يعد جامع عقبة بن نافع الشهير في مدينة القيروان التونسية، من أقدم المزارات في المغرب العربي والعالم الإسلامي، وهو أيضًا أحد أرقاها بالنظر إلى هندسته وطريقة بنائه وصومعته الكبيرة وأعمدته التي بقيت صامدة إلى اليوم. يعتبر إلى جانب مكة والمدينة والقدس رابع قبلة للمسلمين، وتم وضعه منذ العام 1988 على لائحة اليونسكو للتراث العالمي.
سمي الجامع على اسم مؤسسه عقبة بن نافع وهو تابعي قرشي من بين أبرز قادةالفتح الإسلامي للمغربفي عهدالخلافة الراشدةثمالدولة الأموية، وواليإفريقيةمرتين (47–55هـ) و(62-63هـ) في عهديمعاوية بن أبي سفيانويزيد بن معاوية.
شُيِّد الجامع عام 670م، الموافق للسنة الخمسين للهجرة حسب التقويم الإسلامي. بناه الفاتح عقبة في نفس وقت بناء مدينة القيروان. وقعت له العديد من التغييرات في فترة حكم الأغالبة حيث أعاد الأمير أبو محمد زيادة الله الأول بناءه إلى أن أصبح بشكله الحالي عام 836م، قبل أن تضاف له بعض القباب في عام 1316م.
كان المسجد خلال قرون في الجزء الشمالي الشرقي من مدينة القيروان، في المنطقة الداخلية لحومة الجامع. وهذا الموقع في الأصل يتوافق مع قلب النسيج العمراني للمدينة الذي أسسه عقبة بن نافع. ولكن نظرًا للطبيعة الخاصة للتضاريس فقد تم التوجه الحضري نحو الجنوب وبقاؤه هو على الأطراف.
يقع في محيط مستطيل طوله 125 مترا وعرضه 75 مترا. مبني من الحجر المنحوت ويظهر كحصن له 8 بوابات وأبراج وحصون. يحتوي على العديد من البقايا الأثرية مثل أعمدته القديمة أو أقدم منبر في العالم الإسلامي. غرفة الصلاة فيه مزينة بالبلاط الفخاري القديم ، وكذلك بأبواب من خشب الأرز اللبناني. في الفناء المكسو بالرخام توجد مئذنة من 3 طوابق وساعة شمسية ضخمة تشير إلى وقت الصلاة.
من الناحية الجمالية، يظهر الجامع الكبير بالقيروان كأجمل بناءات الحضارة الإسلامية في المغرب العربي. يجعلها عمرها وجودة هندستها المعمارية جوهرة الفن الإسلامي. وتشير العديد من الأعمال فيه إلى قيمة الفن الإسلامي المسوحى بدوره من هندسة وافدة خاصة الرومانية واليونانية مع الاختلاف في تجنب وضع مجسمات الكائنات الحية سواء كانت بشرية أو حيوانية والاكتفاء بأشكال نباتية ونجوم وأحرف عربية.
كان الجامع لفترات طويلة مركزا علميا ومقصد العديد من رجال الدين والعلماء، أين تُقدّم فيه دروس العلوم الشرعية والإنسانية قبل أن تنتقل تدريجيا إلى جامعة الزيتونة بالعاصمة التي افتكت مع الزمن القيمة الرمزية لجامع عقبة بن نافع، لكنه حافظ على مكانته الاحتفالية في المناسبات الدينية حيث أصبح قبلة الزوار في شهر رمضان ويأتيه الألاف من مختلف مناطق البلاد.