تتوالى الأحداث على تخوم العاصمة الليبية طرابلس، حيث يقوم الجيش الليبي بمجموعة من العمليات العسكرية لتحرير المدينة من المليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية المسيطرة عليها منذ سنوات مستغلة الفوضي العارمة والانفلات الامني.وتسارعت وتيرة القتال مع تكثيف الجيش الليبي لغاراته الجوية وسط حديث عن تقدمه في عدة محاور.

إلى ذلك كثف الجيش الوطني الليبي من غاراته الجوية حيث بات يسيطر على الأجواء في العاصمة طرابلس،وأعلن الناطق باسم الجيش أحمد المسماري قيام مقاتلات سلاح الجو بشن أربع غارات استهدفت عدداً من المواقع العسكرية بمدينة سرت.وبين المسماري عبر صفحته بموقع "فيسبوك" أن المواقع التي جرى استهدافها تتمثل في مخازنٍ كانت تستعملها القوات التابعة لحكومة الوفاق لتخزين الأسلحة والذخائر.

وشدد المسماري على أن قدرات السلاح الجوي بالقوات المُسلحة في الاستطلاع والاستهداف أصبحت أفضل مما سبق، موضحا أنها باتت تسيطر على كافة مناطق العمليات.وأشار الناطق باسم الجيش الوطني الليبي إلى أن كل العمليات والطلعات الجوية تتم بدعمٍ وإشراف مُباشرٍ من القائد العام للجيش خليفة حفتر.

تقدم ميداني

وبالتزامن مع هذه الغارات الجوية يواصل الجيش الليبي تقدم الميداني حيث أعلن، اليوم الأحد، سيطرته على محور العزيزية، أكبر محاور العاصمة طرابلس التي بدأ القتال فيها منذ فجر اليوم، وحقق تقدمًا استراتيجيًا في مناطق مختلفة فيه.وذكر اللواء 106 مجحفل عبر صفحته الرسمية في "فيسبوك"، أن الجيش سيطر سيطرة تامة على ضاحية العزيزية، والتي تعتبر بوابة العاصمة من الجنوب الغربي، والتي عبرها يتم الوصول للحدود الغربية للبلاد.

وذكر البيان أن وحدات عسكرية تابعة للجيش الليبي استطاعت، خلال ساعات ظهر اليوم الأحد، السيطرة التامة على منطقة العزيزية الكبرى إلى الجنوب الغربي من العاصمة طرابلس.يذكر أن قوات اللواء 106 بمشاركة وحدات من الجيش، خاضت معارك عنيفة، صباح اليوم، داخل منطقة الهماملة، قبل التوغل داخل العزيزية.

من جهة أخرى،كشف مصدر عسكري ليبي، اليوم الأحد، أن الجيش الوطني الليبي حقق تقدماً استراتيجياً في محاور القتال جنوبي العاصمة طرابلس، مؤكداً أن الجيش لن يتوقف عند هذا الحد.ونقل موقع "إرم نيوز" الاخباري،عن المصدر قوله إن الوحدات العسكرية باتت على بعد كيلو متر ونصف من الطريق الساحلي الذي يربط مدينة مصراته بالعاصمة الليبية، وتحديداً من جهة كوبري الزهراء.وأشار إلى أن طلائع القوات المسلحة وصلت السبت إلى معسكر الدفاع الجوي وعمارات شارع الخلاطات، وسيطرت على كامل الطويشة والجزء الأكبر من حي الرملة، وهي في تقدم مستمر.

ويعد الطريق الساحلي الذي يربط العاصمة الليبية بمدن شرق وغرب ليبيا، شريان الإمداد الرئيسي للقوات الموالية لحكومة الوفاق، والسيطرة عليه من جهة شرق طرابلس ستحرم هذه القوات من التواصل مع مصراته التي تقاتل عدة مليشيات تابعة لها في صفوف قوات حكومة الوفاق،في محاولة لعرقلة تقدم الجيش الوطني لتحرير العاصمة.

