جريمة ليست ككل الجرائم، فهي بكل تفاصيلها، تصلح بأن تكون مادة لفيلم يتحدث عن الإجرام الاجتماعي، لما تحمله من تناقض، من الصداقة إلى القتل البشع، وكيفية التخلص من الجثة، ودفنها والعودة بها إلى مسقط الرأس، بوزن لا يزيد على سبعة كيلوغرامات!.
جريمة بشعة هزت المجتمعين الأردني والفلسطيني، من ارتكبها، ليس إنساناً، ولا علاقة له بالإنسانية، الصديق يقتل صديقه من أجل الاستيلاء على مبلغ من المال.. القاتل طبيب يعمل في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ويفترض أنه إنسان، ويمارس مهنة إنسانية، والمقتول صديقه ورفيق دربه، ويعمل مسعفاً في الجمعية ذاتها.
أما مسرح الجريمة، ففي العاصمة الأردنية عمّان، إذ استدرج الطبيب القاتل، زميله المغدور، لمشاركته في صفقة تجارية، تتمثل بتسفير 50 حاجاً، إلى الديار الحجازية، لينتهي إلى طعنه بآلة حادة في رقبته، ثلاث مرات حتى الموت، ومن ثم إذابته في مادة كيماوية، وحرق ما تبقى من الجثة، بعد أن وضعها في حقيبة كبيرة، ليقوم بدفنها لاحقاً، بمشاركة ابنة عمّه المقيمة في المملكة الأردنية، لتتكشف خيوط الجريمة في زمن قصير، ويعترف القاتل وشريكته بالجريمة، ويتم استخراج الجثة.
وفي التفاصيل، التي لن يصدقها عقل بشر، فإن الطبيب (خ. ع)، والمسعف المغدور حمزة حميدات، يعملان معاً في الهلال الأحمر الفلسطيني، في بلدة نعيم قرب مدينة الخليل في الضفة الغربية المحتلة، ويتشاركان العمل أيضاً في إصدار تأشيرات الحج، لزيادة الدخل العام.
في موسم الحج لهذا العام، ازدادت التأشيرات التي حصلا عليها من الخارج، لبيعها في فلسطين، وهذا يعني زيادة الأرباح المتوقعة، وبما أن الطبيب له عيادة خاصة في منطقة الدوّار السابع في الأردن، ويزاول أعماله فيها ثلاثة أيام في الأسبوع، طلب من زميله المسعف، أن يحتالا على الحجاج، من خلال الادّعاء بأن الأموال سرقت منهما، وبالتالي تحقيق أرباح طائلة، غير أن المسعف رفض هذا العرض.
وفي الواقعة التي حدثت بداية الشهر الماضي بعد سفرهما إلى عمان، اضطر المسعف حميدات، إلى العودة لفلسطين، إثر نجاح ابنته في الثانوية العامة، وحصولها على معدل مرتفع في الفرع العلمي، وكان قد تلقى تهنئة حارة من صديقه الطبيب، عبر صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، وذُيّلت بعبارة «رب أخ لك لم تلده أمك»!.
لدى محاولة المسعف العودة ثانية إلى عمان، لاستقبال ابنتيه اللتين تدرسان الطب في الجزائر، لحق به الطبيب إلى الجسر، واصطحبه معه بسيارته الخاصة، إلى شقته في منطقة الدوار السابع، وكان ذلك بترتيب مسبق مع ابنة عمّه، ليقوم بتخديره من خلال محارم مبللة، ومن ثم جز رأسه، وفصله عن جثته، باستخدام آلة حادة، ولم يكتف بذلك، بل قام بتقطيعه إلى ثلاث قطع، وتذويبه باستخدام مادة كيماوية فعّالة للغاية، وبعد أن تآكل جسم الضحية، وتقلص بشكل كبير، نقله إلى منطقة مهجورة في مأدبا، وهناك قام بحرقه، ودفنه بعد أن تفحم ما تبقى من جثته.
بعد أن انقطعت أخبار المسعف، وكل وسائل الاتصال به، بدأ نشطاء على موقع «فيسبوك» بجمع وتوثيق منشورات وتعليقات مشتركة للقاتل والمقتول، وكان تعليق «رب أخ لك لم تلده أمك» هو الشيفرة، التي تمكنت الشرطة الأردنية بموجبها، من كشف ملابسات الجريمة، التي فاقت التصور والمشاعر والقيم، حيث ألقي القبض على ابنة عم الطبيب أولاً، للاشتباه بها، والتي اعترفت بالمشاركة في تنفيذ الجريمة، بالاشتراك مع الطبيب، الذي كان غادر الأردن بسرعة، غير أنه ألقي القبض عليه أخيراً، بعد جمع المعلومات حوله، إذ تبيّن دخوله أرض المملكة مرة ثانية بالفترة ذاتها، ليعترف هو أيضاً بجريمته.
التحقيقات أشارت إلى أن المسعف المغدور، كان بحوزته مبلغ كبير من المال، وأن الطبيب قتله بدافع الحصول عليه، وإن كان ذلك بوسيلة، لا تمارسها إلا عقلية إجرامية، وخالية من أي رحمة أو إنسانية!.