شهد اجتماع مجلس شورى “النهضة” التونسي المنعقد أمس مشاحنات واحتجاجات كبيرة بين قيادة الحركة وبين قيادات تاريخية اعتبرت أنه تم منعها من الترشح إلى الانتخابات التشريعية دون موجب.

وقالت مصادر مقربة من حركة النهضة أن توترا لافتا ساد أجواء الاجتماع الذي كان مخصصا في جانب رئيسي منه لحسم ملف من ستدعمه الحركة في الانتخابات الرئاسية، لكن أجندة الاجتماع تغيرت مع أول تساؤل حول صلاحية قيادة الحركة في فرض رؤساء قائمات وأشخاص غير معروفين على المكاتب المحلية للتنظيم، حسبما ذكرت صحيفة “العرب”.

وكشفت المصادر ذاتها أن غضبا كبيرا أبداه قياديون بارزون حول سر تمسك النهضة بتحييد قيادات تاريخية لديها إشعاع في المناطق وتعويضها برجال أعمال لم ينتموا للتنظيم وبعضهم لا يتعاطف مع الحركة، أو فرض شبان صغار لم يختبروا في النضال وتفضيلهم على من سجن وطرد من وظيفته في فترة حكم بن علي.

ووفق المصادر، فإن قيادة التنظيم حاولت امتصاص حالة الغضب وتقديم مبررات لاختيارها، لكن موقفها بدا ضعيفا ومرتبكا خاصة في ظل اتهامات صدرت عن بعض أعضاء المجلس بأن الحركة تعقد صفقات غامضة ولا تقيم وزنا لمجلس الشورى باعتباره المرجعية الأولى في التصديق على الخيارات الكبرى أو رفضها.

وكانت حركة “النهضة” قد تخلت عن أكثر من نصف أعضاء كتلتها في المجلس التأسيسي، وبينهم رموز تاريخية مثل الصادق شورو والحبيب اللوز ونجيب مراد وعبدالمجيد النجار، وقدمت قائمات يغلب على الأسماء المتضمنة لها صفة “التكنوقراط” والبراغماتيين.

ويقول منتسبون سابقون للتنظيم إن الحركة تحاول إرضاء جهات خارجية وطمأنتها من خلال التخلي عن مناضليها “أيام الجمر”، وإن هذا التوجه لا يخضع لمصادقة مجلس الشورى وإن وضع الخطط يكون في سرية تامة وبين دائرة ضيقة من القيادات ويتم التسويق له إعلاميا وكأنه موقف جماعي يتخذ بشكل ديمقراطي.

يشار إلى أن الصراع حول توجهات الحركة خرج إلى العلن، وأصبحت صفحات التواصل الاجتماعي فضاء رحبا للغاضبين لينتقدوا خيارات القيادة وخاصة سعيها لعقد صفقات غامضة في الداخل والخارج.

ومن أبرز الغاضبين على خيارات التنظيم، نشير إلى الأمين العام السابق للحركة حمادي الجبالي الذي تحدثت مصادر مقربة منه عن أنه لوح لرئيس الحركة راشد الغنوشي بـ”الانشقاق” و”قيادة تيار يعمل على وضع حد لغطرسة القيادة المركزية”.

وكشف قيادي في حركة النهضة وعضو في مجلس الشورى أن “الخلافات التي تشق الحركة تعمقت خلال الأسابيع الماضية لتتحول إلى نوع من الانتفاضة”.

وأكد القيادي الذي رفض الكشف عن هويته أن حمادي الجبالي “هدد بـ”الانشقاق” و”قيادة تيار من المعتدلين داخل الحركة يؤمن بالانفتاح على مختلف القوى السياسية بما فيها اليسارية والعلمانية، وهو تيار يدعم ترشح الجبالي للانتخابات الرئاسية”.

وأضاف أن الجبالي هدد أيضا بـ”إعلان ترشحه لرئاسة الجمهورية دون انتظار تزكية الغنوشي أو الرجوع إلى القيادة المركزية التي زجت بالحركة في أتون أسوأ أزمة سياسية مند تأسيسها عام 1981”.

وكان الغنوشي اعترض على ترشح الجبالي لرئاسة الجمهورية كشخصية سياسية مستقلة في خطوة لخنق الجناح المعتدل داخل النهضة وقطع الطريق أمام أي مبادرة من شأنها أن تعزز مواقعه الأمر الذي دفع بالحمائم لقيادة “انتفاضة” ضد سطوة الصقور عصفت بالمؤسسات التنظيمية للحركة التي كثيرا ما افتخرت بتماسكها الفكري والسياسي.

وأثار اعتراض الغنوشي غضب الجبالي الذي “يعتكف” حاليا في مسقط رأسه بمدينة سوسة مقاطعا نشاط الحركة ومؤسساتها.