تتواصل الإحتجاجات في  مدينة بن قردان التونسية الحدودية مع ليبيا في جنوب شرقي البلاد  منذ قرابة الأسبوع حيث تعرف المدينة  حالة من الإحتقان الشّعبي  على خلفيّة تواصل غلق معبر راس الجدير الحيوي بين البلدين من الجانب الليبي ،و قد دخل مجموعة من شباب المدينة منذ يوم الأحد 30 مارس/آذار 2014 في إعتصام مفتوح حيث تمّ نصب خيمة كبيرة قرب السّوق البلدي وسط المدينة تزامنت مع إضراب عام أقرّه المكتب المحلي التابع للإتحاد العام التونسي للشغل لمدّة ثلاثة أيّام  بداية من يوم الخميس إحتجاجا على حرق مقرّه الإربعاء الماضي و يواصل الى اليوم السبت 5 إبريل/نيسان 2014 .

و يطالب المحتجون بضرورة فتح المعبر الذي يعتبر الشريان الرئيسي للحياة في المدينة ،مع ضرورة توفير بدائل تنموية بالجهة حتى لا تكون حياة ألاف المواطنين معلّقة على مصير مجهول لهذا المعبر الذي تواصل غلقه لأكثر من شهر و يعرف منذ أحداث الثّورة الليبية في العام 2011 حالة من الاضطراب و عدم الإستقرار الشيء الذي أثّر كثيرًا على حياة المواطنين في المدينة و على قطاعات كبيرة فيها مما أشعل حالة من الإحتقان الشّعبي غذّاها في نظرهم تجاهل السّلطات الرّسمية و الحكومة التّونسيّة .

 

و قال عبد الكريم المحضي لــ"بوابة افريقيا الإخبارية" و هو شاب مجاز في السمعي البصري و عاطل عن العمل منذ العام 2008 و هو أحد المؤطرين للإعتصام بأنّ "هذا الإعتصام متواصل منذ ستة أيّام و هو إعتصام شعبي مفتوح من أجل المطالبة بحق الجهة في التنمية ،حيث يوجد في بنقردان قرابة الخمسة ألاف مجاز عاطلون عن العمل إضافة الى الألاف من غير حاملي الشهائد الذين ليس لهم من مورد رزق غير معبر راس جدير ،كما أنّ المدينة تعرف حالة من التهميش على كل المستويات الإقتصادية و الثقافية و الإجتماعية " و طالب عبد الكريم السلطات التونسية بضرور "التدخّل في بن قردان من أجل انقاذها من هذه الحالة الإجتماعية و الإقتصاديّة السيئة من خلال تشجيع الإستثمار في الجهة كقطاع السياحة حيث تتوفّر المنطقة على كل المقوّمات الضرورية من انفتاحها على البحر من جهة و الصّحراء من جهة أخرى ، كما أن وجود الميناء يسهل كثيرا عملية الاستثمار في كل القطاعات ،و الحكومة مدعوّة الى مزيد الإعتناء بالبنية التحتية بالمدينة خاصة القطاع الصحّي ،حيث يطالب أهالي جهة يتحسين المستشفى المحلي و توفير المصحات ختى لا يضطر الكثيرون للسفر الى مناطق أخرى من أجل العلاج " و أوضح عبد الكريم بأنّ "المطالبة بفتح معبر راس جدير هو مطلب ثانوي مقارنة بالمطالب التنموية الملحة للجهة ،حتى لا يبقى مصير الألاف من الاهالي معلقا على المعبر الذي يجب أن يكون ثانويا في المسألة التنموية و أن يجد الشباب العاطل عن العمل أفاقا أخرى في التشغيل من خلال المصانع و السياحة بعيدا عن اخطار التجارة و التهريب التي يدخلها الكثيرون مكرهين لعدم وجود مصادر أخرى للرزق"

 

