أكدت صحيفة « الوطن » الموريتانية أن إياد أغ غالي المطلوب من قبل القضاء في مالي والمصتّف أمريكيا من رموز الأرهاب ، قد إنضم الى قوات تنظيم أنصار الشريعة التي تواجه  عملية الكرامة التي ينفذها الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر ، وقالت أنه إنضم الى معسكرات تدريب التنظيم في مدينة بنغازي في فبراير 2013 صنّفت وزارة الخارجية إياد آغ غالي إرهابيًا عالميًا مصنفًا خصيصًا بموجب الأمر التنفيذي رقم: 13224، الذي يستهدف الإرهابيين والذين يقدمون الدعم للإرهابيين أو العمليات الإرهابية. ونتيجة لهذا التصنيف، يتم حجز جميع الممتلكات التي تندرج ضمن السيادة القانونية للولايات المتحدة والتي يملك غالي أي مصلحة فيها ويُحظر بوجه عام على المواطنين الأميركيين المشاركة في معاملات معه أو لمصلحته.

وقامت أيضًا لجنة العقوبات ضد تنظيم القاعدة التابعة للأمم المتحدة بإدراج غالي على قائمتها بموجب القرار رقم: 1267/1989. وهذا الإدراج على قائمة الأمم المتحدة يفرض على جميع الدول الأعضاء في المنظمة تجميد الأصول، التي يملكها المذكور وحظر السفر عليه، وفرض حظر على تزويد الأسلحة إلى غالي. إن قرار الأمم المتحدة يظهر التصميم الدولي على القضاء على النشاطات العنيفة التي يقوم بها غالي في مالي والمنطقة المحيطة بها.,إياد آغ غالي هو زعيم حركة أنصار الدين (AAD)، وهي منظمة تعمل في مالي وتتعاون بشكل وثيق مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، المصنف منظمة إرهابية أجنبية. أنشأ غالي حركة أنصار الدين في أواخر العام 2011 بعد فشله في تولي قيادة منظمة الطوارق العلمانية بسبب آرائه المتطرفة.

تلقى غالي الدعم من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في معارك حركة أنصار الدين ضد القوات المالية والفرنسية، وعلى وجه الخصوص في الاستيلاء على بلدات غولهوك وتيساليت وكيدال وغاو وتمبكتو في مالي، ما بين كانون الثاني/يناير ونيسان/أبريل 2012. وقبل التدخل الفرنسي في كانون الثاني/يناير عام 2013، واجه المواطنون الماليون الذين لم يمتثلوا لأوامر حركة أنصار الدين المضايقات أو التعذيب أو الإعدام في المدن التي كانت تحت سيطرة هذه الحركة.

وقبل إنشائه حركة أنصار الدين، قاد غالي تمردًا في عام 1990 ضد الحكومة المالية قامت به الحركة الشعبية لتحرير أزواد(MPLA) . وفي عام 1991، أصبح الأمين العام لمجموعة منشقة من هذه الحركة قبل أن يصبح المفاوض الرئيسي لشعب الطوارق مع مكتب الرئيس المالي في أعقاب توقيع اتفاقيات السلام عام 1992. وفي عامي 1999 و2003، عمل كوسيط للإفراج عن الرهائن الغربيين الذين احتجزتهم الجماعة السلفية للدعوة والقتال (منظمة سبقت إنشاء تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي). وفي عام 2006، تولى غالي قيادة المقاتلين المتمردين المسؤولين عن تنفيذ الهجمات على القواعد العسكرية في كيدال بدولة مالي.

يقول عنه موقع « مسلمون » أنه زعيم قبلي من الطوارق.. دبلوماسي سابق.. وسيط دولي.. قائد عسكري.. مُنَظِر إسلامي.. بعض الألقاب التي تصاحب اسم "إياد آغ غالي" مؤسس وقائد حركة "أنصار الدين" المسلحة في شمال مالي، والتي يصفها مراقبون بأنها "طالبان" إقليم أزواد.و"إياد آغ غالي  مثّل تاريخه رحلة فكرية من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، وجولة جغرافية تجاوزت صحراء أزواد بشمال مالي، في غرب أفريقيا، التي يقال إنه يحفظ كل شبر فيها عن ظهر قلب، الرجال والمناخ وتاريخ القبائل.

