تبدو المواقف المحلية والإقليمية والدولية متباينة يسودها الترقب والحياد تجاه تكليف فتحي باشاغا رئيسا للحكومة الليبية المؤقتة خاصة مع إصرار عبد الحميد الدبيبة مواصلة مهامه وإعلانه رفض قرارات مجلس النواب الليبي. فرغم أن الوضع يبدو صعبا وينذر بالصدام وفق ما يراه المراقبون إلا أن الدعم والحياد غالبين على المشهد العام سواء داخليا أو دوليا.
اختار مجلس النواب الليبي بالإجماع، وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا رئيسا جديدا للحكومة الليبية خلفا لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة وقال عقيلة صالح في مستهلّ الجلسة إن المجلس تلقى رسالة تزكية من المجلس الأعلى للدولة تؤيّد ترشح فتحي باشاغا لرئاسة الحكومة الجديدة.
 من جانبه أعرب القائد الأعلى للجيش الليبي خليفة حفتر، عن ترحيبه باختيار وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، رئيسا للحكومة الجديدة. وأفاد بيان  للمتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك "ترحيب وتأييد القيادة العامة باختيار مجلس النواب فتحي باشاغا، رئيسا للحكومة الجديدة وتولى قيادة البلاد نحو مستقبل أفضل".
ودعا إلى "العمل على فرض هيبة الدولة، والحفاظ على مقدرتها، وحماية المؤسسات السيادية من ابتزاز وهيمنة الخارجين عن القانون". وأضاف أن "الحكومة ستدعم مجهودات اللجنة العسكرية (5+5) وتمهد لإجراء الانتخابات وتسعى لإرساء قواعد الأمن والأمان، وتدعم الحرب على الإرهاب، وتوحيد مؤسسات الدولة".
ورغم إعلان الأمم المتحدة عن مواصلة تأييدها لحكومة عبد الحميد الدبيبة في تعليق أولي على تعيين باشاغا رئيسا جديدا للحكومة فقد أكد المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن "الأمم المتحدة ليست جهة استشارية أو سلطة شاملة في ليبيا. مضيفا "نحن هنا وهناك لمساعدة الشعب الليبي (...) ومن الأهمية بمكان لجميع القادة والأطراف الليبيين المعنيين ألا ينسوا الشعب الليبي". لتعلن المنظمة الأممية في وقت لاحق أنها مع ما ستفضي إليه محادثات ممثلتها في ليبيا ستيفاني وليامز.
وقد شدّدت الممثلة الأممية ستيفاتي ويليامز خلال لقائها برئيس الحكومة الليبية المكلف فتحي باشاغا على ضرورة المضي قدما وبكل شفافية وروح توافقية ودون إقصاء والسعي الى الحفاظ على الاستقرار في طرابلس وليبيا عامة.وأكّد رئيس الحكومة المكلف فتحي باشاغا، من جانبه، أنه أبلغ المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز بانطلاق مشاوراته مع جميع الأطراف من اجل تشكيل حكومة جامعة وسعيه إلى بلوغ إنتخابات شفافة وديمقراطية.
كما التقت ستيفاني رئيس حكومة تسيير الأعمال عبد الحميد الدبيبة حيث جرى استعراض التطورات السياسية الحاصلة على خلفية تشكيل حكومة جديدة وذلك بحسب تدوينة لها على حسابها على موقع "تويتر" وقد دعت كلا من باشاغا والدبيبة الى الحفاظ على الهدوء والاستقرار لإجراء الانتخابات. كما اعتبرت المبعوثة الأممية إلى ليبيا أن "تغيير الحكومة سيزيد من تأخير نهاية الفترة الانتقالية إذا لم يتم وفقا للإجماع السياسي"، لكنها شددت على أن "القرار النهائي هو ملك للمؤسسات الليبية فقط".
وبعد هذا اللقاء المزدوج الذي أجرته ستيفاني وليامز مع الطرفين لا يكشف بوضح موقف الأمم المتحدة من التطورات السياسية الأخيرة في ليبيا.
ومن جهته  دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، جميع الأطراف والمؤسسات في ليبيا، إلى مواصلة اتخاذ مثل هذه القرارات الحاسمة بطريقة شفافة وتوافقية، في إشارة إلى التوافق بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، داعيا جميع الأطراف إلى الاستمرار في المحافظة على الاستقرار في ليبيا كأولوية أولى.
أمّا دوليا فكانت مصر أولى الدول التي عبرت عن دعمها لقرار البرلمان تشكيل حكومة جديدة. وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد حافظ أن مصر "تثمن دور المؤسسات الليبية واضطلاعها بمسؤولياتها بما في ذلك ما اتخذه مجلس النواب من إجراءات  بالتشاور مع مجلس الدولة". ومن جانبها دعت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إلى احترام قرار مجلس النواب الليبي بتكليف وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا برئاسة حكومة جديدة، وقالت "يجب احترام اختيار البرلمانيين الليبيين، ولا ينبغي أن تؤدي التناقضات إلى صراع خطير” في ليبيا، مشددة على ضرورة حل هذه الخلافات عبر "المفاوضات والتسويات".
وجاء الموقف الإيطالي غامضا إلى حدّ ما حيث صرح وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو في  تصريحات إعلامية على هامش المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقد بمقر وزارة الخارجية الايطالية مع نظيره القطري، بأن إيطاليا وقطر تواصلان مراقبة الوضع السياسي الليبي الداخلي عن كثب في ضوء التطورات في الأيام الأخيرة، داعيا جميع الفاعلين الليبيين إلى التعامل بأقصى قدر من الشفافية والنزاهة والشمولية من أجل مصلحة الوطن ووحدته واستقرار،. وفق ما أفادت به وكالة "نوفا" الإيطالية للأنباء.
ولم تعرب العديد من الدول المجاورة والإقليمية عن مواقفها إلى حد الآن ويرجع الخبراء ذلك إلى تعهّد الكثير منهم باحترام القرارات الليبية خاصة بعد تأكيدهم في عديد المحافل أن حل الأزمة يجب أن يكون ليبي-ليبي. ورغم ذلك فإن الجميع مترقّب في حذر وخوف من تطورات صداميّة ممكنة بين الأطراف السياسية في ليبيا إثر إعلان الدبيبة رفضه لقرار مجلس النواب رغم الخطاب "المطمئن" لفتحي باشاغا وتأكيده أن "عملية التسليم والاستلام ستتم وفق الآليات القانونية والدستورية بالطرق السلمية ولن تكون هناك أي عوائق."