و عن هذا الإعتصام تحدّث السيّد الجيلاني الجويلي أحد نشطاء المجتمع المدني في المدينة و يشتغل في التجارة الحرّة حيث قال لــ"بوابة إفريقيا الإخبارية" :" المطالب الرئيسية لهذا الإعتصام هي مطالب تنموية بالأساس ،و لا يمكن الحديث عن تنمية في الجهة دون فتح الكثير من الملفات ذات العلاقة ،بدء من المسألة العقارية و الأراضي التي يجب على المحكمة العقارية البت في وضعيتها القانونية ،كما أن مشكلة البنية التحتيّة في المدينة يجب أن تعالج في اتجاه أن تصبح قادرة على تشجيع رؤوس الأموال على الإستثمار في الجهة ،حيث ليس من الممكن الحديث عن تنمية في المنطقة حيث لايوجد مولدات للضغط الكهربائي العالي و وعدم وجود حتى قنوات للتصريف الصحّي و نقص في توزيع الماء الصالح للشراب ،مع ضرورة تحسين الطرقات و تهيئتها ،كما أنّ معبر راس جدير ليس هو المشكل الرئيسي للمدينة ،فالمعبر ليس خاصا بالجهة بل هو معبر دولي يستفيد منه الجميع في البلدين و هو منفذ دولي شمال إفريقي مغاربي و ليس حكرا على بن قردان وحدها ،بل المشكل الحقيقي و المطلب الأوّل للجهة هو التنمية التي حرمت طيلة عقودا طويلة و منذ الإستقلال " على حدّ قوله .

 

و يقول السيّد علي زيدان و هو ناشط في المجتمع المدني في المدينة :"بأن مطالبنا في هذا الإعتصام هي التنمية و توفير بدائل اقتصادية حقيقية تنهض بالمنطقة  بهذه الجهة المحرومة" على حدّ قوله ،و أضاف علي زيدان :"نحن نطالب بالإستفاد من ثروات بنقردان البحرية و الصحراوية و التشجيع على السياحة في الجهة و بناء معامل و مصانع توفر التشغيل و تخفض من نسبة البطالة و أن هذا الإعتصام هو تعبير مدني سلمي راقي على مطالب مشروعة تحقق أهداف الثّورة و تنهض بالمدينة بما هي جزء أصيل من هذا البلد ،حتى لا يكون السباب مكرها على العمل فقط في المعبر و الذي لا يجب ان يكون هو المصدر الوحيد و الأوحد للسواد الأعظم من أهل الجهة" .

هذا و يذكر أنّ الأمن قد إنسحب تماما من المدينة منذ ظهر أوّل أمس الخميس و لكن الوضع مستقر في المدينة و لم نلاحظ حدوث أي أعمال عنف أو تخريب أو اعتداءات على الممتلكات بإستثناء الإعتداء الذي حصل على مقر المكتب المحلي للشغل الذي يقول المعتصمون بأنّه جاء كردّة فعل من بعض الأطراف على عدم تبنّي الإتّحاد للمسيرات المطالبة بالتنميّة ،غير أن الإتحاد قد حمّل المسؤولية لما أسماه "بعض الأطراف السياسية" و قد أصدر الإتحاد التونسي للشغل  بيانا أدان فيه الاعتداء على مقره بالمدينة ودعا إلى ضرورة تصحيح مسار الاعتصام الذي اتضح انه حاد عن نسقه الصحيح وعن أهدافه في المطالبة والدفاع عن مطالب تنموية مشروعة الى أجندات خاصة وأرضية مناسبة لاطراف تقود المنطقة الى الفوضى والعنف وتدخلها الى المجهول والى خطر الارهاب وفق ما نشرته وكالة تونس افريقيا للأنباء .

و كان الإتحاد المحلي للشغل قد دعا الى اضراب عام مفتوح لمد ثلاث أيام بداي من الخميس الى غاي اليوم السبت احتجاجا على عملي الحرق و التخريب التي طالت مقرّه و  قد أبرز كاتب عام الاتحاد المحلي محسن لشيهب، في تصريح لوكالة تونس افريقيا للانباء، أن "مختلف القطاعات استجابت لما تم الاتفاق عليه مساء الأربعاء الفارط من ايقاف للعمل بسبب ما لحق الاتحاد من اعتداءات وتهديدات طالت الأشخاص والممتلكات" مضيفا بانه "من شان كافة المؤسسات والمرافق العمومية ان تستأنف عملها في اي وقت متى زالت الأسباب" وفق تعبيره

هذا و يذكر أن محافظ ولاية  مدنين التي تتبعها مدينة بنقردان  الحبيب شواط قد أكّد في تصريح إذاعي أوّل أمس الخميس 3 افريل/نيسان 2014 ان الوضع في منطقة بن قردان بدأ يخرج عن السيطرة مضيفا أن أي تدخل أمني في هذه الظروف ستكون له نتائج سلبية.

واتهم شواط عدة أطراف بتأجيج الأوضاع بالمنطقة مؤكد أن هذه الاطراف ليس من مصلحتها فتح معبر راس جدير الحدودي وأطراف تنتمي الى جماعات تهريب كبيرة على حدّ قوله ..