تعيش تونس هذه الأيام ، وهي تتجه الى إعداد الانتخابات القادمة ، سجالا سياسيا حول موضوعين خلافيين يهمان منع ارتداء النقاب في الأماكن العامة ومنع السياسيين المنتمين سابقا الى حزب الرئيس السابق من الترشح للانتخابات القادمة تحت يافطة قانون العزل السياسي الذي تم اعتماده في انتخابات 23 أكتوبر 2011 .

الموضوعان لهما مناصرون ومعارضون لكنهما يصطدمان بحماية من الدستور الجديد الذي يمنح للتونسيين حرية اللباس وحرية الترشح للانتخابات ولا يمكن منع ذلك إلا بنص قانوني صريح أو عندما يكون الأمن القومي مهددا .

وتأتي الدعوة الى منع النقاب من كل الأطراف السياسية و الدينية و الأمنية ويربطها الجميع بالخشية من اعتمادها من قبل العناصر الإرهابية للتخفي وحمل السلاح و الأحزمة الناسفة والتنكر والهروب من ملاحقة الأجهزة الأمنية .

حسين العبيدي إمام جامع الزيتونة ورضا بالحاج الناطق الرسمي باسم حزب التحرير و مولدي المجاهد رئيس حزب الأصالة السلفي يلتقون في ضرورة منع التنكر في النقاب ويعتبرون ذلك أداة للمفسدة يبيح منعه رغم الاختلاف حوله بين المدارس الفقهية .

المنع لن يكون لأسباب عقائدية ،فحتى الأحزاب اليسارية تعلن أن ارتداء النقاب يدخل في باب ممارسة الحريات الشخصية وحرية المعتقد المكفولتين بالدستور الجديد، لكنها توضح في المقابل أن الدستور و القوانين يمكن تجاوزها عندما يتعلق الأمر بتهديد الأمن القومي .

القيادات الأمنية ووزير الداخلية يرون أن قرار المنع لا يمكن أن يكون سياسيا وأن الأجهزة الأمنية هي سلطة تنفيذية فقط .

وينتظر أن تصدر الحكومة قريبا قرارا يمنع ارتداء النقاب في الأماكن العامة ويفرض على مرتديه الكشف عن الهوية كلما طلب منهم ذلك ، خشية حدوث قراءة خاطئة للقرار على أساس انه معاد للإسلام وللحريات الشخصية .

ويحتفظ التونسيون بعديد الروايات حول استعمال النقاب من الرجال للتخفي من الملاحقة الأمنية أبرزها هروب " أبو عياض " زعيم تيار أنصار الشريعة المصنف إرهابيا من جامع الفتح بالعاصمة تونس بعد أحداث الهجوم على السفارة الأمريكية بتونس في أيلول 2012 مرتديا النقاب .

العزل السياسي

الموضوع الثاني الذي عاد الى واجهة الأحداث السياسية في تونس هو موضوع العزل أو الإقصاء السياسي الموجه ضد مشاركة التجمعيين والدستوريين السابقين في الاستحقاقات الانتخابية القادمة ، اعتمادا على المبدأ الذي جاء به الفصل 15 للمرسوم الذي نظم انتخابات المجلس الوطني التأسيسي .

العودة الى طرح هذه المسألة جاءت أساسا من حزبين تراجعت شعبيتهما بشكل كبير ولم يعد لهما وزن في الساحة السياسية وهما حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحركة وفاء المنشقة عنه واللذان يتوجهان لاستقطاب " الثوار " الذين يريدون القطع الكامل مع الماضي ومحاولة الثأر من عدم تمرير قانون " تحصين الثورة " الاقصائي الذي لعبت حركة النهضة دورا كبيرا لمنع عرضه على التأسيسي .

ويرى المراقبون أن الدعوة الى العزل السياسي لا مستقبل لها ولا يمكن إدراجها ضمن القانون الانتخابي الذي انطلقت مناقشته في لجان التأسيسي ، إذ انه مخالف للدستور ويمكن أن يضرب الوفاق الحاصل الآن .