وبحسب مقربين منه فإن ما عاونه خلال رحلته الفكرية والسياسية إجادته إقامة العلاقات واللعب على التوازنات واستثمار الأحداث، ما مكّنه من إقامة علاقات دولية وإقليمية متشعبة.وينحدر "أبو الفضل"، كما يكنيه أنصاره، من قبيلة الطوارق ذات الزعامة التاريخية بإقليم "أزواد"، وكان في شبابه شغوفًا بسباق الجِمال، قبل أن يكبر فيصبح قائدًا قبليًّا، ومن القلة الذين يستشارون، حتى أطلقت عليه قبيلته اسم "أسد الصحراء".وفي إطار الصراع التاريخي للطوارق في صحراء أزواد مع السلطة المركزية في مالي من أجل استقلال إقليم أزواد وتأسيس وطن قومي للطوارق، خاض "إياد" القتال ضد حكومة باماكو خلال الحرب الأهلية في تسعينيات القرن الماضي ضمن صفوف "الحركة الشعبية للأزواد"، وكان وقتها قائدًا قوميًّا أقرب إلى الفكر اليساري.وبوساطة جزائرية، توقف القتال في منطقة "كيدال" ـ مسقط رأس إياد غالي ـ بين حكومة مالي والانفصاليين الطوارق أواخر عام 1992، وتم إدماج العشرات من مقاتلي الحركة الشعبية في الجيش المالي، إلا أن غالي رفض أن يكون أحدهم، فتم تعيينه قنصلاً عامًا في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية.

وفي مقابلة حديثة مع مجلة "جون أفريكا"، قال الوزير الجزائري عبد القادر أمساهل إن إياد غالي "كان من المفاوضين الرئيسيين الذين أبرموا الميثاق الوطني سنة 1992. إنه شريك كغيره من الحركات الفاعلة في الشمال". وأضاف من الخطأ "إقصاء زعيم حركة أنصادر الدين إياد غالي" من أي حوار، مؤكدًا أننا "كثيرًا ما ننسى أن الحركة مكوناتها الأساسية من الطوارق".

وبعد عام 1992 مرت فترة غموض في حياة "إياد غالي"، تضاربت فيها المصادر، بعضها ذهب إلى أنه تفرّغ فيها لأعماله فلم يظهر على الساحة السياسية والعسكرية بأزواد، وبعضها تحدث عن ذهابه إلى باكستان وانضمامه في موريتانيا إلى جماعة "التبليغ والدعوة" التي تنشط عبر العالم في المجال الدعوي وترفض الخوض في السياسة ومجالات اختلاف الأمة. وبعضها يقول إنه في هذه الفترة تعرّف إلى الفكر السلفي على يد مشايخ السعودية، لكن الثابت فعلاً أنه انضم لجماعة التبليغ، ثم تعرّف على الفكر السلفي بميول جهادية.

في العام 2003، عاود "إياد غالي" الظهور لكن في دور الوسيط بين أجهزة المخابرات الغربية وتنظيم (القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي) للعمل على إطلاق سراح رهائن غربيين. وكانت وساطات مثمرة نجحت في عودة الرهائن في مقابل حصول التنظيم على ملايين الدولارات كفدية. وكان أيضا كبير المفاوضين لدى السلطات المالية في مفاوضات أجرتها الحكومة مع متمردي الطوارق.ويقال إن لقاءاته مع قيادات القاعدة، خلال المفاوضات، جعلته يتعرّف أكثر وعن قرب على المسلحين المنتمين للتنظيم وأفكارهم فجرى ما يشبه التلاقح الفكري.

في هذه الفترة عمل إياد موظفًا إداريًّا في الجزائر وليبيا، وكانت الفرصة السانحة له سقوط النظام الليبي ورحيل معمر القذافي، الذي شكّل على مدار سنين عقبة في وجه محاولات الطوارق للانفصال بإقليم أزواد عن حكومة مالي. فعاد إياد غالي إلى أزواد واتخذ من سلسة جبال "أغرغار" القريبة من "كيدال" في أقصى الشمال مقرًا له، وجمع حوله مئات المقاتلين الطوارق، بينهم جنود وضباط من الجيش المالي ومقاتلون آخرون عادوا حديثًا من ليبيا وعشرات كانوا يعملون مع الجيش الموريتاني، واستجلب كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة.

