تعاني ليبيا منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي أواخر 2011 من انقسام حاد في مؤسسات الدولة، بين الشرق الذي يديره مجلس النواب والجيش بقيادة خليفة حفتر، بينما يدير المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج غربي البلاد، وهي الحكومة المعترف بها دوليا، إلا أنها لم تحظ بثقة البرلمان.

هذا الوضع ساهمت بعض الدول العربية في زيادة تعفنه عبر إسقاط النظام سنة 2011 كما ساندت جماعات إرهابية للتمكن من السلطة في البلاد و قد ظهر ذلك جليا في حرب طرابلس الأخيرة.

واعتبر وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أن قوات الجيش التي يتزعمها حفتر خارجة عن الشرعية مطالبا المجتمع الدولي بالحزم تجاه ما يجري. وقال إن هناك من يريد تجاوز الإرادة الدولية وفرض واقع جديد في ليبيا، وإن التحركات الجارية غير شرعية ويجب إيقافها بأسرع ما يمكن.

وقطعت قطر خطوة جديدة في إظهار انحيازها لزعماء المليشيات في العاصمة الليبية المصنفين على قوائم الإرهاب إقليميا ودوليا، ما يجعلها في مواجهة مكشوفة مع مسار الحرب على الإرهاب، فضلا عن إعاقة التحرّك الدولي الهادف إلى فرض حلّ سياسي دائم في ليبيا يقطع مع الفوضى وهيمنة الميليشيات.

وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية نُشرت، قال وزير الخارجية القطري الذي التقى نظيره الإيطالي إن الحرب لن تتوقف لا بالدعوات التي أطلقت منذ اليوم الأول والتي يتجاهلها المشير خليفة حفتر، ولا بطلب طرابلس رفع حظر الأسلحة المفروض على حكومتها.

وقال محمد بن عبدالرحمن خلال زيارة لروما، إنه يمكن للمجتمع الدولي أن يضع حدا للقتال عبر التشدد في حظر الأسلحة المفروض على حفتر ومنع الدول التي زوّدته بأسلحة حديثة وذخائر من مواصلة القيام بذلك.

من جانب آخر، أعلن المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري الأسبوع الماضي، إن الجيش الليبي لديه آلاف الوثائق التي تثبت أن طرابلس باتت مركزا لميليشيات تابعة لتنظيمي القاعدة والإخوان الإرهابيين، مشيرًا إلى أن قطر حركت أذرعها الإعلامية وميليشياتها لمواجهة عملية الجيش الليبي في طرابلس.

وأكد المتحدث باسم الجيش الليبي، في تصريحات خاصة لـ"سكاي نيوز" عربية، أن عمليات الجيش الوطني في طرابلس تراعي المعايير الإنسانية والقوانين الدولية.

وكان المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي أحمد المسماري قد أكد في وقت سابق سيطرة القوات على معسكر اليرموك بالكامل جنوبي مدينة طرابلس مشددا على أن الهدف من عملية تحرير طرابلس وطني بحت.

وتناول المسماري مسألة التضليل الإعلامي التي تصاحب عمليات الجيش الوطني الليبي في طرابلس، موضحا بالأمثلة ما تقوم به مواقع إعلامية من تشويه لتلك العمليات.

وذكر أن مواقع إعلامية صورت بعض العمليات التي نفذتها الميليشيات على أنها خاصة بالجيش الوطني، كما عملت على اتهام الجيش بارتكاب جرائم لم يقم بها.

واتهم المسماري دولا بدعم المليشيات المسلحة في ليبيا، حيث قال إن تركيا مسؤولة عن "داعش" و"القاعدة"، موضحا أن الجيش يركز في هذه المرحلة على كشف التنظيمات التي تقاتله.

وسرد عددا من الأمثلة التي تظهر الصلات المشبوهة بين تركيا والإرهابيين، فضلا عن التمويل القطري في دعم تلك المنظمات الإرهابية وفي مقدمتها "الإخوان المسلمين" لشن عمليات ضد الجيش.

ويرى مراقبون للملف الليبي إن النفوذ القطري في مدن الغرب الليبي يتراجع تحت ضغط تطورات عدة، أهمها أن مكونات المجتمع الليبي من قبائل ومجموعات سياسية وحزبية وشخصيات توصلت إلى قناعة بأنه لا يمكن تحقيق مصالحة وطنية فعلية دون تفكيك نفوذ الميليشيات الإسلامية التي تسيطر على طرابلس وتتلقى دعما قطريا كبيرا.

فالمطلوب عبر السياسة القطرية جسب خبراء أخذ ليبيا إلى الفوضى، وليس ثمة من هو أدرى من صناعة الفوضى من الفصائل الإسلامية مدعومين بحكومة إخوان مسلمين، لا من أجل العبث بالصيغة الليبية فحسب، وانما لتحويل ليبيا إلى منصة انطلاق، اولاّ باتجاه مصر، وثانياً باتجاه الجزائر، وبكل الحالات باتجاه احداث خراب في افريقيا، حيث منابع النفط والماء.