لليوم الثالث على التوالي لم تسجل تونس أي إصابة بفيروس كورونا، في نسق إيجابي لم يتوقعه أكبر المتفائلين. فبعد تنبيهات كبيرة وتخوفات عبر وسائل الإعلام المحلية وبعد فترة من الارتفاعات المفاجئة، يجد التونسيون أنفسهم أمام تراجع قياسي جعل الحكومة تتخذ إجراءات جديدة حول تخفيف الحظر عبر الفتح التدريجي للاقتصاد والتخفيف من قيود الحركة ومن ساعات الحظر الليبي بما فهم منهم نجاح كبير في المواجهة ربمّا أفضل حتى من العديد من الدول المتطورة طبيا وعلميا.
وقدمت وزارة الصحة التونسية مساء الثلاثاء الإفادة اليومية لعدد المصابين، مشيرة إلى أن العدد الجملي المسجل منذ بداية انتشار الفيروس هو 1032 حالة، شفيت منهم 740 حالة، وتوفيت 45 وبقاء 247 حالة تحت المراقبة الطبية إما في المستشفيات وإما في المنازل مع تأكيدها على أن الحالات الصعبة لا تتجاوز 5 أشخاص موضوعين تحت العناية المركزة.
وخلال ندوة صحفية انعقدت الاربعاء بوزارة الصحة لتقييم تطوّر الوضع الوبائي لفيروس كورونا المستجدّ قالت المديرة العامة للمرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدّة نصاف بن عليّة وبحضور أعضاء من اللجنة العلمية لمتابعة انتشار فيروس كورونا "أنّ تونس لم تسجّل أيّ حالة إصابة مؤكّدة بفيروس كورونا منذ ثلاثة أيّام وأيّ حالة وفاة"، وهي أرقام إيجابية وتعطي إشارة إلى أن البلاد نجحت في الاستراتيجية المتبعة في التوجيه.
ورغم الإمكانيات الضعيفة مقارنة بغيرها من الدول لكن تونس، حاولت منذ بداية انتشار الوباء التعامل بحذر مع التطورات من خلال فرض إجراءات خاصة للعائدين من الخارج أو المسافرين بين الدول، عبر إلزام كل مسافر بالحجر الصحي الذي كان بداية في المنازل لكن في ظل عدم التزام البعض قررت السلطات أن يكون الإجراء وسط المبيتات والنزل، وهذا الإجراء كانت نتائجه واضحة من خلال التقلص اليومي في عدد المصابين.
وزارة الصحة التونسية ورغم درجة التفاؤل التي سجلتها في الفترة الأخيرة، لكنها بقيت تحذّر المواطنين من خطر الإصابة بالفيروس وواصلت حملاتها في الإعلام والشوارع توعية للناس بضرورة وضع الاحتياطات الطبية اللازمة من كمامات ومعقمات وتجنب الاكتظاظ في الأماكن العامة باعتبارها السبب الدائم لتنقل الفيروس بين الأفراد، وهو إجراء تساعدها فيه قوات الأمن والجمعيات الأهلية عبر متطوعيها المنتشرين على مختلف مناطق البلاد.
وقال وزير الصحة التونسي عبد اللطيف المكي إن الخطر مازال قائما، بل توقع موجة ثانية من الفيروس في الخريف والشتاء القادميْن داعيا إلى ضرورة اليقضة، ومشيرا إلى أن السلطات تعمل حاليا على تركيز مراكز استشفائية ميدانية في عدد من المناطق تحسبا لأي طارئ قد يحصل مستقبلا، وقد بدأ تركيز بعضها في عدد من المدن.
وفي تعليقه على الأرقام الجديدة قال المكي إنه "حتى وإن بلغت الصفر لأيام قليلة لا تعني الخلو التام من المرض وعدم عودته إلا إذا استمر انعدام الإصابات (صفر حالة) لمدة تساوي مرتين مدة حضانة الفيروس أي بين 30 و 40 يوما"، بما يعني الانتظار لمدّة شهرين تقريبا لمعرفة نجاعة الإجراءات والنجاح في السيطرة على انتشار الجائحة.
ووسط هذه الموجة من التفاؤل مازالت التساؤلات قائمة في تونس حول النجاح الذي تحقق والدعوات مستمرة للالتزام بالاحتياطات في الحدود وخاصة في المطارات مع فرضية العودة التدريجية للملاحة الجوية، التي كانت السبب الرئيسي لانتشار المرض في البداية، لكن المؤكد أن تونس لن تكون خارج السياق العالمي حيث أن إيجابية الأرقام يتم تسجيلها تباعا في العديد من الدول التي استعادت الحياة فيها نسقها بعد الأسبوع الأول من مايو.