وفي أواسط العام 2011، أسس غالي حركة "أنصار الدين"، وهي حركة تصف نفسها بأنها إسلامية سلفية، تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية، وإعادة الاعتبار لمكانة علماء الدين، فضلا عن مطالب محلية تتعلق بحرية وحقوق سكان أزواد.وتشكلت غالبية الحركة من الطوارق، لكن الطابع الإسلامي جلب لها أنصارًا من مختلف المكونات العرقية في المنطقة، بل ومن دول الجوار. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2011 دخلت الحركة في تنسيق مباشر مع "تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي"، أشبه ما يكون بالتنسيق القائم بين حركة طالبان وتنظيم القاعدة في أفغانستان.

كما دخلت معها في نفس التنسيق حركة "التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا"، التي انشقت حديثًا عن تنظيم القاعدة، وفي أواخر شهر يناير/كانون الثاني 2012 بدأت الحركة عملياتها المسلحة في أزواد بهجوم على مدينة (أغلهوك) غرب كيدال، حيث سيطرت على قاعدة عسكرية هناك، قبل أن يتمكن مقاتلوها من اقتحام قاعدة (آمشش) العسكرية قرب مدينة تساليت واستولوا على كميات كبيرة من الأسلحة والآليات العسكرية.

وفي 27 من نفس الشهر ينايرقالت صحيفة ( Zénith Balé) المالية إن إياد غالي، وصل برفقة سبعة وهم "مصابون بشكل بالغ" بقذائف صاروخية، إلى مستشفى برج المختار بالجزائر، قرب الحدود مع مالي، دون أن تحدد طبيعة إصابة زعيم حركة أنصار الدين. وتعافى إياد غالي ـ على ما تأكد من تتابع الأحداث فيما بعد ـ وكان أول ظهور مصوّر له مع أعضاء حركته في شريط فيديو أذيع في مارس/آذار 2012.وأشار متحدث باسم الحركة إلى غالي بلقب "القائد" وظهر إياد في شريط الفيديو وهو يتفقد المقاتلين، ويؤمّهم في الصلاة، وأعلن عزمه تطبيق الشريعة الإسلامية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحركة حيث أسس مجالس محلية تسير شؤون المدن والبلدات التي سقطت في يد مقاتليه.

وفي أعقاب الانقلاب العسكري على السلطة الذي وقع 22 مارس في العاصمة المالية باماكو وأطاح بالرئيس آمدو توماني توري، بدا أن شمال مالي الصحراوي الشاسع يسقط تحت سيطرة الحركات الطوارقية المسلحة. وسيطر مقاتلو حركة "أنصار الدين" على مدينة تمبكتو في 3 أبريل/نيسان 2012، وبعد أيام قلائل من هذا الحدث في أبريل 2012 وجّه زعيم أنصار الدين بيانًا إلى سكان تمبكتو عبر إذاعة محلية، قال فيه إن المجاهدين ـ في إشارة إلى القاعدة والجماعات الجهادية في المنطقة ـ اجتمعوا مع أنصار الدين وتعاهدوا على نصرة الحق وإقامة الدين ورفع الظلم عن المظلومين، وجمع شمل المسلمين، وتوحيد كلمتهم على كلمة التوحيد، داعيًا السكان إلى مساعدتهم في ذلك.

وقال "أبو الفضل" ـ كنية إياد غالي ـ إن من وسائلهم لتحقيق هذه الأهداف الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ثم جهاد الممتنعين عن تطبيق الشريعة. وفي 26 مايو/أيار 2012 وقّعت "أنصار الدين" اتفاقًا مع "الحركة الوطنية لتحرير أزواد"ـ وهي حركة لا تتخذ الطابع الديني الذي تتصف به "أنصار للدين"، وتسعى للانفصال بإقليم أزواد ـ نصّ على إقامة اتحاد بينهما تحت مسمى "المجلس الانتقالي لدولة الأزواد الإسلامية"، لكن خلافات حالت دون تنفيذ مشروع الاتحاد.

