بقيت خمسة أيام فاصلة عن موعد الانتخابات التشريعية التونسية، ومازالت الشكوك قائمة بخصوص إمكانية حصول هجمات إرهابية هدفها زعزعة الأمن والاستقرار وضرب المسار الانتقالي. وتفيد معلومات استخباراتية بأن كتيبة عقبة بن نافع وما لفّ لفّها تخطط للتشويش على أجواء الانتخابات عبر عمليات انتقامية في مختلف المحافظات خاصة منها الحدودية (مع الجزائر)، وبناء على ذلك أعدت وزارة الداخلية بالتنسيق مع وزارة الدفاع ورئاسة الحكومة خطة أمنية لضمان نجاح المسار الانتخابي وحماية المواطنين والسياسيين من الإرهاب.

أكد محمد علي العروي الناطق الرسمي باسم الداخلية التونسية في تصريحات لـ”العرب”، أن القوات الأمنية على استعداد تامّ لتأمين الانتخابات المقررة في 26 أكتوبر الجاري، ودرء مخاطر الإرهاب في كامل المحافظات.

وأوضح أن “وزارة الداخلية بدأت في الاستعدادات الأمنية للانتخابات التشريعية منذ مدّة وذلك بوضع خطة أمنية شاملة ومتكاملة” للحفاظ على الأمن والنظام العام في فترة الانتخابات ويوم الاقتراع.

وأفاد أن الوزارة أعدت استراتيجية أمنية قوامها التنسيق والتبادل المعلوماتي بين وحدات الشرطة والحرس الوطني في مختلف المحافظات.

وأضاف الناطق الرسمي باسم الداخلية التونسية لـ”العرب”، أن “حوالي 50 ألف عنصر من وحدات الأمن بمختلف التشكيلات سوف يؤمّنون يوم الاقتراع بالنسبة للانتخابات التشريعية”، إلى جانب وحدات مختصة في مكافحة الإرهاب سيتم نشرها في كل المدن تقريبا خاصة في محافظة القصرين التي تعدّ معقلا للمجموعات الإرهابية والكتائب المسلحة.

وكشف العروي، أن هناك مخاطر إرهابية يمكن أن تهدد المسار الانتخابي مصدرها كتيبة عقبة بن نافع التي تتحصن بالجبال الوعرة في المناطق الحدودية، مؤكدا أن قوات الأمن التونسي ألقت القبض على أغلب عناصر هذه الكتيبة ولم يتبق منها سوى ثلاثين عنصرا.

المعلوم أن كتيبة عقبة بن نافع تعتبر البلاد التونسية دار حرب والتونسيين من “الكافرين” لذلك يجوز قتالهم والتنكيل بهم، غايتها إقامة دولة الخلافة والإطاحة بمؤسسات الدولة. وكتيبة عقبة بن نافع تعدّ أول تنظيم يتأسس في تونس وله ارتباط بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، كما له علاقات وثيقة بكتيبة جزائرية متشددة تدعى الفتح المبين.

وتستقطب الكتيبة الشباب المتبني للفكر الجهادي ويتم إرساله إلى ليبيا لتلقي تدريبات عسكرية من أجل القيام بهجمات إرهابية في تونس فيما بعد.

واكتشفت وحدات الأمن كتيبة عقبة بن نافع بعد أن قام أحد عناصرها بإطلاق النار على شرطي في منطقة فريانة من محافظة القصرين (غرب تونس)، وظهرت للعلن كتنظيم خطير يهدد أمن تونس بعد تبنيه رسميا للهجمات الإرهابية التي طالت منزل وزير الداخلية لطفي بن جدو ووحدات الجيش في جبل الشعانبي.

وفي سياق متصل، أكد الناطق باسم الداخلية التونسية، أن وحدات الجيش الوطني ستساهم في تأمين الانتخابات، مشيرا إلى أن الوزارة عملت جاهدة للتقليل من مخاطر التهديدات الإرهابية من خلال التضييق على التنظيمات المتطرفة والقبض على شبكات خطيرة تقوم بتمويل المتشددين وتزويدهم بالمعلومات حول الأوضاع العامة للبلاد.

يشار إلى أن بلحسن الوسلاتي، الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الوطني، أكد في تصريحات صحفية سابقة، أنه قد تم استدعاء جيش الاحتياط لتأمين الحدود الجنوبية والحدود الساحلية للبلاد التونسية لمزيد تأمين الانتخابات القادمة وضمان إجرائها في أحسن الظروف.

ويقوم وزير الداخلية التونسي هذه الأيام بزيارات ميدانية لمختلف المحافظات لمراقبة الأوضاع الأمنية وبث رسائل طمأنة للمواطنين، حيث أكد في إحدى زياراته لمحافظة الكاف (شمال غرب) أنه لم تعد هناك مشكلة على مستوى المعدات والتجهيزات الفردية للأعوان وخاصة منها المتعلقة بالصدريات والخوذات المضادة للرصاص، موضحا أنه تم توفير كل المعدات الضروررية لأعوان الأمن للقيام بمهامهم على أحسن وجه.

كما أكد أن وزارة الداخلية أعدّت خطة أمنية بالتعاون مع وزارة الدفاع لتأمين مراكز الاقتراع ومقار هيئات الانتخاب، إضافة إلى “تأمين الشخصيات السياسية المترشحة للاستحقاق الانتخابي وكل القائمات إلى جانب مراكز ومكاتب الاقتراع وحماية المواطنين المقدمين على القيام بالواجب الانتخابي”.

وعموما تعد الظاهرة الإرهابية من أهم التحديات التي ستواجه الاستحقاق الانتخابي البرلماني المقبل، خاصة مع وجود معلومات تفيد بأن العديد من المجموعات الجهادية تخطط لاستهداف المسار الانتقالي إلى جانب التشويش على أجواء الانتخابات من خلال القيام بعمليات انتقامية معزولة.

 

*نقلا عن العرب اللندنية