وأحرزت قوات الجيش الليبي في وقت سابق،السبت، تقدمًا مهمًا في محاور القتال جنوب العاصمة الليبية طرابلس، بعد اشتباكات امتدت لساعات مع قوات تابعة لحكومة الوفاق.ونجحت قوات الجيش في السيطرة على سجن الطويشة ومعسكر الدفاع الجوي، ما دفع الميليشيات للتراجع خارج محاور القتال في تلك المناطق وفق تقارير اعلامية.

الجيش يستهدف المنظومات تركية

وأعلن الجيش الوطني الليبي، السبت 5 أكتوبر 2019، استهداف وتدمير منظومة تسيير وتوجيه الطيران التركي المسير في مدينة مصراتة غربي ليبيا.وقال المركز الإعلامي لعمليات الجيش الليبي في بيان: إن القوات الجوية تواصل استهداف الميليشيات وتجمعاتهم في أنحاء ليبيا كافة، مؤكدًا أن سلاح الجو استهدف منظومة تسيير وتوجيه الطيران التركي المسير بمصراتة.

ووفق مصدر بعمليات سلاح الجو الليبي، فإن الغارة التي نفذتها طائرة من طراز ميغ 21، استهدفت هدفًا معاديًا بقاعدة مصراته، صباح السبت، وأدت إلى تدميره بشكل تام.ونقل موقع "ارم نيوز" الاخباري عن المصدر تأكيده بأن الهدف "تمثل في سيارة تستعمل منصة تحكم للطائرات المسيرة التركية الموجودة بالقاعدة، وعليها هوائي خاص بالطائرات التركية".

وأشار المصدر إلى أن السيارة "موضوعة بعيدًا عن مباني القاعدة في مكان مفتوح، مما جعل الطيران التابع للجيش يستهدفها دون وقوع أي خسائر في مرافق القاعدة الأخرى".

ويوجه الجيش الليبي منذ أيام ضربات قاسية تمركزات الطائرات المسيرة التركية وغرف العمليات الخاصة بها في محاولة لتحييدها ما يسهل العمليات العسكرية على الأرض في المرحلة القادمة.وقال المتحدث باسم القوات الجيش الوطنى الليبى اللواء أحمد المسماري، في بيان الأربعاء 23 أكتوبر 2019: إن أجهزة الاستخبارات التابعة للجيش رصدت أماكن متفرقة في مطاري معيتيقة ومصراتة تستخدم في تجهيز وتخزين الطائرات المسيرة التركية.

وأشار المسماري أن قيادة القوات المسلحة أعطت الأوامر لعمليات سلاح الجو التابع لها بالتعامل مع الأهداف المذكورة ، وكشف البيان أن الطائرات التابعة للجيش أقلعت من عده قواعد ليبية لضرب هذه الأهداف وفي نفس الوقت.واكد على تحقيق هذه الحملة الجوية أهدافها بكل دقة، مبينًا بأن المقاتلات الحربية دمرت المرافق المستخدمة في تخزين وتجهيز الطائرات المسيرة بنسبة 100% وعادت الطائرات لقواعدها سالمة بعد تنفيذها لواجباتها بنجاح.

وتدعم أنقرة قوات حكومة الوفاق الوطني رغم حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا منذ العام 2011.وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في وقت سابق أن بلاده توفّر أسلحة لحكومة الوفاق الوطني بموجب "اتفاق تعاون عسكري" بين أنقرة وطرابلس.وهو ما اعتبره مراقبون اعترافا صريحا من أردوغان بدوره التخريبي في ليبيا الذي سبق أن أكدته سفن السلاح التي ضبطت خلال السنوات الماضية قادمة من تركيا نحو المتطرفين في ليبيا والتي كان نظام أردوغان يدعي عدم علمه بها.

ويتهم الجيش الليبي، دولة تركيا، بقيادة المعارك في المنطقة الغربية لصالح الميليشيات المسلّحة المدعومة من حكومة الوفاق، عن طريق دعمها بالأسلحة والمعدات العسكرية وكذلك الطائرات المسيّرة، وأكد الجيش الليبي أن تركيا وفّرت غطاءً جوياً لميليشيا الوفاق خلال اقتحام مدينة غريان، وكان نقطة تحوّل أمالت الكفّة لصالح هذه المليشيات.