بينما أعلنت حركة "تحرير أزواد" استقلال إقليم أزواد من جانب واحد، ظل إياد غالي يجاهر: "أنا لست مع استقلال (شمال مالي)، أريد الشريعة لشعبي"، وهذه مفارقة كبيرة بين الحركتين.في الوقت نفسه، حذّر "إياد أغ غالي" - في تصريحات حديثة نسبت إليه - من أن نيران التدخل العسكري بمالي "ستطال كل شعوب المنطقة"، وأكد - في حديث لوكالة صحراء ميديا الموريتانية المستقلة نشر هذا الأسبوع - أن حركته "بذلت كل الجهود الممكنة من أجل تجنيب المنطقة ويلات الحرب"، ورأى أن "الحلول الأحادية لا تجدي نفعًا"، مشيرًا إلي رفض حركته "مبدأ الإملاءات".وفي النهاية، يجمع المتابعون للشأن المالي على أن أبعادًا عديدة اختلطت بها دعوة إياد غالي وحركته المسلحة، بعضها قبلي وآخر قومي وآخر انفصالي ثم أخيرًا البعد الإسلامي ومنزلة الدين لدى السكان المحليين.

ويقول مركز « الصحراء » الموريتاني للبحوث والدراسات  : أصبح اياد اغ غالي أكبر المنتصرين في غزو شمال مالي والزعيم الطارقي صاحب الشخصية النافذة الذي كان وسيط الغربيين في الإفراج عن رهائن «القاعدة» اليوم يقاتل «الكفار في سبيل الله».ويعلم اغ غالي مليا، حسب المقربين منه، بكل شيء في الصحراء الشاسعة المحيطة به؛ أي الرجال والمناخ وتاريخ الطوارق، وهو المتحدر من كيدال (شمال شرق مالي) قرب الحدود الجزائرية الذي ينتمي الى قبيلة ايفورا المتفرعة عن قبيلة ايراياكان.

ويعتبر الرجل القصير القامة والطويل اللحية وصاحب الوجه العابس، حكيماً من الاعيان الذين يستشارون في قبيلته التي تطلق عليه اسم «أسد الصحراء».وقد اشتغل الرجل وهو ابن عائلة من الرحل يربون الماشية وكان في شبابه مشغوفاً بسباقات الجمال، ميكانيكيا وموظفا إداريا في ليبيا والجزائر.وباسم «معاناة» شعبه أشهر السلاح في حركة تمرد طوارق سنة ،1990 وقاد هجوما لايزال مشهوراً على حامية عسكرية في ميناكا (أقصى الشرق) كان بمثابة اندلاع التمرد.واشتهر اغ غالي الزعيم السياسي والقائد العسكري في حركة ازواد الشعبية، بأنه يدعو رجاله الى الاكتفاء بمهاجمة رموز الدولة والأهداف العسكرية.وروى وزير سابق أنقذ غالي أحد اقاربه خلال النزاع، أن «اياد يتمتع بهدوء كبير ولا يثور ابداً في الاوضاع الصعبة».وبعد ان كان أول من انخرط في الكفاح المسلح، كان ايضاً من الذين أخمدوا نيرانه في يناير 1991 بالتوقيع على اتفاق وقف الأعمال العدائية المبرم بفضل وساطة جزائرية. وبعد انتهاء التمرد رفض الانخراط في الجيش المالي وتفرغ لأعماله ولم يظهر في الساحة السياسية والعسكرية لسنوات طويلة.وظل كذلك حتى العقد الأخير من القرن الماضي عندما طلبت منه اجهزة الاستخبارات الغربية مراراً وساطة في التفاوض من أجل الافراج عن رهائن احتجزها تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي.

وفي تلك الفترة التي يبدو أنه زار خلالها باكستان، تبلور «ايمانه» الحقيقي واشتد موقفه رغم أن المقربين منه يرون انه ليس متطرفاً بل ظل كريما ومضيافا.وفي حين كانت الحركة الوطنية لتحرير ازواد المدعومة بتدفق المقاتلين الطوارق المسلحين الذين كانوا في صفوف قوات الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، تعد العدة لهجوم على الجيش المالي في الشمال لزم اغ غالي التكتم.وبعد الانتصارات الأولى فرض اغ غالي نفسه ميدانياً، وقال خلال لقاء مع الحركة الوطنية لتحرير ازواد بعد السيطرة على تيساليت في نهاية يناير الماضي «أنا لست مع استقلال (شمال مالي)، أريد الشريعة لشعبي».كذلك حصل في مدينة تمبكتو حيث أسهمت الحركة الوطنية لتحرير ازواد في غزو «جوهرة الصحراء»، لكن حركة أنصار الدين طردتها منها فوراً وباتت مدعومة بمقاتلي تنظيم القاعدة الذي شوهد قياديوه الجزائريون الثلاثة الى جانب غالي.وصرح غالي لإذاعة تمبكتو المحلية ان «كل الذين ليسوا على نهج الله كافرون، ان كفاحنا هو الاصلاح، وأعداءنا كفار ووثنيون»، مثل «الغربيين الجاهلين». وأضاف الزعيم الطوارقي الذي أصبح الرجل القوي في شمال مالي الذي لا يمكن الاستغناء عنه، وبإمكانه ان يعول على قوة تنظيم القاعدة الضاربة «يجب علينا ان نقاتل كل من يعارض انتشار الاسلام، يجب القضاء عليهم، يجب علينا الجهاد في سبيل الله».

