صبح الطرف الجنوبي الغربي من ليبيا المتاخم لحدود الجزائر والنيجر بابا مفتوحا للمهاجرين المتسللين من دول جنوبي الصحراء الافريقية متجهين إلى أوروبا وسط مؤشرات على أن الحكومة فقدت السيطرة بسبب فوضى الوضع السياسي في البلاد.

وقد أدت الانتفاضة التي أطاحت بحكم معمر القذافي قبل ثلاثة أعوام إلى تفريغ ترسانات ليبيا من السلاح وأغرقت المنطقة بالأسلحة وأدت إلى تفكك جانب كبير من أجهزة الدولة ما سمح لشبكات التهريب المنظمة بالعمل عبر الحدود.

ويقول حرس السواحل الايطالي إن 50 ألف شخص على الأقل عبروا من شمال أفريقيا إلى إيطاليا بحرا هذا العام مقارنة مع 40 ألفا في العام الماضي كله. ووصل أغلبهم من بلادهم جنوبي الصحراء برا عن طريق ليبيا.

وعلى الدوام كان إغلاق الحدود الجنوبية الليبية التي تمتد مسافة أكثر من 2000 كيلومتر يمثل تحديا إلا أنه لا توجد محاولات تذكر لتحقيق هذا الهدف منذ سقوط القذافي.

فقد قلصت طرابلس التي تقع على مسافة 1300 كيلومتر إلى الشمال التمويل المخصص لحرس الحدود في إطار أزمة الميزانية التي تسببت فيها احتجاجات أدت لتوقف صادرات نفطية. في هذا الصدد قال محمد عبد القادر رئيس مجلس مدينة غات “الحدود مفتوحة ليل نهار. وأي شخص يريد العبور يمكنه ذلك. لا توجد سيطرة”.

وأضاف “أغلبهم (المهربون) مسلحون بعضهم تجار مخدرات وبعضهم يتاجرون في السلاح والبضائع والمهاجرين غير الشرعيين”.

من جهة أخرى يشير مسؤولون حدوديون إلى أن ما يصل إلى 200 أفريقي يعبرون شريط غات الحدودي كل يوم وأغلبهم متجه شمالا إلى ساحل البحر المتوسط لركوب زورق في رحلة بحرية إلى أوروبا.

وأصبح المهاجرون الأفارقة يتجولون في المدينة دون أن يعترض سبيلهم أحد. وهم يعيشون في بيوت مهجورة ويقفون في الصباح في الشارع الرئيسي بحثا عن عمل. وقال رجل من شمال النيجر لم يذكر من اسمه سوى موسى “جئت هنا بحثا عن عمل لأنه لا يوجد شيء في النيجر”. وترك موسى خلفه زوجة وثلاثة أطفال.

ولا يحاول المهربون الاختباء، فقد قال مهرب بعد صعود ستة مهاجرين من النيجر إلى سيارته التويوتا البيك أب “عن أي شرطة أو جيش تتحدث؟”

والمهربون لا يرشدون المهاجرين إلى شمال ليبيا فحسب بل ينقلون سلعا مثل البنزين والقمح جنوبا إلى دول أفريقية أو غربا إلى الجزائر لتربح بالاستفادة من الدعم الحكومي السخي الذي يجعل أسعار السلع زهيدة في ليبيا.

كما تنقل الأسلحة جنوبا ويبدي دبلوماسيون غربيون قلقهم من أن جنوب ليبيا بدأ يتحول إلى ملاذ أو نقطة انتظار لمقاتلين متجهين في جميع الاتجاهات إلى مصر وسوريا والسودان ومالي.

وقد أغلقت الجزائر الحدود البرية مع ليبيا وأحكمت سيطرتها عليها لكن مسؤولا جزائريا قال إن من الصعب التنسيق مع الجانب الليبي. وعلى الحدود الشرقية فإن حركة السيارات برا بين مصر وليبيا محدودة.

ولا يستطيع الجيش والشرطة الليبيان اللذان يجري تدريب رجالهما على مجاراة المهربين المسلحين، ويبلغ عدد أفراد القوة التابعة لوزارة الداخلية للتصدي للتهريب حوالي 150 فردا يغطون مسافة حدودية طولها 600 كيلومتر.

 

*نقلا عن العرب اللندنية