ومثلت الأراضي الليبية مسرحا لتجريب تركيا لطائراتها المسيرة على غرار طائرات مقاتلة جديدة من نوع "بيرقدار تي بي 2"،التي كشف موقع أفريكا أنتلجنس -الوكالة المتخصصة في الأخبار السرية – مطلع يوليو الماضي،عن أن تركيا تستعد لمنح حكومة السراج ثماني منها،رغم استمرار الحظر على توريد السلاح إلى ليبيا الذي فرضه مجلس الأمن منذ 2011.

اصرار على التحرير

وتأتي هذه الطورات في وقت دخلت فيه المعارك على تخوم العاصمة الليبية طرابلس شهرها السادس دون حسم.ومع تكثيف الجيش الوطني الليبي من عملياته العسكرية التي تهدف لانهاء نفوذ المليشيات المسلحة واستعادة مؤسسات الدولة،يؤكد المسؤولون الليبيون على ضرورة استكمال عملي تحرير العاصمة كونها تمثل الطريق الوحيد لاعادة بناء الدولة وتحقيق الاستقرار.

وفي هذا السياق،قال وزير الخارجية والتعاون الدولي في الحكومة الليبية الدكتور عبد الهادي الحويج ،إن ليبيا ستكون دولة مدنية ديمقراطية تعددية، مضيفًا "معركتنا الحقيقية في ليبيا مع الإرهاب والإرهابيين والخارجين عن القانون، وليست مع الشعب الليبي، وأننا مع المصالحة الشاملة التي لا تقوم على المغالبة والإقصاء.

و أضاف الحويج في كلمة ألقاها خلال مشاركته في أعمال المؤتمر الدولي حول الوساطة وحل النزاعات بمدينة برشلونة الإسبانية،"أن عملية تحرير طرابلس؛ هي آخر معركة لعودة ليبيا إلى محيطها المتوسطي."وتحدث الحويج خلال لقاء جمعه،مع رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبد الله الثني ،عن زيارته التي أجراها للبرلمان الأوروبي، لإيضاح الصورة الحقيقية لما يجري في ليبيا.

وتشير هذه التطورات الى أن العد التنازلي بدأ، وبدأت معه قوات الجيش الوطني الليبي في إطباق قبضتها على مختلف أنحاء البلاد، لتقترب من قلب العاصمة طرابلس، وتبقى (مؤقتا) نسبة قليلة جدا من أراضي البلاد في يد الميليشيات المسلحة التي تحالفت بالرغم من صراعاتها السابقة وذلك بهدف حماية وجودها الذي يستهدف نهب ثروات الشعب الليبي وخدمة أجندات خارجية.

وترتبط هذه المليشيات بعلاقات مشبوهة خاصة مع قطر وتركيا اللتين تمثلان الداعم الرئيسي للفوضى في ليبيا والمنطقة عموما.وعلى الرغم من الدعم التركي اللامحدود بالعتاد والسلاح ونقلها للعناصر الارهابية من سوريا الى ليبيا،فقد فشل حلفاؤها في طرابلس في تحقيق أي تقدم في مواجهة الجيش الليبي العازم على تطهير كل شبر من البلاد من الإرهاب والتنظيمات المسلحة الموالية لجماعات الإسلام السياسي.

كما كشفت معركة طرابلس عن انتشار العديد من العناصر الارهابية الفارة من مناطق في شرق وجنوب البلاد وانضمامها للقتال في صفوف المليشيات ضد الجيش الليبي على غرار فلول مجالس شورى بنغازي وإجدابيا ودرنة الفارة من المنطقة الشرقية وبقايا تنظيم أنصار الشريعة وتنظيم القاعدة الفارة من صبراتة وسرت ومناطق الجنوب

وتشهد العاصمة الليبية طرابلس قتالا عنيفا بين منذ الرابع من أبريل/نيسان الماضي، بين قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر والقوات الموالية لحكومة الوفاق، وذلك بعد أن أطلق الأول عملية عسكرية بهدف تحرير المدينة من سيطرة المليشيات المسلحة والعناصر الارهابية.وبالرغم من الدعوات المتكررة لوقف القتال فان العديد من المراقبين يؤكدون أن انهاء المليشيات في طرابلس بات ضروريا لانجاح المسار السياسي في ليبيا والتوجه نحو تحقيق الأمن والاستقرار فيها.