللقاءات ممن تخفيض وتيرة التصعيد العسكري وتمكن من تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة.لكن هذا التفاؤل يبقى حذرا خاصة مع استمرار التحركات التركية الرامية لاجهاض جهود السلام في ليبيا خدمة لأجندات أردوغان وأطماعه.