بدت إطاحة وزير الخارجية المصري د. نبيل فهمي، من التشكيل الجديد لحكومة إبراهيم محلب، مفاجئة للجميع، إذ أنه قاد الدبلوماسية المصرية في مساراتها من أجل تحقيق تغير ملموس في وجهات نظر المجتمع الدولي حول الأوضاع في مصر، وتوضيح حقيقة الثورة الشعبية التي قامت في 30 يونيو، لدحر ادّعاءات جماعة الإخوان التي تُروّج لأن «انقلاباً عسكرياً» وقع في مصر وليس ثورة شعبية.

وغير أن الدبلوماسية المصرية بقيادة فهمي نجحت بصورة كبيرة في تعديل الدفة، وتخطي عوائق عدة منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي وجماعته، وحصدت نجاحاً تلو الآخر، كان آخرها النجاح المتمثل في عودة مصر إلى الاتحاد الأفريقي، وهو الخبر الذي تلقاه الوزير الجديد السفير سامح شكري حصاداً لجهود الدبلوماسية المصرية بعد الثورة، إلا أن محلب أطاح فهمي في التشكيل الوزاري الجديد، الأمر الذي خلّف العديد من علامات الاستفهام.

بيد أن مصدراً مُقرباً من فهمي أكد في تصريحات خاصة لـ«البيان»، أنه تلقى خبر الإطاحة به بترحيب ما، من منطلق كونه قد أسرَّ لمقربين منه أنه يُفكر في تقديم الاستقالة، والعودة إلى مزاولة حياته الأكاديمية، إلا أن مراقبين، رأوا أن تصريحات فهمي التي وصف فيها العلاقة بين مصر والولايات المتحدة على أنها «زواج شرعي، وليس نزوة»، والتي أثارت جدلاً واسعاً في الشارع المصري قبل شهور وأسهمت في تخبط داخل وزارة الخارجية بعد نفي تلك التصريحات تأكيدها، تلك التصريحات هي السبب الرئيسي وراء الإطاحة به، خاصة أن تلك التصريحات قد أدت إلى مطالبة الكثيرين من الشخصيات العامة والإعلاميين والقوى السياسية بإقالته.

ويأتي ذلك في وقت ترددت أنباء أن فهمي يُعد من المحسوبين على محمد البرادعي، النائب السابق للرئيس المؤقت عدلي منصور، والذي استقال على خلفية فض اعتصام الإخوان في رابعة العدوية، خاصة وأن البرادعي كان يعمل بمكتب والد فهمي وزير الخارجية الأسبق إسماعيل فهمي، فيما تجاوزات التكهنات الخاصة بالدوافع الرئيسية وراء الإطاحة بفهمي إلى أبعد من ذلك، حيث رأى البعض أن فهمي مُتورط بشكل ما في الدفاع عن عناصر إخوانية، أو تبني وجهات نظر الجماعة، وتربطه علاقة ما ببعض قياداتها، وهو ما تردد على نطاقٍ واسع خلال الفترة الأخيرة.

ورغم النجاحات التي حققتها الدبلوماسية المصرية على مدار الفترة السابقة، إلا أن البعض في تعاطيهم مع أسباب الإطاحة بفهمي، أكدوا أنه «لم يكن يعبر عن التوجه المصري، ويؤمن ويسلم بأن الولايات المتحدة بيديها 99.9 في المئة من اللعبة السياسية بالعالم كله»، وهو ما يؤكده رئيس حزب حياة المصريين البرلماني السابق محمد أبو حامد، والذي لفت إلى أن فهمي كان لا يُمانع من فكرة تبعية مصر إلى دول أجنبية كأميركا، بعكس الوزير الجديد، وعلى خلاف التوجه المصري الجديد عقب ثورة 25 يناير 2011، والتي أسست لمبدأ الندية في التعامل الخارجي، وعدم التبعية لأية دولة أياً كانت.

 

مطالب بالشفافية

ناشد القيادي في حزب التجمع اليساري حسين عبد الرازق، رئيس الوزراء إبراهيم محلب بمصارحة الشعب بالأسباب والدوافع التي أدت إلى الإطاحة بوزراء والإبقاء على آخرين، خاصة الإطاحة بوزير الخارجية نبيل فهمي.

ووفق ما يؤكده مراقبون، فإن إطاحة فهمي كانت مفاجأة للشارع المصري، الذي يُطالب حكومته باتباع سبل ديمقراطية وشفافية واضحة، وأن تُعلن صراحة عن أسباب الإبقاء على وزراء وإطاحة آخرين.

 

*نقلا عن البيان الإماراتية