في فبراير 2013 كتبت صحيفة « الشرق الأوسط » اللندنية : عندما قاد إياد أغ غالي، زعيم جماعة أنصار الدين الإسلامية في شمال مالي، معارك كونا، مطلع يناير 2013 ، التي هاجم فيها جنودا ماليين يتدربون على يد عسكريين فرنسيين وأوروبيين مخلفا في صفوفهم عددا كبيرا من القتلى، بات مباشرة، الهدف الأول للقوات الخاصة الفرنسية التي دخلت الأراضي المالية بعد العملية بأيام، لحماية دولة مالي من الانهيار كما تقول باريس.وقاد أغ غالي المالي الجنسية، برفقة زميله عبد الحميد أبو زيد (أمير كتيبة طارق بن زياد)، المعارك في بلدة «ديابالي» التي طرد منها الجيش المالي، فارضا بذلك على الفرنسيين توسيع دائرة المواجهة معه وحلفائه قبل أن تبتلعه الصحراء ويتحصن في جبال تغرغارت، قرب كيدال في أقصى الشمال الشرقي لمالي على الحدود مع الجزائر.

ورغم كل الجدل الذي أثاره هذا الرجل الخمسيني من العمر، طيلة حياته، فإن كثيرين من أبناء جلدته يجمعون على أنه قائد تاريخي في إقليم أزواد، ساهم في إطلاق شرارة التمرد في 28 يونيو  1990، عندما هاجم مدينة منيكا، شمال شرقي مالي، على رأس الحركة الشعبية لتحرير أزواد، التي تأسست سنة 1984.فالرجل قصير القامة ممتلئ الجسم، الذي يرتدي العمامة التي تميز الطوارق في الصحراء الكبرى، يتمتع بهيبة كبيرة في مجالسه، ويرتدي ملابس أفريقية لا تخفي ثراءه الكبير. يصفه مراقبون بأنه «كتوم» ولا يتحدث في مجالسه إلا نادرا.

ويقول عنه أحد المحللين الموريتانيين المهتمين بالجماعات الجهادية في منطقة الساحل الأفريقي، التقاه عندما كان غالي ناشطا في جماعة الدعوة والتبليغ الباكستانية، التي تتجنب الخوض في القضايا الخلافية وتدعو إلى توحيد الأمة الإسلامية ونبذ العنف: «كان أغ غالي طيبا وبشوشا وفي غاية التدين، وذا هيبة في مجلسه، لكنه كتوم ولا يكثر من الحديث».مسيرة طويلة ومتقلبة خاضها غالي بدأت في الجبال القريبة من مدينة كيدال في أقصى الشمال المالي، حيث ولد لعائلة ذات نفوذ في قبائل الإيفوغاس الطوارقية، وهي القبائل المعروفة بأنها ذات شوكة وقوة في منطقة أزواد (كما يسمون الطوارق شمال مالي)، ويتحدث بعض أصدقاء أغ غالي في شبابه عن حياته الماجنة والمليئة بالموسيقى والشعر، والسهر على أحاديث السياسة.

