تصاعد الانخراط التركي في الصراع الليبي، وذلك عبر تكثيف عمليات تهريب الأسلحة والمقاتلين من تركيا إلى ليبيا، سواء كان ذلك جوًّا أو بحرًا، خاصةً في ظل الهزائم المتتالية لميليشيات حكومة الوفاق في مواجهة الجيش الوطني الليبي.

وتسعى تركيا جاهدة، عبر مسارات مختلفة، للاستفادة من أجواء الحرب الليبية، للخروج بحزمة مكاسب تمكنها من رسم خريطة البلد الغني بالنفط، على نحو يخدم مصالحها. وهي إذ تعلل بحماية جغرافيتها وإرثها القديم، تتزايد المخاوف من أن تشرع  أنقرة الباب أمام حرب إقليمية ربما تطول، سيكون الخاسر فيها الشعب الليبي بكل أطيافه ومناطقه.

في ذات الإطار،قال المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري، إن تركيا تحشد الأفراد والمعدات لتنفيذ الهجوم على مدينة ترهونة، جنوبي العاصمة طرابلس.

وأضاف المسماري في مؤتمر صحفي، مساء الأحد، أن الجيش مستمر في تطهير مناطق أقصى الجنوب الغربي، بمحاذاة الحدود الليبية مع تشاد، و"نحن نراقب تحركات الميليشيات هناك".

وأوضح: "تركيا وجماعات تنظيم القاعدة وراء تحرك المليشيات في كافة مناطق ليبيا، وهناك قيادة ميدانية تركية خاصة في مناطق الجنوب الغربي".

ومؤخرا أعلن الجيش الوطني الليبي إسقاط طائرة تركية مسيرة شرقي مصراتة، وذلك بعد يوم واحد من إسقاط طائرة تركية مسيرة أخرى جنوبي طرابلس.

وتستمر أنقرة في تقديم دعمها العسكري للمجوعات الموالية لحكومة فايز السراج، رغم الدعوات الدولية لوقف التدخل الأجنبي في الشؤون الليبية.

وكانت قوة تابعة للجيش الوطني الليبي قد تمكنت من أسر عدد من المرتزقة السوريين والمطلوبين الليبيين، من بينهم أحد كبار قادة تهريب البشر جنوب العاصمة.

وأكد المسماري أن بعض العناصر المتورطة في عمليات إرهابية وعمليات اتجار بالبشر، تم أسرها داخل مدرعة تركية، مشيرا إلى أن تركيا توسع أنشطتها الإجرامية داخل ليبيا.

وبدأت أنقرة التخطيط لوضع أقدامها في ليبيا عبر توقيع مذكرتي تفاهم بين رئيس حكومة الوفاق فائز السراج والرئيس رجب طيب إردوغان في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الأولى تتعلق بالتعاون الأمني والعسكري، والثانية بتحديد مناطق الصلاحية البحرية في البحر المتوسط، 

وصادق البرلمان التركي، نهاية شهر ديسمبر، على مشروع قرار يسمح بإرسال قوات عسكرية مدة عام لمساندة حكومة الوفاق في مواجهة الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر.

من جانب آخر،كشفت الصحفية الأمريكية المتخصصة في تغطية الأزمات الإنسانية والصراعات، ليندسي سنيل، أن الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا، أعلن وقف نقل المرتزقة السوريين إلى ليبيا لمدة تسعة أيام، موضحة أن هذا التوقف "ليس بسبب تفشي وباء "كورونا المستجد"، بل لأن عناصر الجيش السوري الحر، ليست على استعداد للذهاب إلى ليبيا بعد أسابيع من الخسائر الفادحة.

وأوضحت سنيل في تغريدة لها على صفحتها على "تويتر" أن المقاتلين المرتزقة يقولون "لا أحد يريد الذهاب، لأنهم يرسلوننا لنموت"، بحسب تعبيرها.

ويأتي نفور المقاتلين المرتزقة من التوجه للقتال في ليبيا بعد حالة الاستياء التي سادت آلاف المقاتلين الذين دفعت بهم أنقرة إلى الحرب الليبية، دون أن تفي بوعودها تجاههم من حيث تسديد الرواتب، بحسب تقرير للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

وأوضح المرصد أن المرتزقة الذين تم الدفع بهم إلى ليبيا عبروا عن ندمهم ودعوا الراغبين في الذهاب إلى ليبيا أن يتراجعوا عن قرارهم "لأن الوضع ليس جيدا إطلاقا، فالأتراك تخلفوا عن دفع مستحقات المقاتلين البالغة 2000 دولار أمريكي للشهر الواحد".

من ذلك،يرى مراقبون أن نظام أردوغان يسعى لتحقيق أهدافه الاقتصادية، بعد تراكم الدين الخارجي، وتراجع قيمة الليرة، فضلا عن أسباب أخرى تتعلق بمحاولات إحياء ما يسمى بالعثمانية الجديدة.

وتنخرط تركيا في دعم حكومة فايز السراج بالعاصمة الليبية طرابلس و المجموعات المسلحة التابعة له بالمال والسلاح، وإرسال المرتزقة السوريين الموالين لها، على الرغم من قرار مجلس الأمن الدولي بحظر توريد السلاح إلى ليبيا منذ 2011.