مذبحة أسرية جديدة شهدتها محافظة البحيرة المصرية راح ضحيتها 5 أفراد من أسرة واحدة، هم أب وزوجته و3 بنات صغيرات تتراوح أعمارهن بين 8 سنوات وسنة ونصف، وأفادت التحريات الأولية حول المذبحة التي وقعت أحداثها داخل أحد المنازل الريفية في عزبة "علي خضر"، التابعة لمركز الرحمانية، بأن الأب، والذي يعمل "مبيض محارة"، أقدم على قتل زوجته، ثم أجهز على بناته الثلاث، قبل أن يقوم بشنق نفسه مستخدماً حبلاً علقه في سقف المنزل.
ووفقا لصحيفة الوطن لم يستغرق اكتشاف الجريمة سوى عدة دقائق، حيث أثارت الأصوات الغريبة الصادرة من منزل الأسرة المنكوبة بعض الشكوك لدى عدد من سكان العزبة الهادئة، التي تقع على أطراف مركز الرحمانية، على الحدود بين محافظتي البحيرة وكفر الشيخ، ولا يفصلها عن مدينة دسوق سوى نهر النيل، وعندما توجه الأهالي إلى المنزل، لاستكشاف الأمر، فوجئوا بجثة رب الأسرة معلقة في سقف شقته، بينما تناثرت جثث زوجته وأطفاله على أرضية الشقة.
وبحسب البيانات الواردة في محضر الواقعة، أقدم "مبيض محارة"، يُدعى مسعد عبده مصطفى الشرنوبي، 40 سنة، على شنق نفسه داخل منزله المكون من طابقين، عقب التخلص من زوجته عواطف عبدالكريم رزق، 30 سنة، وأطفالهما "نورا" 8 سنوات، و"ندى" 5 سنوات، و"أمل" سنة ونصف.. وعلى الرغم من حالة الصدمة التي خيمت على أهالي القرية بعد سماعهم بأنباء هذه المذبحة، فقد أشار بعض الأهالي إلى أن "الأب" كان يمر بحالة نفسية سيئة، وتلاحظ خلال الفترة الماضية نشوب خلافات بينه وبين زوجته، رغم سيرتهما الطيبة ومعاملتهما الحسنة لجيرانهما وسكان القرية.
بداية الواقعة، كما يرويها الأهالي، كانت مع دقات الساعة السابعة من مساء أول أمس الثلاثاء، حيث سمع عدد من أهالي عزبة "على خضر"، التابعة لقرية "الإنشاء"، بمركز الرحمانية، بعض الأصوات الغريبة صادرة من منزل مسعود الشرنوبي، اعتقدوا في البداية أن الأمر ليس إلا مجرد مشادة كلامية أو مشاجرة بين صاحب المنزل وزوجته، مثل غيرها من المشاجرات التي تزايدت بينهما مؤخرًا، وعزم بعض الأهالي على التدخل لإنهاء الخلاف وتهدئة الأوضاع، فتوجهوا إلى المنزل المكون من طابقين، وسط الزراعات.
وعند وصول الأهالي إلى المنزل، قام بعضهم بالطرق على الباب، ففوجئوا بـ"أم مسعود"، التي تقيم في الطابق الأول من المنزل، تخبرهم بأنها تحاول الدخول إلى شقة ابنها في الطابق الثاني، ولكن لم يفتح أحد الباب لها، فسارع الأهالي بالصعود والطرق على باب الشقة دون مجيب، فقاموا بكسر الباب ودخلوا إلى الشقة، حيث فوجئوا بجثة "مسعود" معلقة في حبل مربوط بسقف المنزل، بينما جثث زوجته وبناتهما الصغار تتناثر في أنحاء الشقة، فقاموا بإبلاغ الشرطة، التي وصلت إلى محل الواقعة في غضون دقائق قليلة.
وفور وصول قوات الشرطة، فرضت الأجهزة الأمنية طوقًا أمنيًا حول المنزل المنكوب، كما قام ضباط المباحث بإجراء معاينة أولية ومناظرة لجثث الضحايا، ورجحت التحريات والتحقيقات الأولية أن يكون الأب قد تخلص من زوجته وأطفاله إما بخنقهم أو تسميمهم، قبل أن يصنع لنفسه مشنقة، وتخلص من حياته، كما بينت أقوال بعض الجيران وأقارب الأسرة أن "الأب" مرتكب الواقعة، كان يعاني حالة نفسية سيئة منذ فترة، إلا أن جميع الأهالي أكدوا على السيرة الطيبة التي كان يتمتع بها "مسعود" وزوجته.
صلاح عبداللطيف علي، معلم بالمدرسة التجارية، قال: "لم نر من أسرة مسعود سوى كل خير وحسن جيرة"، مشيرًا إلى أنه لاحظ خلال الفترة الأخيرة زيادة معاناة الأسرة بسبب "ضيق الرزق"، حيث كان الأب يجلس بدون عمل لعدة أسابيع، بسبب سوء حالته الصحية، وعدم وجود مصدر رزق له، ما أدى إلى إصابته بحالة نفسية سيئة، وأضاف أن كثيراً من الأهالي كانوا ينصحون "مسعود" بأن يركز في عمله، وعدم الالتفات للهواجس والوساوس التي كانت تسيطر على رأسه، وكان بالفعل يستجيب لهذه النصائح لبعض الوقت، ثم يعود للجلوس بالمنزل.
أما انتصار رشاد، إحدى جيران أسرة الضحايا، فقد أشارت إلى أن "مسعود" حاول في السابق التخلص من أسرته، بسبب ظروفه المادية، وأوضحت أنه قام بوضع السم لهم في الطعام، ولكن الأطباء تمكنوا من إنقاذهم من الموت في اللحظات الأخيرة، وأضافت أن الخلافات تزايدت بينه وزوجته مؤخرًا، ولكنها كانت عادة ما تنتهي بالصلح، وفى بعض الأحيان كان يتدخل بعض حكماء القرية وأقاربهم للصلح بينهما، وتابعت بقولها: "كنا نزورهم من وقت لآخر، لتخفيف ما كانوا يتعرضون له من فقر وضيق الرزق".
وقال "جمال رزق"، زوج أخت "مسعود"، إن صهره أصيب بحالة مرضية خلال الفترة الأخيرة، كادت تتسبب في بتر قدمه، نتيجة إصابته بـ"خُرّاج"، تسبب في حدوث ورم بالقدم، مشيرًا إلى أنه رافقه خلال رحلة علاجه بأحد المستشفيات في كفر الشيخ، حيث أخبرهم الطبيب بأن قدمه كانت على وشك البتر بسبب ما أصابها، وبسبب هذه الإصابة اضطر للجلوس في منزله لفترة طويلة بدون عمل، وتدهورت حالته المادية كثيراً، وأصبح يعيش في عزلة، ولا يفعل شيئًا سوى الطعام والشراب داخل شقته، وتقوم والدته على مساعدته وأسرته، نظرًا لأنها تقيم معهم في نفس المنزل.