جاء الجفاف ليضرب بقوة منطقة الساحل والصحراء، منهيا بذلك حياة الرغد التي عرفها الطوارق، فكان قدر شباب الطوارق ورجالهم أن يشدوا الرحال إلى ليبيا وبعض الدول المجاورة، ومن بين هؤلاء إياد أغ غالي الذي وصل في ثمانينات القرن الماضي إلى ليبيا لتبدأ مسيرة أخرى في بلاط العقيد الليبي الراحل معمر القذافي.,غالي المتحدر من أسرة غنية، تلقى في ليبيا تكوينا عسكريا في صفوف الكتيبة الخضراء التي شكلها القذافي من الطوارق؛ وبعد أن برع في التكوين استحق على العقيد الليبي أن يكون ضمن البعثة التي أرسلها إلى لبنان من أجل المشاركة في القتال إلى جانب الفلسطينيين ضد الميليشيات المسلحة والإسرائيليين.

ويشير بعض المقربين من إياد أغ غالي إلى أن مهمته في لبنان كانت أول تجربة عسكرية حقيقية له، وأنه عاد منها رفقة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، على متن باخرة فرنسية، لتبدأ بذلك قصة لهذا الزعيم الطوارقي مع الجيش الفرنسي لم تنته حتى اليوم؛ وتميزت بفترات تقارب وتنافر كانت «عملية القط الوحشي» آخر حلقاتها.بعد عودته من لبنان بسنوات، كان إياد أغ غالي رهن إشارة العقيد الليبي الراحل في مهمة نفذتها وحدات ليبية داخل الأراضي التشادية من أجل مساعدة المتمردين الذين يسعون إلى إسقاط نظام الرئيس السابق حسين حبري، ولكن الجيش الفرنسي كان بالمرصاد لهذه العملية فأوقفها.بعد كل هذه المغامرات العسكرية عاد غالي إلى شمال مالي مطلع التسعينات من القرن الماضي، حيث شرع في تشكيل قوة عسكرية متمردة ضد الحكومة المركزية في باماكو؛ وهو التمرد الذي استمر لأكثر من عشرين عاما كان أغ غالي هو المتحكم الرئيسي فيه، حيث خاض المعارك وأبرم الاتفاقيات، قبل أن يؤسس جماعة أنصار الدين العام الماضي ويسعى لتأسيس إمارة إسلامية هي الأولى من نوعها في أزواد.

ورغم التفاف بني جلدته حوله، فإن الخلافات بدأت تدب في صفوف مسانديه عندما أبرم اتفاقية «تمنراست» 1991 مع الحكومة المالية، مما أدى إلى تفكك الحركة الشعبية الأزوادية إلى ثلاث حركات قاد منها إياد أغ غالي الحركة الشعبية الأزوادية التي يمكن اعتبارها النسخة الأولى من حركة «أنصار الدين» ولكنها ذات طابع قومي، حيث شكلها من آلاف المقاتلين المتحدرين من قبيلته «الإيفوغاس».

كان إياد أغ غالي هو الداعم الوحيد للاتفاق الوطني سنة 1992. قبل أن يصل لدرجة إعلان حل الحركة الشعبية الأزوادية سنة 1996 بمناسبة الشعلة الوطنية في تمبكتو، ولكنه عاد إلى التمرد في «حركة الائتلاف الديمقراطي من أجل التغيير» التي أصبح أمينها العام، ليعود بعد ذلك إلى توقيع اتفاقية الجزائر سنة 2007.أصبح إياد أغ غالي في تلك الفترة مقربا جدا من السلطة المركزية في باماكو، حيث تم تعيينه نوفمبر (تشرين الثاني) من سنة 2007، مستشارا في القنصلية المالية بمدينة جدة في المملكة العربية السعودية؛ قبل أن يتم ترحيله سنة 2010 بتهمة «علاقات مشبوهة مع تنظيم القاعدة».

عاد أغ غالي بعد عامين بعد ذلك إلى الواجهة في جماعة «أنصار الدين» التي قال: إنها «حركة شعبية جهادية» تسعى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في مالي.ويرى معارضو إياد أغ غالي أن الغموض الذي يحيط به هو سر تفوقه وبقائه الزعيم التاريخي للتمرد في إقليم أزواد، سواء كان زعيما قوميا يحمل مشروعا وطنيا، أو زعيما جهاديا يسعى لتأسيس إمارة إسلامية. ويؤكد هؤلاء أنه رغم أن أغ غالي يتحدر من إحدى أكبر القبائل وأكثرها نفوذا في شمال مالي، فإنه احتاج إلى من يزيح عنه منافسيه ليتزعم المشهد في إقليم أزواد.

