كان مقتل سالم دربي، أمير «كتيبة شهداء بوسليم» والقيادي في «مجلس شورى مجاهدي درنة» الحدث الأبرز الذي كشف للجميع حقيقة الصراع بين أتباع تنظيم القاعدة «فكريا وتنظيميا» وأتباع الدولة الإسلامية «داعش». صراع دفين انطلق منذ منتصف العامالماضي، يوم أعلن تنظيم «مجلس شورى شباب الإسلام» مبايعته لزعيم داعش أبو بكر البغدادي، واعلان فرع التنظيم بليبيا تحت مسمى «ولاية برقة».

في يونيو 2014 أعلن أبو بكر البغدادي زعيم "داعش"  قيام الخلافة الإسلامية وتنصيب نفسه خليفة للمسلمين. لم يجد الإعلان عن "الخلافة الإسلامية الوليدة" ذلك الصدى المتوقع داخل الساحة الجهادية. في كلمته التي أعلن فيها قيام الخلافة الإسلامية، ونشرت يوم 29 يونيو 2014، أشار المتحدث باسم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» أبو محمد العدناني إلى مسألة خطيرة تخص بقية المجاميع الجهادية الناشطة في العالم بالقول :" بطلان شرعية جميع الإمارات والجماعات والولايات والتنظيمات التي يتمدد إليها سلطان الخليفة ويصلها جنده،فبعد هذا التمكين وقيام الخلافة بطلت شرعية جماعاتكم وتنظيماتكم. ولا يحل لأحد منكم يؤمن بالله أن يبيت ولا يدين بالولاء للخليفة" كما توعد العدناني بقتال كل من لا يبايع الخليفة البغدادي داعياً إلى "شق رأس كل من يحاول شق الصف ".فخطاب العدناني تهديد ضمني لقادة و زعماء الحركات و التنظيمات الجهادية الناشطة في المنطقة و قرار من داعش بالتفرد بالساحة الجهادية بعد صراع مع تنظيم القاعدة انتهى بالقطيعة الكلية و وصل حد الاقتتال في الداخل السوري.

انتقل الصراع الى الساحة الليبية مبكرا متأثرا بالاقتتال الذي جرى في الساحة السورية. عموما تستقطب داعش في منطقة شمال إفريقيا الكثير من الانصار ،فالساحة الجهادية المغاربية أصبحت في الآونة الأخيرة تعيش حالة من التململ على وقع الصراع بين القاعدة و داعش الأمر الذي ألقى بضلاله على "ولاء العناصر الشبابية" الميال نحو داعش .في هذا السياق لقي جهادي ليبي تابع لداعش عاد للتو من سوريا حتفه في درنة في يوينو 2014 في ثأر بين الجماعات الجهادية المتنافسة. وأصدرت كتيبة البتار الليبية التابعة للدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) بيانا عبر مواقع التواصل الاجتماعي يوم 9 يونيو 2014 قالت فيه إن "الرؤوس ستقطع وتبقر البطون وستمتلئ ليبيا بالقبور ثأرا للمهدي سعد أبو الأبيض الغيثي.وقُتل الغيثي في اشتباك مع كتيبة شهداء أبو سليم، ما أجج الصراع بين الجماعات الجهادية".

قبل ذلك و في و في مطلع أبريل 2014 ،أعلن تنظيم ذو توجهات سلفية جهادية يطلق على نفسه "مجلس شورى شباب الإسلام" و يتمركز  بمدينة درنة في أقصى الشرق ، عن تشكيل ما يسمى بــ" لجنة شرعية لفض النزاعات والصلح بين الناس بشرع الله" على حد تعبيره، و مهمتها "تطبيق الشريعة "على حد زعم القائمين عليها، وذلك خلال استعراض عسكري كبير نسبيا، كشف عن امتلاك القوى الجهادية في البلاد عن أسلحة ثقيلة و متطورة ،مما يجعل مدينة كدرنة نخضع كليا لسيطرة الجماعات الجهادية التي منعت إجراء حتى الانتخابات المحلية في المدينة في وقت سابق لتعارضها مع "الشريعة الإسلامية" حسب زعمها. هذا التنظيم الجديد سيتحول مع بداية سبتمبر 2014 الى فرع تنظيم الدولة الإسلامية – داعش-تحت اسم "ولاية برقة". و سيقاتل الجميع ، الجيش الليبي و قوات فجر ليبيا و حليفها الأبرز "مجلس شورى مجاهدي درنة" الذي يعد سالم الدربي من أبرز أعضائه.الدربي الذي انتمى للتيار الجهادي الليبي منذ شبابه و ساهم بشكل واسع في تمكينه بعد سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، تحول الى احد ضحايا هذا التيار، بعد ان تفرقت بجماعاته السبل بين أفكار داعش و أفكار القاعدة.

لا يختلف أتباع داعش و القاعدة في جوهر المشروع و هدفه فاختلافهم الدامي، لا يتجاوز التكتيك و الطرق. ففي أخر تصريحات أدلى بها، نفى المتحدث الرسمي باسم كتيبة شهداء بوسليم في درنة محمد إدريس طاهر الشهير بالديسكة في أن تكون للكتيبة أي علاقة بتنظيم القاعدة أو البغدادي أو أي تنظيم أو جماعة خارجية أو حزب سياسي.موضحاً أنهم جنود لكل من يحكم بشرع الله بتطبيقه في كل المؤسسات” في الإقتصاد والصحة والتعليم والعدل والقضاة والداخلية” .و في توضيحه أكد ما نفاه.

كما كشف عن البدايات الأولى لتصاعد الظاهرة الداعشية داخل مدينة درنة،في تصريحات نقلها موقع "أخبار ليبيا 24" : » الدواعش كانوا متواجدين في المدينة  بأعداد بسيطة و أفراد عاديين من داخل المدينة ولم يكن معهم أي عنصر أجنبي”.و أوضح أن الدواعش استغلوا انسحاب الكتيبة و الفراغ الذي خلفته و أنطلقوا يعيدون تشكيلاتهم في مجموعات “و بدأت الإغتيالات في درنة و التفجيرات وزاد الفزع والخوف”مبيناً أن الكتيبة أثرت عدم تتدخل لأن المواطنين في درنة كانوا ضدهم وهم من أبعدها عن الساحة داخل المدينة و أنها رضخت لمطالب المتظاهرين”.و تابع” عمل الدولة الإسلامية كان ممنهجا وتكاثرت أعدادهم وزاد معهم الفساد وعملوا تحت مسمى ” مجلس شباب الإسلام ” وأنضم لهم الكثير من شباب درنة وإلى ذلك الوقت لم يدخل العنصر الأجنبي في هذا التنظيم ،و بعدها اندرج هذا التنظيم تحت البغدادي وتوسعت رقعة الإرهاب “.