نشرت وكالة نوفا الإيطالية تقريرا مفصلا مقتبس عن "مواطنتها" لاريبوبليكا، عن الدور الذي يلعبه عبد الغني الككلي رئيس جهاز دعم الاستقرار، في عدد من المؤسسات الحيوية في ليبيا وكيفية نجاحه ممارسة نفوذه بالقوة لتحقيق العديد من المصالح الشخصية.
واستند التقرير إلى وثائق لخبراء من الأمم المتحدة (الوثيقة S/2024/914)، ذكرت أن اسم عبد الغني الككلي، المعروف باسم "غنيوة"، زعيم جهاز دعم الاستقرار، ورد 21 مرة. وذكر أن لدى الككلي شبكة من السلوكيات غير المشروعة تتراوح بين إساءة استخدام النفوذ المؤسسي والفساد المنهجي، وصولاً إلى الترهيب المسلح ضد المؤسسات العامة.
ولم يوجه التقرير، الذي تم تقديمه إلى مجلس الأمن في نوفمبر 2024، اتهامات صريحة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية ضد الككلي، ولكنه يسلط الضوء على صورة لسلطة غير رسمية تمارس بأساليب لا تتفق مع مبادئ الحكم الديمقراطي والقانون الدولي.
ويتهم فريق الأمم المتحدة عبد الغني الككلي بممارسة نفوذ مباشر على الشركة العامة للكهرباء في ليبيا، من خلال محمد عمر حسن المشاي، رئيس الشركة منذ عام 2022 والذي تعتبره مصادر موثوقة "حليفًا تاريخيًا" له. ووفقًا لخبراء الأمم المتحدة، فإن تعيين المشاي كان نتيجة اتفاق سياسي بين الككلي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، في مواجهة فتحي باشاغا، خصم رئيس الحكومة. وشملت أنشطة الشركة تحت إدارة المشاي منح عقود بملايين الدولارات دون معايير فنية أو تخطيط مناسب.
ومن بين العمليات التي أشار إليها التقرير، عقد بقيمة تزيد عن 200 مليون دولار لتوريد عدادات الكهرباء، والذي زُعم أن الككلي مارس ضغوطًا شخصية بشأنه على هيئة الرقابة المالية، خلال اقتحام مسلح وقع في 16 مارس 2023. ووفقًا للتقرير، فإن الشركة المستفيدة من العقد - المرتبطة بشركة شمال إفريقيا للتنمية والاستثمار القابضة، التي يسيطر عليها شقيق الككلي - قد أخلت بشكل خطير بالتزاماتها التعاقدية. نفى الككلي جميع الاتهامات، مؤكدًا عبر متحدث باسمه أن الادعاءات "لا أساس لها" ومؤكدًا أن شركة جيكول تخضع لعمليات تدقيق دولية. ومع ذلك، اعتبر الفريق الأممي الرد "ناقصًا وغير موثوق".
عنصر رئيسي آخر في التقرير يتعلق بدور جهاز دعم الاستقرار وتفرعاته، مثل هيئة أمن المرافق والمنشأت، التي يقودها أسامة طليش، المقرب من عبد الغني الككلي. ويشير فريق الخبراء إلى أن هيئة أمن المنشآت، وهي وكالة عامة رسميًا، تعمل في الواقع كمليشيا خاصة للسيطرة على المؤسسات المالية وتعتبر حاليًا الجهة المهيمنة على الأمن في مقر البنك المركزي الليبي.
ويتناول الفصل الأكثر حساسية انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت تحت سيطرة جهاز الأمن الداخلي في طرابلس، الذي يقوده لطفي حراري، وهو شخصية تابعة للككلي. يحمل الفريق الأممي حراري المسؤولية المباشرة عن خمس حالات موثقة لاعتقالات تعسفية واختفاءات قسرية وتعذيب ومعاملة قاسية ومهينة في مراكز احتجاز غير رسمية. وزُعم أن هذه الانتهاكات ارتكبت من خلال نظام قسري شبه قضائي، يعتمد على الاستخدام الأداتي للقوانين الوطنية.
من بين الشهادات الموثقة اعترافات قسرية مسجلة في مقاطع فيديو وبثت على القنوات الرسمية لجهاز الأمن الداخلي، بهدف إذلال الضحايا علنًا. تشير الشهادات التي جمعها الفريق الأممي إلى أن حراري شارك شخصيًا في عمليات الاستجواب والعنف. على الرغم من أن جهاز الأمن الداخلي نفى هذه الاتهامات، فقد لاحظ الفريق أن الوكالة لم تقدم أي وثائق تدعم موقفها.
وأوضح مصدر ليبي لـ"وكالة نوفا" أن الككلي يمارس "مسؤولية قيادية على حراري" و"قد تكون هناك أيضًا حالات مباشرة لأشخاص اعتقلوا لانتقادهم أو التحقيق في أنشطته"، وهي عناصر "تفتح المجال للمسؤولية عن جرائم ضد الإنسانية" على مستوى القانون الدولي، وخاصة بموجب مبدأ مسؤولية القيادة.
ويصف الفريق الأممي استراتيجية قمع منهجي للمعارضة في طرابلس الغربية، باستخدام الاعتقال التعسفي والتعذيب لترهيب النشطاء والصحفيين والمسؤولين العموميين الذين يُنظر إليهم على أنهم معادون لمصالح الميليشيات المهيمنة. على الرغم من خطورة الاتهامات، لا يوجد حاليًا أي أمر اعتقال علني بحق عبد الغني الككلي من قبل المحكمة الجنائية الدولية. ومع ذلك، وكما صرح المدعي العام كريم خان سابقًا، فإن تقارير الفريق الأممي تمثل قاعدة وثائقية مهمة لأي تطورات مستقبلية.
ويأتي تقرير الوكالة الإيطالية بعد الجدل الذي أثير خلال زيارته إلى إيطاليا رفقة مسؤولين في حكومة الدبيبة، بينهم سفراء ووزراء، في زيارة رسمية لعادل جمعة الذي استهدف في هجوم مسلح منتصف فبراير الماضي.