في هذا السياق يقول أبو بكر الأنصاري، مثقف وكاتب من الطوارق، لـ«الشرق الأوسط» إن «المخطط الذي قاد إياد أغ غالي إلى النفوذ في أزواد بدأ في الجزائر سنة 1992 عندما تم التوقيع على اتفاقية تمنراست، حيث قام بعض الجنرالات الجزائريين بإحداث شرخ وهمي بين بعض أهالي كيدال وتمبكتو، من خلال تضخيم دور بعض المجندين من صغار الضباط وتهميش محمد عالي الأنصاري، الزعيم السياسي لثورة 92».

ويضيف الأنصاري المقيم في نواكشوط، أن «أغ غالي بدأ مرحلة من التحالف مع باماكو بعد اتفاق تمنراست، حيث تآمر معها على الرافضين للاتفاقية، فشن حربا على الجبهة العربية الإسلامية لتحرير أزواد، قتل فيها آلاف من قبيلة «العرب البرابيش» وتسببت في فقدان العرب المقيمين في تمبكتو للثقة في جيرانهم الطوارق، مما جعل بعض العرب يفضل التحالف مع باماكو خوفا من بطش إياد أغ غالي».

ويواصل الأنصاري بالقول إن «غالي خاض أيضا حربه الخاصة ضد قبائل إمغاد الطوارقية، وهو ما يرجعه البعض إلى تنافس شخصي بينه وبين الهجي أغ غامو، الضابط في الجيش الحكومي المالي، وهي الحرب التي أشعلت صراعا بين الحركة الشعبية لتحرير أزواد بقيادة إياد والجيش الثوري لتحرير أزواد بقيادة عبد الرحمن غلا، ولكن أغ غالي تمكن في النهاية من كسب الحرب بعد أن فقدت القبيلتان اللدودتان الكثير من المقاتلين».

وبنظرة تشكيك في هذه الحروب والأحداث التي رافقت صعود نجم إياد أغ غالي، يقول الأنصاري إن «هناك جهات إقليمية كانت تفتح لأغ غالي الأبواب وتزيح من أمامه المنافسين، فقتل مانو دياك 1995، الذي نافسه بقوة على الزعامة في إقليم أزواد، كما قتل إبراهيم أغ بهنغا أواخر عام 2011 في حادث سير مريب، وتم تهميش عيسى سيدي محمد رئيس الجبهة الشعبية لتحرير أزواد».

آخر محطات حياة أغ غالي إثارة تلك التي تتعلق بتحوله من شاب مقبل على الحياة إلى رجل هادئ شديد الالتزام بتعاليم الدين الإسلامي من خلال رؤية سلفية بدأت حين أصبح يرفض مصافحة النساء ويفرض الحجاب على زوجته ويقيم الشريعة في محيطه العائلي، وأصبح أحد أكبر الناشطين في جماعة الدعوة والتبليغ الباكستانية، ليقوم برحلات دعوية قادته إلى عدد من الدول الأفريقية المجاورة لمالي من بينها موريتانيا.

غير أن مرحلة الدعوة والتبليغ لم تكف الرجل الذي أصبح يحمل رؤية سلفية جهادية، وكبر مشروعه ليصبح إقامة إمارة إسلامية تطبق الشريعة الإسلامية في إقليم أزواد تحت راية «أنصار الدين».وفي تلك الأثناء بدأت علاقات إياد أغ غالي مع الجماعات الإسلامية المسلحة وعلى رأسها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، خاصة عندما اختطف التنظيم سنة 2003 أربعة عشر سائحا أوروبيا، لعب غالي دورا كبيرا في الوساطة من أجل تحريرهم، مستخدما في ذلك نفوذه القبلي والعسكري وشبكة علاقات معقدة مع الجماعات الإسلامية المسلحة التي اندمجت اجتماعيا مع القبائل المحلية.

غير أن الوجه الآخر للوساطات التي قام بها غالي ما بين تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والدول الغربية، تمثل في حصوله على عمولات مادية كبيرة زادت من ثرائه ليصبح واحدا من أثرياء المنطقة التي تعاني من الفقر وينتشر فيها التهريب بكافة أنواعه.وبالتوازي مع ذلك نمى التوجه الديني لدى إياد أغ غالي وتوطدت علاقاته مع زعماء التنظيمات السلفية الجهادية، ليتحول فيما بعد من حامل للمشروع الوطني القومي إلى صاحب مشروع إمارة إسلامية.يقول إسلم ولد صالحي، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية في الساحل الأفريقي، لـ«الشرق الأوسط» إن «إياد أغ غالي شخصية لها وزن في إقليم أزواد، حيث بدأ مشروعه بالخطاب القومي وكان من قادة انتفاضة الطوارق سنة 1991. بعد ذلك وقع عددا من الاتفاقيات وهو مؤمن بأن حل القضية الأزوادية يمكن أن يكون سياسيا، ولكن – وللأسف- خاب أمله بعد الاتفاق الأخير الموقع في الجزائر سنة 2007، لأن البنود السياسية والاقتصادية والاجتماعية للاتفاق لم تطبق، في الوقت الذي طبق البند المتعلق بتخلي الطوارق عن السلاح؛ فكان بالنسبة له هذا الاتفاق مجرد محاولة لتحييد الطوارق ووأد مشروعهم.. فكانت خيبة أمله كبيرة».

ويضيف ولد صالحي «خيبة الأمل التي تعرض لها إياد أغ غالي تزامنت مع نزعة دينية قوية، ويعرف الجميع أنه منذ عشر سنوات انضم لجماعة الدعوة والتبليغ وسافر في رحلاتها الدعوية التي قادته سنة 2002 إلى مدينة نواذيبو في أقصى الشمال الموريتاني؛ وأمام تنامي هذه النزعة الدينية وتغذيتها بخيبة الأمل تحول أغ غالي من المشروع القومي إلى المشروع الديني، فسعى إلى تأسيس جماعة أنصار الدين التي طبقت الشريعة الإسلامية في مناطق واسعة من إقليم أزواد وقعت تحت سيطرته».

وأمام هذا التوجه الجديد لغالي يعود أبو بكر الأنصاري، ليقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن «إياد أغ غالي كان زعيما للثورة في أزواد، ولكنه باع قضيته وخان المسيرة الوطنية وتحول إلى أداة تتلاعب به دول الجوار، وخاصة الجزائر، من أجل تخريب المشروع الوطني الأزوادي».ويرجع أبو بكر الأنصاري التحاق مئات المقاتلين الطوارق بمشروع إياد أغ غالي الجديد لإقامة إمارة إسلامية في أزواد، إلى أن «منطقة أزواد تعيش أوضاعا اقتصادية صعبة والناس فيها يعانون من الفقر نتيجة للبطالة والجوع والجهل، وبالتالي فإنه عندما يأتي شخص مثل إياد أغ غالي ثري ولديه أموال طائلة فإنه يستطيع أن يشتري ذمم الجميع ويحولهم إلى مقاتلين لا يعصون له أمرا، خاصة إذا كان يتحدر من قبيلة عريقة وذات نفوذ».

ويحمل الأنصاري مسؤولية التدخل الفرنسي في شمال مالي، لإياد أغ غالي معتبرا أن ما قام به مؤخرا هو السبب المباشر للتدخل الفرنسي، مشيرا إلى أن هذا التدخل مرفوض لأنه جاء ليرجح كفة الدولة وليطمس معالم القضية الوطنية الأزوادية، على حد تعبيره.وبين المشككين في إياد أغ غالي والمتفهمين له، يبقى الرجل واحدا من أكثر زعماء الطوارق إثارة للجدل، حيث استطاع أن يكون صاحب القرار المسموع في إمارة إسلامية زاد عمرها على عشرة أشهر في إقليم أزواد بالشمال المالي، وهي الفترة التي يرى إسلم ولد صالحي أنه أحرج فيها المحللين الغربيين حين عجزوا عن إلحاق صفة الإرهابي به.

وفي هذا السياق يقول ولد صالحي إن «إياد أغ غالي وضع المحللين الغربيين في حرج كبير؛ لأن المناطق التي وقعت تحت سيطرته لم يتم فيها اختطاف أي مواطن غربي، بل إنه أعاد مواطنة سويسرية وآخر إسبانيا إلى السلطات في وغادوغو وباماكو، بعد أن تم اختطافهما؛ كما لم تستهدف فيها مصالح الدول الغربية، وبالتالي فإنه إلى حد الآن لم يرتكب ما يجعل هؤلاء المحللين قادرين على وصفه بالإرهابي».